في ظل التغيرات المتلاحقة التي يشهدها العالم حاليا ومايموج به من تكتلات اقتصادية إقليمية ، ودولية ، تبرز الحاجة الى تعميق وتفعيل التعاون الاقتصادي العربي المشترك وإقامة السوق العربية المشتركة .. فى هذا السياق ، تعقد غداً " الخميس " الموافق 7 يونيو بمقر الأمانة العامة للجامعة العربية أعمال الدورة 85 لمجلس الوحدة الاقتصادية العربية على المستوى الوزارى برئاسة العراق وحضورالأمين العام للمجلس الدكتور أحمد الجويلى والأمين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى ومشاركة وزراء المالية والتجارة والاقتصاد للدول الأعضاء بالمجلس أو من يمثلونهم وهم مصر والسودان والصومال وموريتانيا وفلسطين والأردن والعراق وسوريا واليمن . ويتضمن جدول أعمال الدورة أربعة بنود رئيسية تتناول عدداً من القضايا الهامة ،وفى مقدمتها السوق العربية المشتركة وتنمية التبادل التجارى وآخر تطورات برنامج التبادلية التجارية والاستثمار والتنمية ، إلى جانب دعم التنمية فى الصومال والمساهمة فى مسيرة إعادة إعماره فضلاً عن قرار القمة العربية الأخيرة فى الرياض بعقد قمة اقتصادية عربية . وسيعرض على الدورة تقريرعن التطورات الاقتصادية العربية والدولية يتضمن ستة أقسام رئيسية حول المحاور الرئيسية فى الاقتصاد العالمى والعربى لعام 2006 .ويكشف التقرير عن تحسن معدل الأداء الاقتصادي للدول العربية فى العام الماضى 2006 قياساً بالسنوات السابقة فى جوانب الناتج المحلى الإجمالى والنمو الاقتصادي والتوسع فى الإنفاق الاستثماري والاستمرار فى تطبيق سياسات وبرامج الإصلاح الاقتصادي وزيادة فعالية القطاع الخاص بالدول العربية .وتتطرق مناقشات الدورة الوزارية ال85 إلى المتأخرات المالية المستحقة على الدول الأعضاء بالمجلس والتى وصلت فى أول شهر مايو الماضى إلى ستة ملايين و544 ألفاً و624 دولاراً .
وتتضمن مقترحات مجلس الوحدة الاقتصادية بالنسبة للموضوعات المطروحة على القمة أربعة موضوعات رئيسية تتعلق بدعم برنامج تنمية الاستثمار فى المنطقة العربية، والاستثمار المشترك فى مجال المشروعات العربية المشتركة واقتراح إنشاء مؤسسة تمويل عربية ، وضرورة استمرار العمل التكاملى بهدف إقامة السوق العربية المشتركة، وعرض موضوع تنمية وتطور قطاع النقل العربى . وفيما يتعلق بتدعيم برنامج تنمية الاستثمار فى المنطقة العربية، دعا جويلى إلى التوسع فى الاستثمار فى المنطقة العربية باعتبارها مدخلاً هاماً للتكامل العربى سواء لإنتاج سلع وخدمات تحتاجها الدول العربية أو لدفع عجلة التنمية ومواجهة التحديات المعاصرة للاقتصاد العربى .
ونبه الدكتور أحمد جويلى الأمين العام لمجلس الوحدة القتصادية العربية إلى ان العالم العربى يواجه العديد من التحديات الخطيرة منها ارتفاع معدلات البطالة إلى مستويات مرتفعة قد تكون من بين أعلى المعدلات فى العالم ، حيث تتراوح ما بين 15 – 20 فى المائة من قوة العمل العربية منها 60 فى المائة من الشباب المتعلم .. كما أن قوة العمل العربية تزيد سنوياً بمعدل يبلغ 3 فى المائة بما يعنى أنه بعد عشر سنوات يمكن أن يصل حجم البطالة إلى 50 مليون نسمة وهو ما يمثل فى حد ذاته إهداراً لمورد بشرى هام هو الأساس فى التنمية فضلاً عن تداعياته الاجتماعية والسياسية الخطيرة . وأشار جويلى إلى الإنخفاض المستمر فى مستوى نصيب الفرد من الناتج العربى الإجمالى مع اعتماد الصادرات العربية فى 70 فى المائة منها على الصادرات البترولية .. الأمر الذى يتطلب تنويع القواعد الانتاجية والخدمية لرفع مستوى المعيشة والحد من الفقر والحد من تهميش الاقتصاد العربى فى الاقتصاد العالمى . وحذر من خطورة اعتماد المنطقة العربية على التكنولوجيا المستوردة الأمر الذى يتطلب دعم البحث العلمى على المستويين القطرى والقومى . وشدد جويلى على أن هذه التحديات تستدعى التوسع فى الاستثمار فى المنطقة العربية فى إطار برنامج يأخذ فى الاعتبار الاحتياجات والميزات النسبية للمنطقة.. مُشيراً إلى أن المنطقة العربية ليست منطقة عجز فى الأموال خاصة وأن رأس المال متوافر وكاف لإحداث التنمية المطلوبة إلا أن هذه الأموال ولأسباب موضوعية لا تستثمر فى المنطقة العربية خاصة فى دول العجز المالى وذلك لأسباب كثيرة يتم التعبير عنها بما يسمى " مناخ الاستثمار " .
وقد تبنى مجلس الوحدة الاقتصادية العربية بالتعاون مع الصندوق العربى للإنماء الاقتصادي والاجتماعى العديد من الإجراءات والبرامج لتحسين مناخ الاستثمارفى المنطقة العربية منها إقامة خريطة الاستثمار للمنطقة العربية والتى تضم 4 آلاف فرصة استثمارية مصنفة قطاعياً وتشمل 15 دولة عربية ونحو20 هيئة عربية وتشتمل على العديد من المعلومات المفيدة للمستثمر العربى والأجنبى مثل الاتفاقيات العربية فى مجال الاستثمار وحالة الاقتصاديات القطرية وقوانين الاستثمار وهيئات الاستثمار فى الدول العربية وغيرها . كما أقام المجلس آلية الاستثمار فى الدول العربية والتى تتكون من القطاع الخاص العربى من خلال الاتحادات العربية النوعية وهيئات وأجهزة الاستثمار فى الدول العربية .. موضحاً أن مهمة هذه الآلية هى اقتراح السياسات التى تحد من معوقات الاستثمار فى الدول العربية وأيضاً ترويج الاستثماروالتنسيق بين مشروعات التنمية لضمان تكاملها وعدم تنافسها .
وتبنت هذه الآلية حتى الآن إنشاء مكتب لترويج الاستثمار العربى وإصدار بطاقة المستثمر العربى والتى تسمح لحاملها بالدخول دون تأشيرة إلى الدول العربية التى توافق على ذلك إلى جانب وضع نظام جغرافى لتوجيه الاستثمارات والعمل على التأكد من فاعليتها والاهتمام بتنمية نشاط رأس المال المخاطر لتبنى الأفكار الحديثة المطلوبة لتطوير الاقتصاد العربى ودعم برنامج التبادلية التجارية والاستثمارية بين الدول العربية . وشدد جويلى على أن مواجهة هذه التحديات ودعم التنمية العربية يتطلب تنفيذ برنامج تنموى للمنطقة العربية " خطة مارشال عربية " للنهوض بمعدل النمو الاقتصادى العربى من مستواه الحالى والذى يقدر بمستوى يتراوح ما بين 3 إلى 7 فى المائة وهو ما يستدعى رفع نسبة الاستثمار العربى من 20 فى المائة من الناتج المحلى الإجمالى إلى نحو 30 فى المائة .
ومن المقترح تكليف مجلس الوحدة الاقتصادية العربية بدراسة معالم هذا البرنامج واحتياجاته ومراحله للعرض على القمة العربية القادمة وتعزيز مجلس الوحدة مالياً لتطوير أعماله فى مجال تحسين مناخ الاستثمار فى المنطقة العربية من خلال تحديث الخريطة الاستثمارية وتطويرها . وفيما يتعلق بالاستثمار المشترك فى مجال المشروعات المشتركة واقتراح إنشاء مؤسسة تمويل عربية ،هناك عدة مقترحات من مجلس الوحدة الاقتصادية فى هذا الإطار للعرض على القمة العربية الاقتصادية المرتقبة منها الاستمرار فى تحسين مناخ الاستثمار الخاص فى المنطقة العربية لاستكمال المنظومة التشريعية فى هذا الشأن خاصة الفصل فى المنازعات فى مجالات التجارة والاستثمار ودعم الخدمات المساندة للاستثمار خاصة فى مجالات النقل والاتصالات والكهرباء والطاقة وإتاحة التمويل الكافى لدراسات الجدوى وما قبل الجدوى للمشروعات العربية المشتركة ومساندة تأسيس الشركات المشتركة بتوفير مصادر التمويل لها على أسس تجارية . كما أن مقترحات المجلس تتضمن البدء فى إنشاء مجموعة من الشركات العربية المشتركة برؤوس أموال ضخمة فى مجالات الزراعة والأمن الغذائى والصناعات الهندسية والبتروكيماويات ودعوة الدول العربية ممثلة فى القطاع الخاص بالمساهمة فى هذه المشروعات .
بل إن الأمانة العامة للمجلس تبنت فى الفترة الأخيرة بالتعاون مع بعض الاتحادات والمنظمات العربية إعداد دراسات الجدوى لمجموعة من الشركات العربية كإستثمارات مشتركة للقطاع الخاص وهى الشركة العربية للتجارة والتسويق ، والشركة العربية للتجارة الإلكترونية ، والشركة العربية للنقل متعدد الوسائط ، والشركة العربية لإ نتاج الأطراف الصناعية والمستلزمات الطبية ، ومشروعات الأمن الغذائى بالتعاون مع الهيئة العربية للاستثمار والإنماء الزراعى .وتم بالفعل إنشاء الشركة العربية للتجارة والتسويق والشركة العربية للتجارة الإلكترونية والشركة العربية لتنمية وخدمات الاستثمار فى البلاد العربية . وأعلن الدكتور أحمد الجويلى إنه لكى يمكن تنفيذ ما سبق ذكره على ارض الواقع فإن الأمانة العامة لمجلس الوحدة الاقتصادية العربية تقترح إنشاء مؤسسة عربية لتمويل القطاع الخاص وهو مشروع تمويلى مشترك ومختلط تساهم فى رأسماله الحكومات والبنوك الاستثمارية والإنمائية العربية والإقليمية والدولية والقطاع الخاص العربى .موضحاً أن دور المؤسسة المقترحة بالنسبة للمشروعات العربية المشتركة يتمثل فى إعطاء أولوية قصوى لدراسة وتمويل المشروع العربى المشترك ثم للمشروع المحلى الذى يسهم فى دعم التكامل الاقتصادى العربى أو يترابط انتاجياً مع مشروع عربى مشترك قائم أو تحت التنفيذ مع مراعاة توافرالأسس الاقتصادية والتجارية والمالية السليمة فى المشروع العربى المشترك قبل اعتماده واتخاذ قرار تمويله أو طرحه وتمويله فى سوق المال العربى لتوفير أفضل فرص النجاح له .
وفيما يتعلق بالمقترح الثالث للمجلس لعرضه على القمة العربية الاقتصادية المقترحة والخاص باستمرارية العمل التكاملى تحقيقاً للسوق العربية المشتركة .. أكد الأمين العام لمجلس الوحدة الاقتصادية العربية أن الجهود التى بذلت لإقامة السوق العربية المشتركة القائمة فى نطاق اتفاقية الوحدة الاقتصادية العربية ، والتى تحققت المرحلة الأولى منها بإقامة منطقة التجارة الحرة العربية الكبرى فى بداية عام 2005 ، تعكس الرغبة الحقيقة للدول العربية فى السير قدماً فى طريق التكامل الاقتصادي العربى فى عالم يعيش عصر الكيانات والتكتلات الاقتصادية الكبرى . واعتبر جويلى أن إلغاء كافة الرسوم الجمركية المفروضة على السلع ذات المنشأ العربى والمتبادلة بين الدول العربية الأعضاء فى السوق العربية المشتركة ومنطقة التجارة الحرة خطوة رئيسية لابد أن تتبعها خطوات وإجراءات متتالية فى اقل وقت ممكن لإحداث التأثيرات الإيجابية المطلوبة فى التجارة والاستثمار بين الدول العربية . وأكد الدكتور أحمد الجويلى أن منطقة التجارة الحرة العربية مازالت تواجه تحديات كبيرة تتمثل فى مدى استعداد الدول العربية لإزالة المعوقات غير الجمركية التى تواجهها تجارة السلع والخدمات التى تمهد للانتقال إلى مرحلة الاتحاد الجمركى . وأشار جويلى إلى أن مرحلة الاتحاد الجمركى للسوق العربية المشتركة القائمة فى نطاق اتفاقية الوحدة الاقتصادية العربية تمثل المرحلة الثانية فى الاندماج على طريق تحقيق السوق العربية المشتركة ، وأن الاتحاد الجمركى يقوم على عدة أسس منها إلغاء كافة القيود التى تعرقل حرية التجارة بين دول الاتحاد سواء النقدية أوالتجارية أوالمالية أوالإدارية وغيرها بشكل يمسح بانسياب حركة السلع والخدمات المختلفة إلى جانب وضع جدول تعريفة جمركية واحدة تحكم علاقة الدول المكونة للاتحاد الجمركى بالدول الأخرى فضلاً عن توحيد التشريعات الجمركية فى الدول الأعضاء فى التكتل .
وحول المقترح الرابع والأخير للمجلس للعرض على القمة العربية الاقتصادية المرتقبة والخاص بتنمية وتطوير قطاع النقل العربى .. أكد الدكتور أحمد الجويلى على أن النقل يمثل أحد أهم العناصر التى لا يمكن بدونها أن يتحقق تكامل أو تنمية بين البلاد العربية . ونوه جويلى إلى ان هناك دراسة تفصيلية أعدتها الأمانة العامة لمجلس الوحدة الاقتصادية العربية حول الصعوبات والمعوقات الفعلية أمام التبادل التجارى البينى أكدت أن من بين أهم المعوقات هو ضعف وعدم كفاءة قطاع النقل بين البلاد العربية ، سواء فيما يتعلق بالإجراءات الإدارية فى المعابر الحدودية وضرورة وجود التشريعات والقوانين التى تسهل عملية النقل أو فيما يتعلق بأساطيل النقل والطرق البرية والبحرية والسكك الحديدية التى تربط الوطن العربى يبعضه البعض وكذلك كفاءة وإمكانيات الموانئ البحرية وقدراتها الاستيعابية والخدمات التى تقدمها- حقية .إنشاء جهاز دائم هو " مجلس الوحدة الاقتصادية العربية " ، ليتولى الإشراف علي. و يتميز مجلس القراراته من قبل الدول الأضرة الوزار الجدير بالذكر أن مجلس الوحدة الاقتصادية العربية بدأ في مباشرة مهامه في دفع مسيرة الوحدة الاقتصادية العربية إلي الأمام بعقد دورته الأولى في القاهرة في يونيو 1964 بوصفة الجهاز المسئول عن إدارة اتفاقية الوحدة الاقتصادية العربية و إخراجها إلى ارض الواقع حيث تقرر بموجب هذه الاتفاقية إنشاء جهاز دائم هو " مجلس الوحدة الاقتصادية العربية " ليتولى الإشراف علي تنفيذها ، أي العمل على تحقيق الوحدة الاقتصادية بين البلاد العربية . ية لمجس الو ويضم مجلس الوحدة الاقتصادية العربية في عضويته كل من: جمهورية مصر العربية ، جمهورية العراق ، الجمهورية العربية السورية ، المملكة الأردنية الهاشمية ، الجمهورية اليمنية ، جمهورية السودان ، جمهورية الصومال الديمقراطية ، الجماهيرية العربية الليبية الشعبية الاشتراكية العظمى ، الجمهورية الإسلامية الموريتانية ، فلسطين. و يتميز مجلس الوحدة الاقتصادية العربية بإلزامية تنفيذ قراراته من قبل الدول الأعضاء بالمجلس . وقد كانت اتفاقية الوحدة الاقتصادية العربية بين دول الجامعة العربية التي أقرها ( المجلس الاقتصادي ) التابع لجامعة الدول العربية في 3 يونيو 1957 ، هي الخطوة العملية الهامة التي جسدت رغبة دول الآمة العربية في اتباع افضل السبل لتنمية اقتصادياتها ، و تحقيق التكامل فيما بينها .ة العربية
ومنذ نشأة مجلس الوحدة الاقتصادية العربية حتى الآن قدم العديد من الإنجازات التي تهدف إلى تطبيق اتفاقية الوحدة الاقتصادية العربية علي ارض الواقع لما تتميز به هذه الاتفاقية من صيغ و أساليب تستطيع تحقيق طموح المواطن العربي ، ولايزال يواصل مساعيه لتحقيق حلم السوق العربية المشتركة كى تقوم بدورها المنشود كتكتل اقتصادي عربي له كافة المقومات التي تحقق المصالح العربية المشتركة ، و القدرة على مواجهة المتغيرات الاقتصادية العربية و الدولية حيث يعتبر قرار السوق العربية المشتركة رقم 17 بتاريخ 13/8/1964، من أهم القرارات التى أصدرها مجلس الوحدة الاقتصادية العربية ، لما يتضمنه من أهداف تتفق والصلات الطبيعية و التاريخية التى تربط البلاد العربية.