ما زالت عمليات الخلط والمزج بين العمل السياسى من ناحية والعنف والعمل الإجرامى من ناحية أخرى مستمرة، على الرغم من التعهدات التى أعلنت بعض قوى المعارضة الالتزام بها منذ أيام. فالأحداث التى دارت عند الاتحادية، وعمليات الاعتداء ومحاولات التعدى على مؤسسة سيادية من مؤسسات الدولة، تدل دلالة واضحة على أن التعهدات التى أعلنت عنها بعض قوى المعارضة ذهبت أدراج الرياح. ولا يمكن القول بأن هذه المحاولات الإجرامية التى استهدفت مؤسسة الرئاسة بتكرار محاولات اقتحامها تأتى بمعزل عن التظاهرات التى تزعم بعض قوى المعارضة أنها سلمية، وأنها تأبى العنف وترفض ممارسته. المشكلة أن هناك من يحاول أن يصرف الأنظار عن الجريمة الحقيقية الرئيسة، التى تمس كرامة كل مصرى بالاعتداء على المؤسسات التى تمثل سيادة الدولة، إلى حادث فردى لا يختلف أحد على أنه محل رفض كامل من الجميع. فرفض التجاوزات التى يمكن أن تصدر عن المؤسسة الأمنية أو أى من أفرادها لا يمكن أن يكون مبررا بحال من الأحوال لعمليات العنف المفرط والاعتداء الآثم على مؤسسات الدولة فى إطار محاولات تقويض كيانها والقضاء عليها. وتظل الأسباب التى تقف وراء هذه المحاولات العنيفة والمستمرة لتقويض أركان الدولة والقضاء عليها خافية، لا يعرف أحد حتى هذه اللحظة دوافعها أو مبرراتها، ولا يملك أحد حتى هذه اللحظة الوصول إلى من يقف وراءها. وعلى الرغم من خطورة الممارسات السياسية التى تمارسها بعض قوى المعارضة والتى تعطى غطاء سياسيا للعنف ومحاولات الاقتحام لمؤسسات الدولة وتصنيف هذه الممارسات الإجرامية فى إطار العمل الثورى، إلا أن هناك ممارسات أشد خطورة من ممارسات هذه القوى السياسية. إذ تظل الممارسات الأخطر فى إقدام عدد من وسائل الإعلام على تسويغ العنف وصرف الأنظار عن الاعتداءات الممنهجة والمنظمة على مؤسسات الدولة إلى ممارسات فردية رفضتها المؤسسة الأمنية بصورة سريعة، وسعت إلى التحقيق فيها ومحاسبة من ارتكبها، ورفضتها مؤسسة الرئاسة ومعها كافة القوى والتيارات السياسية والحية فى المجتمع، وهى فى المجمل لا تعبر عن سياسة دولة أو منهج حكم. ما تحاول بعض وسائل الإعلام فعله هو صرف الأنظار عن الجرائم الكبرى التى تؤثر على حاضر ومستقبل الوطن، إلى حوادث فردية رفضها الجميع ودخلت فى دائرة المحاسبة القانونية، فى حين تتجاهل -بل تتعمد- التغطية على جرائم ما زالت بعيدة حتى هذه اللحظة عن دائرة العدالة والمحاسبة.