المشكلة اليوم أن هناك من يقدم غطاء سياسيا للعنف ويبرره ويتعاطف معه ويصف من يمارسه بالثورية وممارسة الحق الطبيعى فى التعبير عن الرأى ورفض ممارسات النظام. وهذا هو الفارق بين معارضة الأمس ومعارضة اليوم، إذ بالأمس كانت المعارضة التى تصدرتها جماعة الإخوان المسلمين تعارض العنف وترفض التستر عليه عمليا من خلال أدبياتها ومن خلال ممارسة جهود تربوية واسعة لتوفير قناعات لدى الشباب لرفض العنف. أما معارضة اليوم فتحاول المزج بين الفعل الثورى السلمى وبين أعمال العنف التى تمارسها جماعات إرهابية أو ميليشيات تسعى إلى تقويض أركان مؤسسات الدولة تحت غطاء المعارضة السياسية لتيار بعينه أو نظام يحكم البلاد. بالأمس اجتمعت كافة القوى والتيارات السياسية -التى انخرطت لاحقا فى العمل الثورى والمعارضة للنظام الفاسد- على رفض الإرهاب وممارسة العنف ضد مؤسسات الدولة أو ضد الأفراد حتى وإن اختلفوا معهم سياسيا. وبالأمس أعلنت جماعة الإخوان بصورة واضحة غير ملتبسة أن خلافاتها مع النظام الفاسد المستبد وحرصها على إسقاطه لا تُحل من خلال ممارسة العنف والإرهاب ولكنها تحل فقط من خلال الصندوق. وكانت الجماعة تراهن حينها على إجبار النظام على تداول السلطة عبر انتخابات حرة ونزيهة من خلال الضغط الشعبى، ومن خلال الإصرار على ممارسة حق المشاركة السياسية. أما اليوم فالمشكلة ليست فى الوصول إلى البلاك بلوك أو وقف عمليات العنف التى اتسعت دائرتها، ولكن فى الوصول إلى من يقف وراء هذه المنظمات التى تتبنى العنف وتدعمه وتسعى إلى توظيفه سياسيا. نحن فى حاجة إلى إدانة واضحة وغير ملتبسة من كافة القوى والتيارات السياسية للعنف ضد مؤسسات الدولة، بل التصدى له وإعلان البراءة منه، وإلا كانت المواقف الرخوة دليلا على تبنى العنف أو تسويغه بوصفه وسيلة للتغيير السياسى. كما أننا فى حاجة إلى كشف الغطاء بصورة سريعة وواضحة عن ممارسى العنف ومن يدعمهم ويقف وراءهم حتى تتضح الصورة وتظهر ملامحها ويتعرف الناس على الحقيقة دون التباس أو غموض.