عندما كانت جماعة الإخوان المسلمين فى المعارضة قبل ثورة يناير، رفضت بصورة كاملة ممارسة العنف قولا وفعلا وسلوكا، بالرغم من تصدرها المشهد فى مواجهة نظام مستبد لا يعترف بالديمقرطية ولا يحترم حق الشعب فى الحرية. حينها دانت جماعة الإخوان ولعقود طويلة عمليات العنف التى استهدفت مدنيين، واستهدفت منشآت ومؤسسات الدولة، بل تلك التى استهدفت سياسيين اختلفت معهم حتى النخاع.. حدثت هذه الإدانة الصريحة الواضحة والتى طغت على أدبيات جماعة الإخوان، بالرغم من صدور العنف من دوائر تنتمى للتيار الإسلامى اتفقت حينها مع جماعة الإخوان فى الهدف واختلفت معها فى الوسيلة التى رفضتها الجماعة عن اقتناع شرعى وضمير وطنى. ولم تكتف بيانات الإخوان حينها بالشجب والإدانة للعنف ضد نظام ظالم وفاسد وضد مؤسسات الدولة ومواردها الاقتصادية، ولكنها خطت لنفسها طريقا واضحا غير ملتبس. فقد جمعت سياسة الجماعة حينها بين الرفض الكامل لممارسات النظام الفاسد والمستبد ووجوب معارضته بكل الوسائل السلمية المتاحة من ناحية، ورفض العنف المسلح فى مواجهة مؤسسات الدولة أو حتى القيام باغتيالات لرموز نظام فاسد. وتمسكت الجماعة خلال صراعها السياسى مع النظام البائد خلال عقود متصلة بتوسيع دائرة المعارضة السياسية وتفعيل العمل السياسى من خلال الهوامش الضيقة المتاحة للعمل على توسيعها وتفعيلها. وفى الوقت نفسه حرصت الجماعة على التواصل الكامل مع الشعب المصرى حيثما وجد؛ لتوعيته بحقوقه المشروعة فى الحصول على حريته، وضمان كرامته، والتعبير عن رأيه وحقه فى ممارسة العمل السياسى وتداول السلطة. وهناك جهد كبير بذلته الجماعة خلال عقود من الزمن لم يكن واضحا لوسائل الإعلام، ولكنه كان مؤثرا فى ترسيخ ثقافة السلمية والبعد عن العنف فى ممارسة العمل السياسى؛ وذلك من خلال البرامج التربوية العلمية لشباب الجماعة؛ حيث أكدت على حرمة الدماء، ورفض ممارسة العنف، والاكتفاء بالعمل السلمى، بداية من الانتشار الواسع بين قطاعات الجماهير، ومرورا بالمشاركة الانتخابية فى أية ثغرة ممكنة، ونهاية بالتظاهر السلمى والمطالبة بالحقوق، فى ظل التزام كامل بأخلاق وقيم الشعب المصرى. هذا ما نتمنى أن تفعله الأحزاب والقوى السياسية المعارضة للتفاعل مع نظام جديد يحترم كرامة الإنسان، ويحرص على حقه فى التعبير عن رأيه بكافة الطرق القانونية والسلمية.