كغيرهم من سكان محافظات الجمهورية، بشكل عام، والصعيد -على وجه الخصوص- يعانى أهالى محافظة قنا أشد المعاناة مع مزلقانات المحافظة التى تقطع خط السكة الحديد، فمعظمها إما متهالك وإما لا يعمل من الأساس، علاوة على وجود عدد من القرى والتجمعات السكنية لا يوجد لها مزلقان؛ مما يجعل المواطنين مضطرين إلى عبور السكة الحديد نهارا أو ليلا دون أى وسائل إنذار أو حماية من القطارات، وأصبح لسان المواطن القناوى عند خروجه من بيته يلهج بدعاء: "اللهم قِنا شر مزلقانات قنا". وقد شهدت قنا الكثير من حوادث القطارات بشكل مستمر، مما يؤدى إلى مصرع الكثير من المواطنين الأبرياء الذين لا ذنب لهم سوى محاولة عبور شريط السكة الحديد لمباشرة مصالحهم اليومية، وباتت الأمهات والزوجات يضعن أيديهن على قلوبهن لحين عودة ذويهن كل ليلة بعد يوم عمل طويل، وتأكدهن من إفلاتهم من أنياب الموت المترقب على تلك المزلقانات. حالة من الرعب والخوف سيطرت على العاملين بالمزلقانات التابعة لهيئة السكة الحديد بقنا بعد وقوع حادث اصطدام قطار أسيوط بأوتوبيس معهد نور الإسلام الأزهرى بمزلقان المندرة، الذى أودى بحياة أكثر من 50 طفلا.. مبعث رعبهم هو سهولة تكرار الكارثة فى مزلقاناتهم، كما يقولون، فجميعها تعتمد على العنصر البشرى دون وجود بوابات إلكترونية أو إشارات كهربائية وصوتية؛ حيث توجد 20 مزلقانا بقنا أغلبها يعمل بنظام «الحبل»، بعد أن كانت تعمل بالسلاسل الحديدية، لكن بعد تكرار تعرض تلك السلاسل للسرقة، رأت إدارة السكة الحديد استبدال شىء به يزهد اللصوص فيه، فأصبحت المزلقانات تغلق بالحبال. بوابات الموت كما يطلق عليها "القناوية" موزعة كالتالى: مزلقان أبو شوشة شمالا (الذى يقع على حدود محافظتى قنا- سوهاج)، مرورا بمزلقانات أبو تشت ورفاعة والكوم الأحمر وفرشوط وقبلى فرشوط وبهجورة والسلامية وأولاد عمرو وبحرى قنا، كما يوجد مزلقان الجزيرية والمعنا ومدينة قنا وسط المحافظة مرورا بقرية أبنود؛ حيث نجع السواحلية الذى يمر القطار فيه وسط المنازل دون وجود مزلقان من الأساس، كما تمتد المزلقانات غير المؤمنة إلى مركز قوص جنوبا. وبإحصائية بسيطة نجد أن مزلقانات الموت حصدت فى قنا الكثير من أرواح الأبرياء من المواطنين، فمزلقان أبوتشت، شمال المحافظة، وحده سقط عليه منذ عام 2011 فقط أكثر من 10 حالات وفاة، إلى جانب 4 حالات وفاة على مزلقان رفاعة، علاوة على تكرارا حوادث السيارات على مزلقان أبو شوشة، أما مزلقان الكوم الأحمر والخلابيصى، فتقريبا لا يكاد يمر شهر دون وجود دماء وضحايا على قضبانهما. سعيد مرعى (53 سنة) عامل مزلقان بجنوب قنا، يؤكد أن هناك عجزا فاضحا فى عدد العاملين بالمزلقانات؛ لذلك فهناك عدة مزلقانات لا يوجد بها سوى عامل وحيد، يقوم بإغلاق المزلقان حينما يتلقى اتصالا من زميله بالمزلقان الذى يسبقه، ثم يبلغ المزلقان الذى يليه. ثمة كارثة أخرى كبرى، اكتشفناها فى أثناء جولتنا بمحافظة قنا، فهناك العديد من المزلقانات غير المعتمدة، لا يوجد عليها عمال ولا بوابات، وتنتشر تلك المزلقانات على مشارف كثير من القرى، مثل مزلقان السواحلية، وأبو تشت، وفرشوط؛ وهو ما تسبب فى وقوع الكثير من حوادث العبور خلال السنوات الماضية، وكان آخرها قيام المئات من أهالى قرية السواحلية بأبنود جنوبا من أسبوعين بتعطيل حركة القطارات لأكثر من ساعتين؛ احتجاجا على مصرع رجل مسن فى أثناء عبوره المزلقان. وأضاف محروس على، عامل مزلقان بنجع حمادى، أن جميع البلوكات الموجود فيها العاملون والملاحظون غير آدمية بالأساس؛ حيث لا توجد بها دورات مياه؛ وهو ما يجعل العامل مجبرا لترك المزلقان لقضاء حاجته فى أى وقت، هذا بالإضافة إلى وردية العمل التى تصل إلى أكثر من 12 ساعة يوميا، التى من الممكن أن ينام العامل فيها رغما عنه خلالها. من جانبه، أشار سيد سويدان، رئيس النقابة المستقلة لعمال السكة الحديد بقنا، إلى أن مزلقانات السكة الحديد بقنا متهالكة تماما، كاشفا أن أكثر من 300 مواطن لقوا مصرعهم عليها خلال السنوات العشر الأخيرة فقط وفجَّر سويدان مفاجأة حينما أكد أن هناك مزلقانين فى المحافظة قد يتسببان فى حوادث أعنف من حادث أسيوط فى أى وقت، وهما مزلقان "المعنا"، الذى لا يوجد به عسكرى مرور، وليس به أى اتصالات رسمية بين ملاحظ البلوك وخفير المزلقان؛ حيث يتم إغلاق المزلقان بناء على إشارة كلامية فقط، أما الآخر فهو مزلقان "قرية السواحلية" بأبنود؛ حيث يمر القطار فى منحنى وسط القرية دون وجود أى إشارة لدخول القطار؛ مما دفع الكثير من أهالى القرية إلى الاعتصام على شريط السكة الحديد وإيقاف حركة القطارات، وذلك لعدم وجود مزلقان أو خفراء من الأساس.