تحولت مزلقانات السكة الحديد إلي مصائد لأرواح المواطنين.. ولم تستوعب هيئة السكك الحديدية الدرس في كوارث القطارات الماضية وما أكثرها. وحادث أسيوط الذي راح ضحيته 55 طفلا لن يكون الأخير طالما بقي الفساد متربعا علي عرش السكة الحديد.. حيث إن في مصر 1295 مزلقانا، والهيئة بجلالة قدرها لم تتمكن من تطوير سوي 245 مزلقانا في حين تركت المزلقانات الأخري تحصد أرواح المصريين ولأن الفساد سيطر علي هيئة السكة الحديد تركوا أكثر من 2522 من خفراء المزلقانات بلا رقابة أو إشراف أو متابعة فعمت الفوضي وانتشر الإهمال ولم يكلف أحد من المسئولين عن إدارة المزلقانات خاطره بالاستماع لشكاوي ومطالب العاملين الذين لا تزيد رواتبهم علي 700 ويعملون 12 ساعة متواصلة. القضية خطيرة وإذا لم يقطع دابر الفساد من هيئة السكة الحديد فانتظروا كوارث جديدة. الجيزة.. دماء الأبرياء لا تجف فوق القضبان تحقيق: سامي الطراوي أصبحت القطارات في مصر عبارة عن توابيت للموتي، فالواقع يؤكد أنه مازالت ملفات حوادث القطارات غامضة وبها الكثير من علامات الاستفهام التي تؤكد أن الفساد تربع واستشري في أركان الهيئة في حين تركت دماء الأبرياء تنزف علي القضبان بشكل مروع ولم يعد يمر يوم إلا وترتكب مذابح علي مداخل المزلقانات بجميع محافظات مصر والإحصاءات التي تؤكدها وزارة النقل أن هناك أكثر من تسع كوارث تحدث كل شهر خلال السنوات العشر الماضية وأن ستة آلاف شخص يلقي حتفهم في حوادث طرق. ويبلغ إجمالي طول شبكة سكك حديد مصر 9570 كيلو مترا وعدد المحطات 705 محطات منها 22 محطة رئيسية و59 مركزية و60 متوسطة و564 صغيرة ويعمل نحو 86000 عامل بمختلف التخصصات داخل الهيئة، ورغم ذلك تركت المزلقانات والمحطات دون تطوير وتفرغت الهيئة لجني الأموال من الركاب الذين يقعون فريسة للإهمال والفساد. ابراهيم داود - مهندس - يقول: رغم تصريحات المسئولين التى تؤكد ان ما يتم صرفه من ميزانيات على تطوير واعادة هيكلة خطوط السكك الحديدية ومحطاتها وكافة المزلقانات داخل حدود الجمهورية ويؤكدون استمرار مستندين الي وجود خطة شاملة للنهوض بخدمات السكك الحديدية، والغريب أن مسئولى الحكومة يؤكدون انه تم تطوير 345 مزلقانًا للسكة الحديد في 20 محافظة بقيمة 200 مليون جنيه، وتطبيق نظام التتبع الإلكتروني للقطارات، وهو نظام يحقق حلولًا كاملة لتأمين حركة القطارات عن طريق مراقبتها بالأقمار الصناعية وهذه التصريحات البراقة لم تكن نتائجها ملموسة بالنسبة للمواطن فى كافة محافظات مصر ويؤكد داود ان كارثة قطار أسيوط التي راح ضحيتها اكثر من 50 طفلًا داخل اتوبيس اثناء ذاهبهم لمدارسهم ليتحولوا الى اشلاء على قطبان السكك الحديدية وعلى ارصفة الشوارع والطرقات بمدينة منفلوط لتؤكد استمرار سلسلة كوارث وحوادث القطارات فى مصر ويجب فتح ملف الفساد داخل الهيئة. ويقول ناصر محمود - موظف بوزارة التخطيط – الحوامدية - فى الآونة الأخيرة خاصة خلال العشرة أعوام السابقة شهدت محافظة الجيزة حوادث قطارات أشبه بالكوارث وكانت تلك الحادثة الأليمة التى تحدثت عنها وكالات الأنباء العالمية عام 2002 والتى كان السبب فيها حريقا شب في سبع عربات وكان القطار مكتظا بالمئات من الركاب الامر الذى أدى الى مقتل أكثر من 400 شخص على الأقل. واستقال على أثرها وزير النقل والمواصلات إبراهيم الدميري، وتبرأ من مسئوليتها الرئيس المخلوع مبارك، والغريب أن تلك المنطقة قد شهدت حادث تصادم قطارين الاسبوع السابق لتلك الحادثة، وشهدت تلك الحادثة المفجعة الاستجواب الشهير لرئيس ديوان رئيس الجمهورية زكريا عزمى، الذى وجهه انتقادات عنيفة لوزير النقل وقال قولته المشهورة «الفساد للركب». كما شهدت منطقة العياط في نفس العام أكبر كارثة في السكك الحديد بمصر حيث اصطدم القطار رقم 188 بالقطار رقم 152 بقرية «جرزة» بمركز العياط في نفس العام، وتحمل وزير النقل فى ذلك الوقت مسئولية الحادث عكس موقف حكومة قنديل التى تبرأت من الحادث وألقت بمسئوليته على عمال المزلقان التى اتخذتهم كبش فداء للحادث، وأكد وزير النقل السابق محمد منصور فى حينه ان هناك تقصيرا حكوميا واضحا كان السبب في الحادث وكان قطار ممتلئ بمئات الركاب قد اصطدم بقطار متوقف شبه خال من الركاب على نفس القضبان بعد ارتطام القطار الاول بجاموسة مما تسبب في هذا الحادث الأليم قرب مدينة العياط، وشهدت أيضا منطقة العياط حادثة اصطدام قطارين عام 2009 وكان الإهمال السبب الرئيسى فى حادث قطارى العياط وكان سائق قطار الذى صدم الجاموسة قد أخطر للتحكم المركزى بتوقفه بعد اصطدامه مباشرة بها، وأن المسافة بين القطارين كانت 20 دقيقة، وتكفى لابلاغ القطار الملاحق له، وكانت التقديرات المبدئية لضحايا الحادث تؤكد وجود 40 قتيلا و120 جريحا، وقامت نيابة الجيزة بالتحفظ على جهاز التحكم الأتوماتيكى atc المسئول عن التحكم فى سرعة، وكانت من الطرائف التى أثارت سخرية الشارع المصرى، وقامت الحكومة بصرف تعويضات للمصابين والمتوفين فى الحادث بواقع 20 ألف جنيه للمتوفى، و5 آلاف جنيه للمصاب وكأن الزمان يعيد نفسه في استهتار الحكومات السابقة ليتمسك بها حكومة الدكتور قنديل. يقول محمد هلال عامل بالحديد والصلب: منذ أكثر من أربعين عاما وأنا اتخذ من قطار السكك الحديد وسيلة للوصول الى عملى بالتبين ولكن فى الآونة الأخيرة وجدت اهمالا لولا عناية الله لكان سببا فى مأساة حقيقية ترتكب يوميا على قطبان السكك الحديدية فسوء حالة القطارات والعربات تزداد يوما بعد يوم ولا تصلح لنقل حتى الحيوانات، وكان فى الماضى توجد اشارات ضوئية على جميع المزلقانات تحذر المارة من قدوم القطار واختفت تلك الاشارات وتوقفت فجأة ليستمر سير القطار دون إشارات ، وتتسبب فى وقوع كوارث، وأرى كثيرا من الجرارات المعطلة التى توجد على جوانب قطبان السكك الحديد ولا تصلح للاستخدام ، وكثير من قطع الغيار المتهالكة. يؤكد محمود طه عامل مزلقان فى الجيزة رفض ذكر مكان عمله أن جميع المزلقانات، بدائية وبمجرد تحرك القطار يقوم المراقب بالمحطة بالاتصال بنا، ليخبرنا بتحرك القطار لنقوم بفتح المزلقان أو إغلاقه ، ولكن هذه الاتصالات لا تحدث باستمرار، وما يتسبب ذلك فى كثيرا من الحوادث وموت الكثير من الأشخاص ونجد أنفسنا أمام كثير من السيارات أو أعداد لا حصر لها من المواطنين التى تعبر المزلقان وهو مفتوح، فأسرع برفع السلسلة أمام المارة واغلق المزلقان ، والمفاجأة المثيرة قيام بعض الركاب بالضغط على بلف الطوارئ، مما يتسبب في وقوع العديد من الحوادث. ويؤكد رمضان صابر مهندس اتصالات: جميع مزلقانات السكك الحديدية أصبحت عشوائية ويصعب علي العامل التحكم في حركة المارة والسيارات معًا، بالإضافة إلى قرب المزلقان من مواقف السيارات، ما يؤدي إلى وقوع العشرات من الحوادث، خاصة أن أغلب المارة لا يلتزم بالوقوف عند سماع أجراس المحطة «السيمافور» والتي تسبق قدوم القطار بدقائق معدودة، وطالب صابر بتطوير المزلقانات وتزويدها بالإشارات الإلكترونية والاستغناء عن السلاسل الحديدية، واعادة صيانة معظم الإشارات الضوئية والكهربائية والسيمافورات المعطلة التي تشير إلى اقتراب القطار من شريط المزلقان وتعطل الأبراج ، هو ما يساعد على وقوع العديد من الحوادث.
سوهاج.. 22 محطة و500 مزلقان خارج الخدمة سوهاج - خالد علي: تعد محافظة سوهاج من أكبر محافظات الصعيد من حيث عدد السكان، إذ يزيدون علي أربعة ملايين نسمة ويمر القطار علي مسافة تمتد من أسيوط شمالا الي قناجنوبا أي علي 22 محطة من بينها 8 محطات مراكز ويزيد عدد المزلقانات في المحافظة علي 50 مزلقانا تشهد حوادث شبه يومية خاصة في المدن الكبري مثل سوهاج وجرجا وطهطا. ففي مدينة جرجا يوجد ثلاثة مزلقانات تربط شرق المدينة بغربها، هذه المزلقانات افترشها الباعة الجائلون لبيع بضاعتهم في وضح النهار دون خوف من محاسبة وفي غياب تام لشرطة المرافق كما أن المجالس الشعبية السابقة وافقت علي إنشاء كوبري علوي للمزلقان القبلي منذ عدة سنوات ولم يتم تنفيذه حتي الآن والأهالي يطالبون هيئة الطرق والكباري وهيئة السكة الحديد بسرعة تنفيذه قبل وقوع الكارثة. أما في البلينا فالحال أسوأ بكثير حيث لا يوجد سوي مزلقان واحد، ورغم أن المدينة يفد اليها السائحون من كل دول العالم لزيارة معبد «سيتي الأول» بقرية أبيدوس الأثرية إلا أن الخدمات والمرافق سقطت من حسابات المسئولين خاصة في السكة الحديد حيث تتكدس السيارات أمام المزلقان المتهالك الذي يصعب المرور فوقه، وأيضا كان من المقرر إنشاء كوبري علوي إلا أن الأيدي الخفية مازالت تعطل بناءه وقد تقدم الأهالي بالعديد من الشكاوي للمسئولين بالمحافظة والسكة الحديد ولكن دون جدوي. وفي مدنية سوهاج يوجد أربعة مزلقانات أسوأها الموجود جنوب المحطة فمنذ عامين قررت محافظة سوهاج توسيع الرصيف بحيث يحتوي كل العربات إلا أن ذلك لم يحدث والغريب أن المحطة تقع في المحافظة أي تتحرك منها قطارات الركاب العادية الي أسيوط شمالا والي نجع حمادي جنوبا ناهيك عن القطارات المتجهة الي أسوان والأقصر بما يعني أنها شبه مغلقة يوميا. أما مزلقانات القري فإنها تغلق بالحبال وأسلاك من حديد يقوم المواطنون برفعها من تلقاء أنفسهم دون انتظار تعليمات الحارس بل إن بعض العمال يتركونها. كما فعل عامل مزلقان النتدرة بأسيوط للأهالي يفعلون بها ما يريدون، ولقد شهدت مزلقانات سوهاج في الأعوام الماضية الكثير من الحوادث آخرها في محطة العسيرات عندما أطاح القطار الأسباني بعربة نقل في الصباح الباكر ونتج عنها مصرع السائق ونجاة ابنه من موت محقق. وأكد عامل مزلقان رفض ذكر اسمه أن جميع المزلقانات تحتاج الي إحلال وتجديد وفق نظام الكتروني بدلا عن البدائي كما طالب بضرورة تعيين أفراد أمن من الشرطة لأنهم قادرون علي التنظيم خاصة في المدن الكبري. وأضاف: إن عمال هيئة السكة الحديد ليسوا وحدهم المسئولين عن الكوارث بل علي المواطنين اتباع تعليمات عامل المزلقانات حتي لا تقع الحوادث.
قنا.. السلاسل الحديدية والشادوف الوسيلة الوحيدة للسكة الحديد قنا - أمير الصراف: في قنا 53 مزلقانا أسياسا تبدأ من قرية «أبوشوشة» شمال المحافظة وتنتهي بمركز قوص جنوب مدينة قنا، وتعمل تلك المزلقات وفق 4 أنظمة تقليدية وأخطرها بحسب مصادر بالسكة الحديد المزلقان الذي يعتمد كليا على الإشارة من «البلوك» عبر التليفون ويغلق بواسطة «الشادوف» وآخر يغلق بواسطة «الجنزير» أو السلاسل الحديدية. ويوضح المصدر أن أكثر أنظمة تشغيل المزلقانات أمانا نظام « السيمافور». والنظام الأخير « الضلفة» وهو يغلق ببوابة ميكانيكية ويسمى «المزلقان المرتبط». ويعمل في كل مزلقان عامل واحد في وردية 8 ساعات وأحيانا يحصل على ورديتين بالنسبة للعمال الذين يقطعون مسافات طويلة للوصول إلى عملهم. وقبل أيام من وقوع حادث قطار أسيوط، نظم أهالي قرية السواحلية التابعة لقرية أبنود جنوب مدينة قنا وقفة احتجاجية بسبب شريط السكة الحديد الذي يقسم القرية إلى شطرين، ويعرض حياة المواطنين للخطر، ورغم أن المشكلة مزمنة منذ أكثر من 15 عاما فإن ذلك لم يحرك ساكنا لدى المسئولين للبت في شكوى الاهالى ومطالباتهم بإقامة مزلقان يحد من الحوادث التي يتعرض لها أبناء القرية، والحوادث التي تقع على مزلقانات قنا «فردية» بسبب ضيق الفترة الزمنية بين غلق المزلقان ومرور القطار أو بسبب تخطى المزلقان من سائقي الأجرة. في سياق آخر فإن الأهالى في مراكز قنا يواجهون خطرا يوميا بعبور المزلقانات بسبب عدم وجود إنفاق أو «كباري» علوية تسيل العملية المرورية للمواطنين وتقضى على الاختناقات المرورية في أوقات الذروة ، باستثناء الكوبري العلوي الذي تجرى حاليا عملية إنشائه بمدخل مدينة قنا الشرقي المجاور لقرية المعنا. ويشير أحد عمال المزلقانات بقنا - رافضا ذكر اسمه - الي أن المزلقانات من أكثر المناطق المرورية اختناقا على خلفية تهالك أرضياتها المليئة بالحفر والشقوق التي تصعب حركة المرور عليها بالإضافة إلي قربها من المواقف سيارات الأجرة فضلا عن المركبات المخالفة التي تسير في الاتجاه المعاكس. وأضاف: أقوم أحيانا بدور المنظم لحركة المرور لعدم وجود عسكري مرور بالمزلقان يقوم بتأدية واجباته في تنظيم حركة السير إلا في أوقات اللجان المرورية فقط هذا بالإضافة للازدحام الشديد الذي يتكرر يوميا ويخلق أزمة تكاد أن تودي بحياة الكثيرين نظرا لتكدس المارة والسيارات والباعة الجائلين على جانبي رصيف المزلقان. وأضاف أن السائقين لا يلتزمون بقوانين السير في حالة إغلاق المزلقان بل يريدون العبور لكي لا ينتظروا مرور القطار وأن الباعة الجائلين فرضوا سيطرتهم واحتلوا المزلقانات والقضبان خاصة في مراكز شمال قنا وان العامل لا يستطيع أن يتكبد كل ذلك العناء بمفرده فلابد على الأقل من تواجد رجل من رجال الأمن بالمكان. ويذكر رمضان حسين «موظف» أن المزلقانات - خاصة في القرى - لم تجدد منذ سنوات عديدة وتهالكت أرضيتها وكل الأدوات بها، ما يعرض حياة المواطنين للخطر، لافتا الي أن عمال المزلقانات يستخدمون وسائل بدائية ومنها السلاسل الحديدية وتكون غير مرئية لقائدي المركبات في الظلام وهو ما يتسبب في وقوع حوادث متتالية، دون استجابة من المسئولين. ويقول فوزي أحمد عباس - إمام مسجد: إن حالة المزلقانات متدنية في المحافظة ولابد من عملية إحلال وتجديد للحالية، واستخدام المزلقانات الالكترونية للحد من الحوادث التي تقع بسبب بدائية المزلقانات الحالية التي تشطر مدنا وقرى إلى نصفين ومنها مدينة «قوص». ويشير مصدر أمنى الي أنه خلال الفترة الأخيرة قامت الشرطة بعدة حملات أمنية لإخلاء المناطق المحيطة بالمزلقانات من الباعة الجائلين ومواقف سيارات الأجرة العشوائية الذين يسببون تعثرا مروريا ووقوع حوادث جراء الازدحام.