جولة مفاجئة لرئيس جامعة المنصورة بالمستشفيات والمراكز الطبية    مصر للطيران تطلق غدًا أولى رحلات عودة الحجاج من الأراضي المقدسة    روسيا تشرع في تسليم الدفعة الأولى من جثامين العسكريين الأوكرانيين    روسيا: إسقاط 10 مسيرات أوكرانية استهدفت مقاطعة بريانسك    مصر وتركيا تبحثان مستجدات الوضع في غزة    قبل مواجهة باتشوكا.. الأهلي في سادس اختبار أمام أندية المكسيك    لا يُعاني من إصابة عضلية.. أحمد حسن يكشف سبب غياب ياسر إبراهيم عن مران الأهلي    مراكز شباب أسيوط تستقبل المواطنين لممارسة الرياضة فى ثالث ايام عيد الاضحى    زيزو: "تمنيت اللعب مع أبو تريكة وأتذكر هدفه في كلوب أمريكا"    محافظ المنوفية: تحرير 94 محضرا تموينيا فى ثالث أيام إجازة عيد الأضحى    من هو خالد محمد شوقى؟.. دفع حياته ثمنا لإنقاذ العاشر من رمضان من كارثة    إخماد نيران حريق بشونة كتان ومصنع طوب مهجور بالغربية    توابيت أطفال وأوشابتي وجعة فرعونية.. تفاصيل كشف أثري فريد في الأقصر    متحف شرم الشيخ يطلق فعاليات نشاط المدرسة الصيفية ويستقبل السائحين في ثالث أيام عيد الأضحى    لم تحسم.. حقيقة تعاقد الزمالك مع المدافع الجزائري زين الدين بلعيد (خاص)    حريق مصنع كتان بقرية شبراليمن بالغربية    ضبط عاطلين بحوزتهما حشيش ب 400 ألف جنيه    مراجعة نهائية متميزة في مادة التاريخ للثانوية العامة    وزير الزراعة: نستعرض الخطط الاحترازية لحماية الثروة الحيوانية من الأمراض العابرة للحدود    صحة غزة: مستشفيات القطاع ستتحول إلى مقابر خلال 48 ساعة    جرافات الاحتلال الإسرائيلي تهدم عشرات المباني السكنية في طولكرم    زيارة مفاجئة ل مدير الحوكمة بصحة أسيوط على عدد من المستشفيات بالمحافظة    تقديم الرعاية ل2096 مواطنًا بقريتي السرارية وجبل الطير البحرية في المنيا    الكنيسة القبطية تحتفل ب"صلاة السجدة" في ختام الخماسين    بين الحياة والموت.. الوضع الصحي لسيناتور كولومبي بعد تعرضه لإطلاق نار    أوكرانيا: ارتفاع عدد قتلى وجرحى الجيش الروسي إلى 996 ألفا و150 فردا    وزارة العمل تعلن عن فرص عمل بمرتبات تصل إلى 15 ألف جنيه .. اعرف التفاصيل    منافذ أمان بالداخلية توفر لحوم عيد الأضحى بأسعار مخفضة.. صور    العثور على جثة رضيعة داخل كيس أسود في قنا    البحر هادئ.. طقس ربيعي وأجواء رائعة ثالث أيام العيد في الإسكندرية - صور    التأمينات الاجتماعية تواصل صرف معاشات شهر يونيو 2025    وزارة العمل تعلن عن فرص عمل بمرتبات تصل إلى 15 ألف جنيه    موعد عودة الوزارات للعمل بعد إجازة عيد الأضحى المبارك 2025. .. اعرف التفاصيل    تعرف على الفيلم الأقل جماهيرية بين أفلام عيد الأضحى السبت    عروض «بيت المسرح» ترفع لافتة «كامل العدد» في موسم عيد الأضحى| صور    بعد عيد الأضحي 2025.. موعد أول إجازة رسمية مقبلة (تفاصيل)    أمين الفتوى: أكل "لحم الجِمَال" لا يَنْقُض الوضوء    رومانو: عرض نهائي من تشيلسي إلى ميلان لضم مانيان    منافذ أمان تضخ لحوم بأسعار مخفضة في كافة محافظات الجمهورية (صور)    انفجار في العين.. ننشر التقرير الطبي لمدير حماية الأراضي المعتدى عليه خلال حملة بسوهاج    أمين «الأعلى للآثار» يتفقد أعمال الحفائر الأثرية بعدد من المواقع الأثرية بالأقصر    «البدوي»: دعم الرئيس السيسي للعمال حجر الأساس في خروج مصر من قوائم الملاحظات    الصحة: فحص 7 ملايين و909 آلاف طفل ضمن مبادرة الكشف المبكر وعلاج ضعف السمع    مجلة جامعة القاهرة لعلوم الأبحاث التطبيقية «JAR» تحتل المركز السادس عالميًا (تفاصيل)    الدكتور محمد الخشت: 11 شرطا لتحول القادة المتطرفين إلى قيادات مدنية    محافظة الشرقية: إزالة سور ومباني بالطوب الأبيض في مركز الحسينية    مجلة الأبحاث التطبيقية لجامعة القاهرة تتقدم إلى المركز السادس عالميا    رونالدو ينفي اللعب في كأس العالم للأندية    حكم وجود الممرضة مع الطبيب فى عيادة واحدة دون محْرم فى المدينة والقرى    من قلب الحرم.. الحجاج يعايدون أحبتهم برسائل من أطهر بقاع الأرض    النسوية الإسلامية «خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى» السيدة هاجر.. ومناسك الحج "128"    أسعار الدولار اليوم الأحد 8 يونيو 2025    المواجهة الأولي بين رونالدو ويامال .. تعرف علي موعد مباراة البرتغال وإسبانيا بنهائي الأمم الأوروبية    أسعار الأسماك اليوم الأحد 8 يونيو في سوق العبور للجملة    غزة.. السودان.. ليبيا.. سوريا.. المعاناة مستمرة عيدهم فى الشتات!    مسؤولون أمريكيون: واشنطن ترى أن رد موسكو على استهداف المطارات لم يأت بعدا    نشرة أخبار ال«توك شو» من المصري اليوم..استشاري تغذية يحذر من شوي اللحوم في عيد الأضحى.. أحمد موسى: فيديو تقديم زيزو حقق أرباحًا خيالية للأهلى خلال أقل من 24 ساعة    الوقت غير مناسب للاستعجال.. حظ برج الدلو اليوم 8 يونيو    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المرشد العام يكتب: رسالتى إلى الإخوان

الحمد لله حمدًا كثيرًا طيبًا مباركًا فيه، والصلاة والسلام على سيدنا وإمامنا وقدوتنا محمد صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم، وبعد..
بعد أن منَّ الله -عز وجل-علينا بنجاح الثورة المباركة بفضلٍ منه سبحانه، مرَّت مصر وفى القلب منها دعوتنا بعدة أطوار وتحديات واستحقاقات، ونتج عنها العديد من النتائج المؤثرة فى مسيرة الثورة، بل البلاد كلها. ونحن اليوم نقف على أعتاب مرحلة جديدة بعد إقرار أول دستور يكتبه المصريون بأيديهم ويُقِرُّونه بأغلبية طيبة.
إخوانى الأحباب..
أحببت أن أوجه لكم رسالتى هذه قبل البدء فى المرحلة الجديدة من عمر وطننا ودعوتنا؛ لنستفيد من المرحلة السابقة ونجعل من دروسها نبراسًا يضىء لنا طريق المرحلة التالية، ونتعلم منها ونتربى عليها، كما فعل صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم عبر خطواتهم الأولى.
علينا أيها الأحباب أن نخلص توجهنا وأعمالنا وحركاتنا وسكناتنا كلها لله تعالى(قُلْ إِنَّ صَلاتِى وَنُسُكِى وَمَحْيَاى وَمَمَاتِى لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ) (الأنعام: 162)، ففى إخلاصنا لله النجاة والخلاص والصلاح وخيرا الدنيا والآخرة. كما علينا التمسك بالأخلاق والقيم والمبادئ التى علَّمنا إياها إسلامنا الحنيف والتخلق بها، وأن نكون خير معبِّرين عن إسلامنا ودعوتنا بأعمالنا وحركتنا بين الناس، وأن يكون خُلُقنا القرآن الكريم كما كان قدوتنا المصطفى صلى الله عليه وسلم.
لنكن جميعًا قدوة صالحة تنير للمجتمع طريقه وتقوده للخير والصلاح بأعمالكم وحركتكم وعلمكم وطاعتكم لربكم بخدمة أهلكم (لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِى رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا) (الأحزاب: 21).
إخوانى الأحباب..
إن حياة أصحاب الدعوات ليست كحياة عموم الناس الذين يسعون لحياة ناعمة هانئة مُتْرفة، فأصحاب الدعوات يُضحُّون من أجل دينهم وأوطانهم وأهليهم، ويجدون فى التضحية أعظم سعادة لهم، والجزاء عند الله على قدر العمل والجهد والعناء والتضحية، ولنتذكر هتافنا الذى علمنا إياه المرشد الأول رحمه الله (الجهاد سبيلنا)، والجهاد هو بذل أقصى الجهد فى مجالات الدعوة والخدمة الاجتماعية والإصلاح والسعى لتحقيق المشروع الإسلامى لأوطاننا وأمتنا، وقد رأينا ورأى معنا العالم الحر أن هناك قوى عديدة على المستوى المحلى والإقليمى والدولى تسعى لإفشال المحاولة والتجربة الوليدة، ولكن الله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون.
إخوانى الأحباب..
اعتزّوا بانتمائكم لدينكم ودعوتكم، واجعلوا من شعاراتنا التاريخية نبراسًا لكم، فهذه الشعارات فى الحقيقة هى بوصلة تهدينا لسواء السبيل فى كل وقت وحين. وهى توضح الغاية والوسيلة والهدف الحقيقى الذى نسعى إليه كإخوان مسلمين منذ نشأتنا وحتى يرث الله الأرض ومن عليها. ويكمل هذه الشعارات ويتمِّمها الصفات العشر للفرد المسلم التى صاغها الإمام الشهيد حسَن البَنَّا –يرحمه الله- مستخلصًا إياها من كتاب الله وسنة رسوله وحاجة المسلم فى الواقع المعاصر والمستقبل المنشود، وهى: "سليم العقيدة، صحيح العبادة، مجاهد لنفسه، حريص على وقته، منظم فى شئونه، نافع لغيره، قوى الجسم، متين الخُلُق، مثقف الفكر، قادر على الكسب"، فتحلّوا بها وبصفات عباد الرحمن فى سورة الفرقان وقبلها فى سورة المؤمنون، وحقِّقوها فى نفوسكم وفى واقع حياتكم تنالوا خيرى الدنيا والآخرة بإذن الله تعالى.
كما علينا التحلى بأركان بيعتنا العشر (الفهم، والإخلاص، والعمل، والجهاد، والتضحية، والطاعة، والثبات، والتجرد، والأُخوَّة، والثقة)، والتخلق بها وفهمها والعمل بمقتضاها فهى العاصم بعد الله سبحانه وتعالى من أى زَلَل أو شطط أو انحراف.
إخوانى الأحباب..
إن كثرة الاستحقاقات الواقعة الآن وتداعياتها من فعاليات وأنشطة جماهيرية واحتكاكات سياسية التى قد تصل لحدِّ الاختلاف مع غيرنا أحيانًا، لا يجب أن تؤثر فى سلامة صدورنا تجاه إخواننا من مختلف التيارات السياسية الذين يحرصون على استقرار الوطن واحترام الشرعية وآليات الديمقراطية، فكل مخلص صادق منهم يعتقد أنه يخدم بلده وفق رؤاه الخاصة، ويجب أن نحترم ذلك وأن نلتقى سويًّا على المشترك بيننا وهو كبير وكبير جدًّا، وألا تؤثر الخلافات السياسية فى وحدة شعبنا لبناء بلدنا من جديد، وليكن شعارنا (كونوا كالشجر يُقذَف بالحجر فيُلقِى بأطيب الثمر). فمصر ملكنا جميعًا ولنا جميعًا أسهم متساوية فيها ولا يحتكر أحد الحديث باسمها، ولا يميز أحد على غيره إلا بقدر عطائه وتضحيته (وفِى ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ المُتَنَافِسُونَ) (المطففين: 26).
فلنمدد أيدينا لجميع إخواننا من كافة التيارات السياسية، ولنتسامح، ونتغافر، ونتجادل بالتى هى أحسن، ونتعاون فيما اتفقنا عليه ويعذر بعضنا بعضًا فيما اختلفنا فيه، وليكن شعارنا قول الله عز وجل:(ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِى هِى أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ) (النحل: 125)، فلا مكان فى مصر الثورة للتخوين أو الإقصاء، وهذا اعتقادنا الجازم وعملنا الواقعى مهما حاول البعض تشويه الصورة أو الادعاء بخلاف ذلك، أو سعى بالفتنة والوقيعة بين مكونات هذه الأمة المتماسكة بفضل الله تعالى، أو استفزَّنا بالإساءة لنغيِّر المنهاج والأسلوب، فمصر أكبر من الجميع ولن يبنيها أحد بمفرده، وتحتاج منا جميعًا للتكاتف والوحدة وسلامة الصدر والجهد المخلص الوفير.
إخوانى الأحباب..
عليكم التحلى بمعالى الأمور وترك سفاسف ها "إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يُحِبُّ مَعَالِى الأَخْلاقِ وَيَكْرَهُ سَفَاسِفَهَا"، وإياكم والانزلاق لمعارك جانبية يحاول البعض جرَّكم إليها ليبعدكم عن أهدافكم العليا ورؤاكم المستقبلية التى تخدم دينكم وبلدكم ومواطنيكم، ولتنبذوا الفرقة والشقاق فهما أساس الفتن، وأصل الداء (وأَطِيعُوا اللَّهَ ورَسُولَهُ ولا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وتَذْهَبَ رِيحُكُمْ واصْبِرُوا إنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ) (الأنفال : 46)، وكونوا دائمًا جزءًا من الحل ولا تكونوا جزءًا من المشكلة، وكونوا دائمًا كالغيث أينما حَلَّ نَفَع، وجمِّعُوا القلوب حولكم قبل الأبدان، ولا تُضخِّموا الصغير ولا تُصغِّروا الكبير من الأمور، وتوازنوا فى كل أعمالكم تنالوا رضا الله وحبّ الناس، واحذروا الجدل وحب الظهور، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "ما ضلَّ قوم بعد هدى كانوا عليه إلا أوتوا الجدل"، وقال العلماء إن حب الظهور يقصم الظهور.
إخوانى الأحباب..
إن أخوتنا ومحبتنا لبعضنا البعض فى الله تعالى ووحدتنا هى سر قوتنا، ومفتاح تحقيق كل مستهدفاتنا، فعلينا بهذه القيم وتلك المبادئ الأساسية التى لا تقوم نهضة ولا تتحقق إلا بها. فلا مجال فى هذه الأوقات الحاسمة لما من شأنه تعكير صَفْو علاقتنا وحبنا ووحدتنا، فلِينُوا فى يدِ إخوانكم وأديروا شئونكم بالحبّ فيما بينكم، وعظِّموا من وحدة صفكم، ولا تقفوا أمام التُُرُهات وتغاضوا عن الهنات وتعالوا عن الزلات، واقبلوا الأعذار وكونوا أعوانًا لإخوانكم على شياطين الإنس والجن. فغايتنا عظيمة وطريقنا طويل وشاق والتحديات كثيرة والأعداء متربصون من كل حَدَب وصوب بأمتنا وبنهضتها. ولا بد لنا من التزوُّد بالزاد الروحى والمعنوى والنفسى بذات قدر استعدادنا المادى والتنفيذى.
إخوانى الأحباب..
إن ثقة الشعب أمانة ومسئولية يجب على من ينالها أن يأخذها بحقها ويقوم بواجبها خير القيام وفى أى موقع كان، فكل فردٍ سيُسْأل عن أمانته أمام ربِّ العزة حفظ أم ضيَّع، وإذا كنا نتقرب إلى الله عز وجل بكل أعمالنا وتصرفاتنا وبتحملنا الأمانة والمسئولية، فلنحرص على إرضائه والقيام بالواجبات المطلوبة لنبرِّئ ذمتنا أمام الله عز وجل، ولنحذر جميعًا من قول الله سبحانه: (قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالأَخْسَرِينَ أَعْمَالًا * الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِى الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا) (الكهف: 103، 104)، ولنجعله كجرس إنذار وكشَّاف صادق يحذرنا بين الحين والحين.
وإياكم وأمراض القلوب فإنها مُهْلِكة ومُدمِّرة، وعليكم بكثرة ذكر الله سبحانه وتعالى والعمل الصالح ومجالسة ومخالطة الصالحين الذين يصدقونكم النصح،فالمؤمن مِرْآة أخيه، وخير الأصحاب منْ إذا ذكرت الله أعانك وإذا نسيت ذكَّرك، والذين إذا رُؤوا ذُكِرَ الله تعالى.
إخوانى الأحباب..
سيحاول البعض عرقلة جهودكم وإفشالها وتسفيه ما تقومون به، إما عن جهل منه بحقيقة ما تعملون أو عن حقد ورغبة فى إفشال الانتقال والتحول الديمقراطى لحاجة فى نفسه، وعلى أى حال لا تُقابلوا الإساءة بالإساءة، ولا تقفوا كثيرًا على ما يردِّدونه من اتهامات باطلة أو حجج واهية، واجعلوا أعمالكم وأخلاقكم هى التى تتحدث وتعبِّر عنكم.
وذلك كله جزء من محاولة تشتيت جهودكم فى معارك جانبية لا يُبْنى عليها عمل فهى تضر ولا تنفع، فكونوا حذرين غاية الحذر من تلك المحاولات وأَفشِلُوها فى مهدها، وأشغلوا أنفسكم بما ينفع الناس فى دينهم ودنياهم.
إخوانى الأحباب..
نُشْهِد الله عز وجل أننا فى إدارتنا للأحداث الحالية وما سبقها وما سيتلوها نقدم الصالح العام على الخاص، ونسعى للتوافق بين الجميع لما فيه خير مصر وشعبها بل أمتنا كلها، ولا نسعى لمصلحة خاصة بنا، ولكن نسعى للحفاظ على مكتسبات الأمة من ثورتنا المباركة بما نراه من وسائل وإجراءات مناسبة لذلك.
ولكن هناك بعض المتربصين الذين لا يريدون خيرًا لمصر ولشعبها ولأمتنا، ويريدون إدخالنا فى مرحلة فراغ سياسى ومتاهة فكرية؛ لإطالة أمد المرحلة الانتقالية ولإفشال عملية التحول الديمقراطى وإهدار الإرادة الشعبية، وإشاعة الأكاذيب وبذر بذور الفتنة التى هى أشدّ من القتل، والسعى للوقيعة بين كل مكونات الأمة: شعب مصر وجيشها وشرطتها وقضاتها ومحاميها وطلابها وأساتذتها ونقاباتها وفنَّانيها ورياضييها، وعمَّالها وفلاحيها، رجالها ونسائها، مسلميها ومسيحييها، شبابها وشيوخها، فقرائها وأغنيائها يمينها ووسطها ويسارها؛ للوصول لغايتهم العظمى فى إفشال المشروع الإسلامى وحامليه ومؤيديه، وهو ما نسعى جاهدين لمواجهته وكشفه أمام الجميع.
كما أن الشعب المصرى الكريم أثبت مرارًا وتكرارًا أنه فى قمَّة الوعى السياسى، وأنه أوعى بكثير من بعض من يُسمُّون أنفسهم بالنخبة، وأنه يُحسِن الاختيار بين البدائل وبين الأشخاص فى الأوقات الحاسمة المعبِّرة عن هوية الأمة ومشروعها الحضارى.
إخوانى الأحباب..
عزيزٌ علينا جدُّ عزيز أن يُصاب أحد من إخواننا وفلذات أكبادنا بأى أذى أو ضرر، فضلاً عن أن يصاب أو يُسْتَشهد، ونتمنى أن نفديه بأرواحنا لو استطعنا إلى ذلك سبيلا، ولكنها إرادة الله النافذة باختيار شهداء، وإصابة مصابين فى ابتلاء ربَّانى لمواجهة تهديدات ثورتنا المباركة وحماية الإرادة الشعبية، فالواجب يُحتِّم علينا اتخاذ قرارات حاسمة مبنيَّة على معلومات أكيدة ومتواترة نشعر معها أن خطرًا حقيقيًّا يتهدد بلادنا وأهلنا. وإننى على ثقة بأنكم تدركون ذلك ومستعدون للفداء والتضحية من أجل نهضة بلادنا بلا أدنى تردد، فنحن نتقرب إلى الله تعالى بكل أعمالنا ونخشاه فى كل حين، قدر استطاعتنا، (فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ وَاسْمَعُوا وَأَطِيعُوا وَأَنفِقُوا خَيْرًا لأَنفُسِكُمْ وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ المُفْلِحُونَ) (التغابن: 16). ونستعين به فى هذه القرارات، وندعوه أن يُلْهِمنا الصواب فى اتخاذ كافة الإجراءات بعد تطبيق الشورى بيننا، ومشاورة أهل الاختصاص، والتيقُّن والتوثق من المعلومات ودراسة الواقع والأخذ بكل الأسباب المعينة عليه، ثم يكون القرار الذى نعلم أنكم تثقون فيه وفى متخذيه ثقتنا فيكم؛ لأن الله سبحانه هو الغاية وهو الملجأ والملاذ لنا جميعًا.
فلنتوكل على ربِّ الأسباب، فأمر المؤمن دائمًا خير له وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن، وهذه وصية الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم: "اعبد الله عز وجل على الرضا، فإن لم تستطع ففى الصبر على ما تكره خير كثير".
إخوانى الأحباب..
إن مصر تمرّ الآن بمرحلة تاريخية فاصلة، وتحتاج منكم أن تُروا الله عز وجل من أنفسكم خيرًا فى نهضتها وتقدمها واستعادتها لمجدها، فكونوا من الصنف الذى يقلُّ عند الطمع ويكثر عند الفزع، وتسابقوا فى تقديم النفع والخير لأهلها وشعبها طاعة لله تعالى وحبًّا لهم. إن ما تحتاجه مصر من جهد وطاقة كثير جدًّا، ولا بد أن يواكبه عزيمة وهمَّة عالية، وللهِ درّ القائل:
عَلى قَدْرِ أهْلِ العَزْمِ تأتى العَزائِمُ وَيأتِى علَى قَدْرِ الكِرامِ المَكارمُ
وَتَعْظُمُ فى عَينِ الصّغيرِ صِغارُها وَتَصْغُرُ فى عَين العَظيمِ العَظائِمُ
وليكن نُصْب أعيننا جميعاً قوله تعالى: (وَأَنْ لَيْسَ لِلإِنسَانِ إِلاَّ مَا سَعَى * وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرَى * ثُمَّ يُجْزَاهُ الْجَزَاءَ الأَوْفَى) (النجم: 39 – 41)، فهذا هو الهدف، وذلك هو الطريق، وهذه هى النتيجة. فتحركوا بإيجابية وهمَّة عالية وتقربوا إلى الله بأعمالكم وجهدكم، وفَّقكم الله تعالى وسدَّد على طريق الحقِّ خطاكم، ورحم الله شهداء الأمة وداوى جرحاها ومرضاها وشفاهم جميعًا شفاء لا يغادر سقمًا، وأنزل الصبر والرضا على كل أهل الابتلاء.
ختامًا مضى وقت الكلام، فهيَّا إلى العمل الصالح المخلص، وإلى كل ما ينفع الناس فيمكث فى الأرض (وَقُلْ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ وَسَتُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ) (التوبة: 105).
وصلِّ اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم،
والله أكبر ولله الحمد.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.