"من أهم القرارات التى يتخذها الإنسان فى حياته صناعة مستقبله، وتعد مرحلة الشباب هى الفترة الملائمة لذلك والمستقبل يصنعه كل شاب بنفسه ولا أحد غيره، وعندما غابت هذه الحقيقة عن بعض شبابنا وقفوا فى طابور الانتظار الطويل، وأخرج كثير منهم جام غضبه على المجتمع والناس وهذا هو سر الاكتئاب والقلق الذى أصبح أكبر عائق يواجه شبابنا، مع أن نقطة البداية، التى هى عصا التحويل واضحة وسهلة جدا، حيث جعلها الله تعالى فى فطرة كل شاب، صافية نقية ودعائمها الايمان بالله والثقة فيه وامتلاك الطاقة الداخلية الدافعة، والعزيمة القوية والنية الصادقة لبناء مستقبل مشرق". بهذه المقدمة بدأ الكاتب الاجتماعى د. جمال ماضى كتابه (كن أنت ولا تكن غيرك) والتى صدرت الطبعة الأولى منه عام 2009 ضمن سلسلة "كلام للشباب" التى تصدرها دار الصحوة، ويقدم فيه الكاتب للشباب فنون صناعة المستقبل عبر أربعة فصول. يوضح الكاتب فى البداية أن الخوف والقلق الذى يصيب الشباب على مستقبلهم لا أساس له فى الواقع لأن الله عز وجل أهداهم الضمان الذى يحقق لهم الطمأنينة: الوجه الإيمانى فى اليقين والثقة بما قدره الله تعالى، ثم الوجه المادى فى السعى والدراسة والعمل وحل المشكلات وصنع الحياة الكريمة، فكأن هذا الضمان (وثيقة للشباب) فى صناعة المستقبل، والتى تجعله يسعى إلى تحقيق ذلك وهو آمن مطمئن مما يدفعه نحو التخطيط لحياته، وليس إلى الخوف والقلق. الاختيار مسئوليتك ويبين د. جمال أن مسئولية اختيار المستقبل والتخطيط له تقع بالدرجة الأولى على عاتق الشباب وهذه المسئولية هى أساس السعادة المستقبلية، وإن كانت تلك الأهداف ضائعة أو سطحية فإن صاحبها سيكون أول الضحايا ليس هو فقط ولكن من سيكون مسئولا عنهم بعد ذلك. ولذلك فإن أولى خطوات بناء الشباب لمستقبلهم تتمثل فى تجنبهم عدة صفات أهمها الأنانية والضعف وقلة الفهم. ثم يوجه الكاتب بعد ذلك عدة أسئلة للشباب فى بداية الطريق نحو المستقبل عن الكيفية التى يعد نفسه بها ليكون أهلا للنجاح فيتسائل : هل أنت مثقف، عاطفى، مقاتل، مسئول، مشارك، مفكر، مرن ؟ فالثقافة هى السلاح الذى يجعلك تعد نفسك للمستقبل، والعاطفة هى الانجذاب الفطرى نحو الجنس الآخر والوجهة الشرعية لتحقيقها هى الزواج، وعندما يدرك كل شاب هذا المفهوم يسعى الى الإعداد لحياة كريمة وتكوين أسرة سعيدة، ويعصمه من الوقوع فى الفاحشة حتى يتمكن من بناء مستقبل خال من الآثار النفسية والاجتماعية التى تنتج من فوضى العلاقات. استعد للمواجهة وينصحك الكاتب بأنه فى صناعة مستقبلك كن مقاتل؛ فهى معركة ولا تتعجب من ذلك فالمؤامرة شرسة على جيلك الذى يمثل 60% من الأمة وهو عماد نهضتها وقوتها، فلابد أن تصد الهجمات الفكرية الشرسة، واجعل الهدف واضحا واعمل بجد لإزالة كل العوائق، والتهيئة المستمرة لتكون عونا لنفسك ومجتمعك ووطنك وأمتك. والمسئولية تعنى التكليف والمحاسبة وتتمثل فى معرفة تفاصيل تلك المسئولية والانشغال بها، وامتلاك روح المبادرة والجد الذى لا يعرف الكسل لتحقيقها. أنت لا تصنع مستقبلك فى عزلة عن الآخرين لذلك لابد من المشاركة كما يشير الكاتب؛ والتى تأتى فى ظل تحديات كثيرة على كافة الأصعدة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، والتى لابد من أن تفهمها أنت والمسئولون فى آن واحد حتى تتخلص من حيرتك وتبتعد عن أزمة الثقة القائمة بين الطرفين وننجو جميعا من الترهل المبكر عندما يكون الشخص المناسب فى المكان المناسب. وتحتاج فى صناعة مستقبلك إلى التفكير الإبداعى، والرؤية الثاقبة للعالم من حولك، كأن تفكر فى البدائل وكيفية مناسبتها للواقع والمرونة بالتأقلم مع المتغيرات ومواجهة الجمود، والتخطيط للمستقبل يحتاج إلى العمل بجد ومواجهة معوقات الطريق كما يؤكد الكاتب، ولذا فعلى مواجهة الأفكار السلبية والإحباط المستقبلى بأسلحة قوية أولها الإيمان باليوم الآخر والعمل للسعادة الأبدية وتحمل المسئولية والالتزام الخلقى والاعتدال بين العقل والعاطفة. كل ذلك مع مواجهة الانحراف وذلك بإستعادة دور الأسرة ومكانة التعليم وتقوية الوازع الدينى وواقعية الإعلام والتخلص من الفراغ والبطالة والبعد عن قرناء السوء والجهل والحرية اللامسئولة واختلاط المفاهيم. مهارات المستقبل وفى النهاية يقدم الكاتب للشباب مهارات صناعة المستقبل والتى تتمثل في: - مهارة البحث عن الجديد الذى هو روح الحياة، ويتحقق التجديد بممارسة الهوايات المفضلة وقضاء وقت ممتع مع الأهل والأصدقاء ووضع برنامج يومى متنوع ومفيد. - مهارة اكتشاف المستقبل فكما نتوقع لأنفسنا يكون المستقبل، مع تقدير كافة الاحتمالات وأصعبها والاستعداد لها والاستبشار بالخير. - مهارة فهم الحياة وأنها هبة غالية من الله عز وجل، وهى خليط من الطموحات والعقبات أيضا، وعلينا أن نعيشها بأفضل ما يكون. - مهارة فهم المستقبل بالطموح والتوازن، والاستعداد المستمر وتنمية الذات وتقوية القدرات والمهارات.