اللهم ارزقنا أن نكظم غيظنا عبادة لك، فهناك الكثير مما يثير الغيظ، وأهمها المعايير المزدوجة التى يستخدمونها لخداع شعبنا وتضليله. ما رأيك أن تمارس معى رياضة كظم الغيظ؟! إنهم يطلقون على أنفسهم "القوى المدنية"، فما معنى ذلك المصطلح؟ وماذا نفهم منه؟ عليك أن تترك كل القواميس ودوائر المعارف وأبحاث العلماء وراء ظهرك، ولا تحاول أن تبحث عن معنى المصطلح فى الإنترنت بأى لغة، فالمصطلح الذى يريد القوم أن يغرسوه فى رأسك يختلف تماما عن كل ما تعارفت عليه الأمم. لا تحاول أن تستخدم العقل فى فهم خطابهم، فكل أقوالهم وأفعالهم تحار فى فهمها العقول، فهم يريدون الانقلاب على أول رئيس مدنى جاء إلى الحكم بإرادة الشعب ليأتى المجلس العسكرى فيحكم مرة أخرى حتى يتم تشكيل مجلس رئاسى من الخاسرين فى انتخابات الرئاسة. فهل يمكن أن يدعو مدنى إلى حكم عسكرى؟!! كيف يكون مدنيا من يريد إسقاط الحكم المدنى الشرعى ليأتى على أنقاضه انقلاب عسكرى؟!! ما رأيك هل ما زلت قادرا على كظم غيظك؟! وهل ما زلت تفهم مصطلح المدنية كما فهمه عباد الله فى العالم كله بأنه نقيض الحكم العسكرى؟! دراسة خطاب الذين يطلقون على أنفسهم القوى المدنية يوضح أنهم يقصدون بذلك المصطلح القوى غير الإسلامية فهم لا يعتبرون أن الإسلامى مدنى. إننا نعيش منذ عهد الاحتلال البريطانى حرب مصطلحات، هدفها تضليل الجماهير، ولقد قال أحد رموز القوى المدنية كما يطلقون على أنفسهم إن العلمانية مصطلح غير مقبول وسيئ السمعة فى العالم العربى؛ لذلك فإنهم يستخدمون مصطلح الليبرالية بديلا له، ومن الواضح أيضا من تحليل خطابهم أنهم لا يقصدون بالمدنية ذلك المعنى الذى نعرفه وإنما يستخدمونه بمعنى العلمانية، وهكذا تجمع الليبراليون واليساريون والناصريون وأعضاء الحزب الوطنى ورجال الأعمال الذين نهبوا ثروات شعب مصر، وأطلقوا على أنفسهم القوى المدنية، ثم جبهة إنقاذ مصر، ولقد قال مستر برادعى وهو من أهم زعماء الجبهة: إنهم لن يتخلوا عن مبادئهم وإنهم يريدون مصر دولة علمانية! هل ما زلت قادرا على أن تكظم غيظك، وهل عرفت لماذا يرفضون الدستور ويحاولون اقتحام قصر الاتحادية ويدعون إلى الانقلاب العسكرى ويطالبون الغرب بالتدخل؟ ولكن ما العلمانية التى يريدونها؟ هذا المصطلح يشكل أيضا تضليلا للشعب المصرى، فهو ترجمة غير صحيحة لكلمة SECULARITY – SECULARISM، وهى لا صلة لها بالعلم أو بالعالم. وهو يعنى نفى الدين وإبعاده عن الحياة والسياسة والاقتصاد وحصاره داخل المساجد والكنائس؛ حيث يقتصر دوره فقط على العبادة. وتصل بعض الدول المتطرفة فى علمانيتها إلى حد فرض الحظر على أى رموز أو مظاهر تستخدم للتعريف بهوية الفرد الدينية مثل الحجاب. كما ترفض بعض الدول أى مظاهر دينية مثل مآذن المساجد، أو رفع الأذان. والعلمانية تشمل الليبرالية الرأسمالية كما تشمل الشيوعية؛ حيث يرى كارل ماركس أن الدين أفيون الشعوب، ولذلك حارب الشيوعيون الإسلام فى جمهوريات الاتحاد السوفيتى بكل أساليب القهر والإبادة. كما تشمل العلمانية أيضا الفاشية والنازية، وترتبط باتجاه علمى يركز على المادة. فى مجال الثقافة ترتبط العلمانية بتوجيه الإنسان للحصول على أكبر قدر من المتعة واللذة والمنفعة الشخصية، باعتبار أن حياة الإنسان محدودة بالمدة الزمنية التى يعيشها على الأرض، وأن موته هو النهاية، وتم استخدام الأدب والسينما والمسلسلات التليفزيونية للترويج لهذا المفهوم. كما استخدمت العلمانية لإخضاع الشعوب لمتطلبات الرأسمالية؛ حيث يعمل الإنسان بكل جهده للحصول على أكبر قدر ممكن من المال ليشترى السلع التى يتمتع بها فى حياته القصيرة، وبذلك يتم الخضوع لمتطلبات السوق. ومع ذلك فإن الدول الغربية كلها تستخدم المعايير المزدوجة والنفاق فى تطبيقها للعلمانية؛ حيث تعمل على نشر التنصير فى إفريقيا، وتستخدم الرموز المسيحية لتقوية العلاقات مع دول أوروبا الشرقية، باعتبار أن الدين يشكل الأرضية المشتركة مع هذه الدول. كما تتسامح مع اليهود فى استخدامهم الرموز الدينية، والتميز عن الآخرين، وإثارة التعاطف الشعبى معهم، وجمع التبرعات لهم، ومساندتهم سياسيا وعسكريا واقتصاديا، رغم أن إسرائيل دولة دينية. وفى الوقت نفسه تتعامل مع المسلمين بعداء وكراهية عند استخدامهم رموزا دينية تظهر هويتهم أو تميزهم. وأمريكا تريد فرض العلمانية على الدول الإسلامية؛ حتى لا يستخدم الإسلام لمقاومة الهيمنة والاستغلال الأمريكى، أو يستخدم لتحقيق نهضة هذه الدول وتقدمها. تلك هى العلمانية التى تريد القوى التى تطلق على نفسها مصطلح المدنية أن تفرضه علينا كهوية للدولة المصرية، ومن أجل ذلك ينسحبون من الجمعية التأسيسية، ويؤكدون أنهم سيرفضون الدستور حتى لو وافقت عليه أغلبية الشعب!! ومن أجل العلمانية يرفضون نتائج الديمقراطية، ويستخدمون العنف، ويهددون بالحرب الأهلية، ويدعون الدول الغربية للتدخل فى شئون مصر، ويريدون أن يسقطوا الرئيس المنتخب، ثم يطلقون على أنفسهم مصطلح القوى المدنية وجبهة إنقاذ مصر... أرجو أن تكون قادرا على أن تكظم غيظك!