أولا أركان المصطلح 1- الدولة:- والدول في المصطلح السياسي تعنى مجموعة كبيرة من الأفراد يقيم بصفة دائمة مكانا معينا وكلمة دولة لم تعرف على هذا المعنى إلا في عصور حديثة وكان المصطلح القديم للدولة عند العرب (الخلافة – السلطنة-المملكة ) وعند اليونان Polis)) وعند الرومان (res publica) وكلمة دولة تشمل أيضا كل المؤسسات والأفراد الذين ينتظمهم الإطار السياسي للمجتمع. إذن باختصار مفهوم الدولة يعنى بأنها، شعب مستقر على إقليم معين، وخاضع لسلطة سياسية معينة، وهذا التعريف يتفق عليه أكثر العلماء لأنه يحتوي العناصر الرئيسة التي لا بد لقيام أي دولة منها، وهي الشعب، والإقليم والسلطة. المدنية وتعنى بأن الدولة غير عسكرية ويتولى الحكم فيها فرد مدني بنظام مدني ويكون الحكم عن طريق أدوات الديمقراطية المتعارف عليها وليس عن طريق الانقلابات العسكرية والاستيلاء على الحكم بقوة السلاح.والمدنية تتضح دلالتها عندما نقول إن المدنية كمقابل للبداوة فهي هنا بمعنى الحضارة والعمران وأيضا كمقابل الدينية فيقال العلوم المدنية مقابل العلوم الدينية وأيضا كمقابل للعسكرية وهكذا، إذن الدولة المدنية تعنى الدولة المتحضرة التي تنتشر فيها كل مقومات ومظاهر الحضارة والثقافة إذن المطالبة بالدولة المدنية على أساس هذا التعريف ليس ممنوعا بل مطلوب ولكن المشكلة في المفاهيم والمصطلحات التي يعدها البعض من أسس الدولة المدنية. وقد عرفت أوروبا مفهوم الدولة المدنية بعد أن تخلصت من الحكم الكنسي الديني إن مصطلح الدولة المدنية في تعبيرنا العربي له فضفاض مطاطي مما يسمح بالتضليل والتلاعب فالبعض يربط بين مصطلحا المدنية والعلمانية ولكن يفضلوا مصطلح المدنية بدلا من العلمانية وهذا لأنه مصطلح فضفاض يمكن إن يطلق على كثير من المصطلحات مثل الليبرالية مثلا، وهذا يساعد على التشويه الفكري للفرد وهذا يتضح أكثر عندما نرى التعريفات المتعددة للدولة المدنية فهناك من فهم الدولة المدنية على أساس أنها الدولة التي تقوم على المواطنة وتعدد الأديان وسيادة القانون، وهناك اخرمن يقول أنها الدولة التي يحكم فيها أهل الاختصاص في الحكم, ونظر إليها البعض الأخر على أساس أنها هي دولة المؤسسات التي تمثل الإنسان بمختلف أطيافه الفكرية والثقافية والأيديولوجية والحقيقة إن التعريفات كثيرة ومتشابكة سأتناولها في مقالة أخرى . وكما قلت إن الفارق كبير بين الدولة المدنية كما عرفتها والدولة العلمانية في ثياب الدولة المدنية فالدولة العلمانية تعني الحرية حيث يعتقد من يعتنقها إن يكون الإنسان حرا في إن يفعل ما يشاء ويقول ما يشاء ويعتقد ما يشاء دون التقييد بشريعة الله. وهذا يعنى عزل الدين تماما عن أمور الحياة حيث عطلت العلمانية علاقة الإنسان بربه وبهذا يكون الإنسان غير ملزم بالخضوع لأحكام الله في كل نواحي الحياة وان الله ليس له علاقة في غير العبادات والصلوات. ويرى فلاسفة العلمانية مثل جون لوك وفولتير إن العلمانية فلسفة في الحكم تسعى للحفاظ على وحدة الدولة مهما تعددت الأديان ويروا إن وظيفة الدولة هي رعاية مصالح المواطنين الدنيوية، أما الدين فيسعى إلى خلاص النفوس في الآخرة. فالدولة لا تستطيع بما تملك من وسائل أن تضمن لمواطنيها نجاتهم في الآخرة، والإنسان وحده هو الذي يضع التشريعات التي تحكم أمور الحياة دون الاستعانة بأي تشريعات دينية . لقد تأملنا في العرض السابق المختصر وحاولنا استخراج أهم معالم مفهوم الدولة المدنية والعلمانية والمقالة القادمة سنتكلم عن موقف الإسلام من الدولة المدنية والعلمانية ..