وزير الشباب والرياضة: الاستماع للشباب ركيزة لصنع السياسات ومحاربة التطرف    المتحدث العسكري: ختام فعاليات التدريب الجوي المصري الصيني المشترك نسور الحضارة- 2025    وزير الري: خطة وطنية لمراجعة منشآت حصاد مياه الأمطار    قرار عاجل من التعليم لإعادة تعيين العاملين من حملة المؤهلات العليا (مستند)    لليوم السادس.. التموين تواصل صرف مقررات مايو حتى التاسعة مساءً    استعدادات عيد الأضحى... التموين تضخ المزيد من السلع واللحوم بأسعار مخفضة    محافظ الجيزة يلتقي برئيس صندوق التنمية الحضرية لبحث تعزيز التعاون في المشروعات المشتركة    المنظمة الدولية: الذكاء الاصطناعي يهدد 75 مليون وظيفة    زيادة السولار والبنزين تعمق من انكماش أداء القطاع الخاص بمصر بأبريل    البيئة: خط إنتاج لإعادة تدوير الإطارات المستعملة بطاقة 50 ألف طن    الذراع الاستثماري لوزارة النقل.. 1.6 مليار جنيه إيرادات شركة "إم أو تي" خلال 2024    وزير خارجية الجبل الأسود: الشعب الفلسطيني يستحق السلام    البرلمان الألماني: ميرتس لم يحصل على الأغلبية المطلقة لمنصب المستشار في الجولة الأولى    بعد 14 عامًا.. وصول أول طائرة أردنية إلى سوريا    وزير السياحة الإسرائيلي: مهاجمة الحوثيين لا فائدة منها    الأمم المتحدة تحث الهند وباكستان على ضبط النفس وتجنب التصعيد العسكري    فضيحة جديدة بسبب سيجنال ووزير الدفاع الأمريكي.. إليك الكواليس    فانتازي يلا كورة.. أرنولد "المدافع الهداف" ينتظر إنجازا تاريخيا قبل الرحيل    شوبير: الأهلي استقر على مدربه الجديد من بين خمسة مرشحين    "هذه أحكام كرة القدم".. لاعب الزمالك يوجه رسالة مؤثرة للجماهير    «الداخلية»: ضبط (390) قضية مخدرات وتنفيذ (84) ألف حكم قضائي متنوع    مواصلة الجهود الأمنية لتحقيق الأمن ومواجهة كافة أشكال الخروج على القانون    محافظة دمياط تستعد لامتحانات نهاية العام    كم يوم متبقي حتى عيد الأضحى 2025 ؟    التضامن: فريق التدخل السريع تعامل مع 500 بلاغ في المحافظات خلال أبريل الماضي    سلمى أبو ضيف تحتفل بعيد ميلاد زوجها بطريقة رومانسية    وكيل الأزهر: على الشباب معرفة طبيعة العدو الصهيونى العدوانية والعنصرية    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الثلاثاء 6-5-2025 في محافظة قنا    وزير قطاع الأعمال العام يبحث مع رئيس هيئة الرعاية الصحية تعزيز التعاون المشترك لدعم الصناعة الوطنية والتنمية المستدامة    بالصور- محافظ أسوان يترأس اجتماع المجلس الإقليمى للسكان بحضور نائب وزير الصحة    مدير التأمين الصحى بالقليوبية تتابع جاهزية الطوارئ والخدمات الطبية بمستشفى النيل    منتخب شباب اليد يقص شريط مواجهاته في كأس العرب بلقاء العراق    صور حديثة تكشف أزمة بسد النهضة، والخبراء: التوربينات توقفت وإثيوبيا تفشل في تصريف المياه    وزير الثقافة يطلق مشروع "أهلا وسهلا بالطلبة" بتخفيض 50% للمسارح والمتاحف    «ليه محدش بيزورني؟».. تفاصيل آخر لقاء ل نعيم عيسي قبل رحيله    القائم بأعمال سفير الهند يشيد بدور المركز القومى للترجمة    رسميًا.. جداول امتحانات النقل للمرحلة الثانوية 2025 في مطروح (صور)    وزير السياحة: قريبا إطلاق بنك للفرص الاستثمارية السياحية بمصر    فاضل 31 يوما.. موعد وقفة عرفات وعيد الأضحى المبارك 2025    مدرب كريستال بالاس: هذا ما يجب علينا تقبله    «الداخلية»: ضبط شخص عرض سيارة غير قابلة للترخيص للبيع عبر «فيس بوك»    ضبط (18) طن دقيق مدعم قبل بيعها بالسوق السوداء    «الصحة» تستعرض إنجازات إدارة الغسيل الكلوي خلال الربع الأول من 2025    الزمالك يستقر على رحيل بيسيرو    السعادة تغمر مدرب جيرونا بعد الفوز الأول بالليجا منذ 3 أشهر    النيابة تأمر بإيداع 3 أطفال بدار إيواء بعد إصابة طفل بطلق ناري بكفر الشيخ    «العمل» تعلن عن 280 وظيفة للشباب بالشركة الوطنية لصناعات السكك الحديدية    ما علاقة الشيطان بالنفس؟.. عالم أزهري يوضح    تامر عبد الحميد: لابد من إقالة بيسيرو وطارق مصطفى يستحق قيادة الزمالك    وزارة الصحة: حصول 8 منشآت رعاية أولية إضافية على اعتماد «GAHAR»    علي الشامل: الزعيم فاتح بيته للكل.. ونفسي أعمل حاجة زي "لام شمسية"    19 مايو.. أولى جلسات محاكمة مذيعة بتهمة سب المخرج خالد يوسف وزوجته    سعر الذهب اليوم الثلاثاء 6 مايو 2025 وعيار 21 الآن بعد آخر ارتفاع    طرح فيلم «هيبتا المناظرة الأخيرة» الجزء الثاني في السينمات بهذا الموعد؟    السودان يطلب مساعدة السعودية للسيطرة على حريق مستودعات وقود بورتسودان    هل يجوز الحديث مع الغير أثناء الطواف.. الأزهر يوضح    مؤتمر منظمة المرأة العربية يبحث "فرص النساء في الفضاء السيبراني و مواجهة العنف التكنولوجي"    إيناس الدغيدي وعماد زيادة في عزاء زوج كارول سماحة.. صور    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



رسالة من أ.د. محمد بديع: تحديات حقيقية تواجه الأمة

الحمد لله حمدًا كثيرًا مباركًا فيه، والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم، وبعد..
فلقد منَّ الله على أمتنا العربية والإسلامية بنجاح ثورات الربيع العربى بفضل كبير منه سبحانه، وظنَّ البعض أن مجرد إسقاط رءوس الأنظمة الفاسدة والإطاحة بهم أو سجنهم سيكون بداية عهد جديد لنهضة البلاد وإصلاح ما أفسده الظالمون عبر سنوات حكمهم. ولكن الحقيقة الواضحة أن هناك تحديات جسيمة وعقبات كئودا ما زالت تواجه الأمة؛ لتنال حريتها وتسير فى طريق نهضتها وتحقيق آمالها.
إن إسقاط الأنظمة الفاسدة المفسدة مجرد خطوة على الطريق الصحيح، ولكن هناك خطوات عديدة ضرورية وواجبة لتحقق الثورات أهدافها الحقيقية وتنتصر لشعوبها. وأولى هذه الخطوات وأهمها على الإطلاق مواجهة التحديات العديدة التى تواجهها وتعترض طريقها، بل تهددها بصورة مباشرة، ومن أهم هذه التحديات:
أولا: محاولة إعادة إنتاج النظم السابقة
إن أذناب النظم السابقة لم ييأسوا بعد، ويبذلون الكثير من الجهد والأموال المنهوبة من قوت الشعوب لحماية مصالحهم وما تحصلوا عليه من ميزات عبر سنوات الحكم السابقة.
فهم لا يدَّخرون جهدًا لمحاولة إعادة إنتاج النظم التى تربوا فى كنفها وتربحوا منها؛ لأن فيها مستقبلهم وحماية مصالحهم، واستمرارًا لمسلسل الفساد الذى عاشوا فى كنفه. وهم يوظفون فى سبيل ذلك كل طاقاتهم البشرية والمالية والإعلامية، ويسلكون كل الطرق غير المشروعة من بلطجة وتعطيل للأعمال والمصالح وقطع للطرق، وغيرها من وسائل يرفضها جميع المواطنين الشرفاء. ويهدفون من وراء ذلك إلى إشاعة الفزع والرعب فى نفوس المواطنين؛ ليترحموا على أيام النظم السابقة {وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ} [الأنفال: 30].
كما أنهم يندسون فى صفوف بعض المعارضين الشرفاء ويخدعونهم بمعسول الكلام وكثرة الإنفاق من المال الحرام؛ ليفرِّقوا بينهم وبين شركائهم الحقيقيين فى مقاومة الظلم والفساد قبل الثورات وحتى إسقاط الظالمين. وهذا ليس حبًّا فيهم ولا رغبة فى نهضة أوطانهم، ولكن لإعادة استنساخ وإنتاج نظم أسيادهم وأولياء نعمهم عن طريق نظريات "فرِّقْ تَسُد" و"الغاية تبرِّر الوسيلة"، وتناسوا قول الله تعالى: {وَلا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلاَّ بِأَهْلِهِ} [فاطر: 43].
ثانيًا: تشتيت الجهود
إن ما تحتاجه أوطاننا منا الآن هو وحدة الصف والجهود، ولأن نتفق على الصواب خير من أن نختلف على الأصوب. فتشتُّت الجهود يصبُّ فى صالح أعداء الثورات ويساعدهم لتحقيق مآربهم المشبوهة، ويعينهم على الالتفاف على الثورات والانقضاض عليها، كل ذلك بسبب ما حذَّر منه الصادق المصدوق "دنيا مؤثَرَة، وإعجاب كل ذى رأى برأيه"، وصدق الشاعر حين قال:
نحن نجتاز موقفًا تعثر الآراء فيه *** وعثرة الرأى تُرْدى
فإذا خلصت النوايا وتوحَّدت الجهود وتضافرت الطاقات وانتهجنا سبيل العمل الجماعى للصالح العام، وسِرْنا وفق منظومة العقل الجمعى، حيث نستفيد من كل العقول والأفكار والأطروحات لإنجاز الهدف المحدد؛ نعرض الرأى ولا نفرض الرأى، لتغيرت أوطاننا للأفضل ولأنجزنا أهداف ثوراتنا فى أقرب وقت، وليكن شعارنا جميعًا {وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلا تَفَرَّقُوا} [آل عمران: 103].
ثالثًا: محاولة هدم الشرعية
هناك أيادٍ خفية تعمل بليل تحاول هدم ما يُبنى من مؤسسات منتخبة لرغبة فى أنفسهم للنيل من استقرار البلاد وتقدمها وإعادة بناء مؤسساتها المنتخبة. فهم يريدون إحداث حالة من الفراغ الدستورى والتشريعى لإرباك المشهد السياسى ومتخذ القرار؛ لتظهر صورة غير حقيقية عن الشعوب وإدارتها لشئونها عبر ممثليها المنتخبين، ولإطالة أمد المرحلة الانتقالية وما يترتب عليها من تأثير مباشر على الوضع السياسى عمومًا والاقتصادى خصوصًا.
إن أولى خطوات إعادة بناء الأوطان إنما بصنف من الرِّجال صَدَقوا ما عاهدوا الله عليه، ثم بناء المؤسسات الشرعية المنتخبة المعبرة عن شعوبها وطموحاتها وآمالها، ودعم هذه المؤسسات لتقوم بدورها المنوط بها. أما محاولات البعض لهدمها وتشويهها والتقليل من شأنها فهى خطوات للهدم لا البناء، وللعودة للوراء لا للتقدم للأمام. ويصدق فيها قوله تعالى: {وَلا تَكُونُوا كَالَّتِى نَقَضَتْ غَزْلَهَا مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ أَنكَاثًا} [النحل: 92].
رابعًا: محاولة إهدار إرادة الشعوب
هناك محاولات غير خافية على أحد لإهدار الإرادة الشعبية وعدم النزول عليها، بل فى بعض الأحيان تسفيهها. وهذا يتنافى مع أبسط قواعد الديمقراطية التى تعتبر الشعب مصدر السلطات، وأنه لا صوت فوق صوت الشعب. فنجد البعض يحتكر الحديث باسم الشعب ومصالحه وهو أبعد ما يكون عن ذلك، فهو غير معايش للشعب ولا يدرك مطالبه الأساسية ولا مشاكله الجوهرية، ويعمل ضدَّ كل مصالح الشعب الحالية والمستقبلية، فمن الذى يبنى مؤسسة مجالس منتخبة؟ ومن الذى هدمها، وما زال يحاول هدمها؟ ولن يمكِّنه الله عز وجل، ثم أيضًا لن يمكِّنه الشعب المستيقظ الحر المستنير.
إن محاولات القفز على خيارات الشعب وفرض الوصاية عليه تحت دعاوى مشبوهة لن تنطلى على الشعوب الواعية، التى أثبتت أنها أوعى بكثير من بعض من يطلقون على أنفسهم اسم النخبة. فالشعوب تدرك مصلحتها وتعلم جيدًا من يعمل لمصلحتها ومن يعمل لمصالحه الخاصة، ويهدر إرادة الشعوب وخياراتها لأغراض فى نفسه، ويمارس ديكتاتورية الأقلية ويأبى القبول بالصندوق الانتخابى معبِّرا حقيقيا عن إرادة الشعوب.
خامسًا: تعطيل الاستثمار
إن مناخ الفرقة والشقاق والتنازع والخلاف لا يمكن أن يكون مناخًا صحيًّا للاستثمار أو داعمًا له، فأجواء الإضرابات المستمرة والاعتصامات المتتالية والاعتداءات على المصالح وتعطيل الإنتاج وقطع الطرق هى عناصر طرد للاستثمار لا عناصر جذب، وهى عكس ما نريد تمامًا، بل مخالفة وعصيان لأوامر رسول الله صلى الله عليه وسلم ومدحه لليد المنتجة ((هذه يدٌ يُحبُّها الله ورسوله))، وعن إماطة الأذى عن الطريق "صَدَقة" وليس وضع الأذى فى الطريق، فبعد الثورات المباركة نحن نريد المزيد من الاستثمارات الحقيقية التى تنهض بالبلاد اقتصاديًّا، وتزيد من فرص العمل وزيادة الإنتاج، وتُدِرّ دخلاً قوميًّا حقيقيًّا. وأى تحرك غير محسوب ولو بمجرد إطلاق شائعة سيؤثر على الاستثمار سلبًا، فهل هذا ما يريده المخلصون والثوار الحقيقيون، أم أن هناك من يحاول أن يضرب الاقتصاد القومى لتهرب الاستثمارات وتزيد المشكلات فتكفر الشعوب بالثورات وتيأس من التغيير والتقدم؟!
سادسًا: تهديد الجبهة الداخلية
إن البعض بكل أسف لا يدرك الفرق بين خلاف التنوع الذى يُثرى الآراء ويطرح الرؤى والأطروحات وينضج الحلول والبدائل، وبين خلاف التضاد الذى يفرق ولا يجمِّع ويُوغر الصدور ويهدر الطاقات؛ مما يؤدى إلى استخدام بعض الوسائل أو طرح بعض الآراء التى تهدد الجبهة الداخلية للبلاد، وتضرب فى الصميم وحدتها الوطنية. فبماذا نفسِّر مثلاً طلب بعضهم التصويت التمييزى فى الانتخابات؛ حيث يكون للمتعلم صوت وغير المتعلم نصف صوت أو يمنع من التصويت. أليس فى ذلك إهدار لأبسط حقوق المواطنة التى يتشدق بها البعض؟! كما يحاول البعض اللعب على وتر البعد الدينى والطائفى وإقحامه فى معترك الخلاف السياسى وهو ما من شأنه تعقيد الأمور، بل خروجها عن السيطرة؛ لذا فيجب على الوطنيين المخلصين البُعد عن إقحام مثل تلك الأطروحات الفاسدة التى تسمم الأجواء وتهدد الاستقرار.
سابعًا: أذناب النظم السابقة
ما زال بعض أذناب النظم السابقة يحيكون المؤامرات والدسائس للنيل من استقرار البلاد؛ ظنًّا منهم أنه بإمكانهم إفشال الثورات والالتفاف عليها وتفريغها من مكتسباتها؛ لأنهم يدركون أنهم لا يمكن أن يعملوا فى أجواء نظيفة وصحية فى ظلّ أجواء الحرية والشفافية. فمكاسبهم تنمو فى ظل الفساد والإفساد والأجواء الموبوءة، وشياطين الإنس والجنّ يتعاونون فى الفساد والإفساد فى كل زمان ومكان حتى فى مواجهة الأنبياء، ولكن قدر الله غالب ولكن أكثر الناس لا يعلمون {وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ وَلا نَبِى إلا إذَا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِى أُمْنِيَّتِهِ فَيَنسَخُ اللَّهُ مَا يُلْقِى الشَّيْطَانُ ثُمَّ يُحْكِمُ اللَّهُ آيَاتِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ} [الحج: 52].
لذا يجب الأخذ على يد هذا البعض ومحاسبته وعدم ترك المجال لهم ليفسدوا فى الحياة العامة وليس السياسية فقط، فهم يسمِّمون الأجواء بانتهاجهم سبل البلطجة والقتل واستخدام السلاح فى الخلاف السياسى، ويعيثون فسادًا فى معظم مفاصل الدولة الإدارية. وهذا تحدٍّ كبير يجب مواجهته بحزم وبإرادة شعبية واعية وإدارة سياسية حازمة وسبل قضائية ناجزة.
ثامنًا: التحديات الخارجية
لا يخفى على أحد حجم التحديات الخارجية التى تواجهها الثورات العربية عمومًا والثورة المصرية خصوصًا؛ فمصر العظيمة مستهدفة من عدة جهات وعلى عدة جبهات لا يمكن إغفال خطورتها، فالعديد من القوى الدولية والإقليمية تتربص بمصر ولا تريد لها تقدمًا ولا رخاء ولا استقرارًا؛ إذ إن إضعاف مصر كما حدث فى الماضى إضعاف للأمة العربية ومكانتها ودورها، وأيضًا بنهضة مصر تنهض الأمة كلها، وبقوتها ستقوى وستَدْعَم جميع قضايا أمتنا. كما رأينا فى الفترة القصيرة الماضية من رفعة شأن مصر والأمة العربية فى كل المحافل وكل القضايا؛ لذا يحاول البعض جاهدًا إعاقة تقدم الثورة المصرية مهما كلفه من مال وجهد، وتناسى هؤلاء أن مصر عصية على التبعية وعلى التطويع، وأنها أكبر من أى قوة إقليمية كانت أو دولية، برجالها ونسائها وعلمائها وقادتها وقوتها الناعمة وثرواتها الطبيعية، وبجميع المقومات التاريخية والجغرافية المحققة لذلك.
تاسعًا: رسالة للشعب المصرى
أيها الشعب المصرى الكريم.. أنت الآن محط الأنظار ومهوى الأفئدة، وأنت صاحب القرار وسيده، وأنت مضرب الأمثال فى العالم كله بعد ثورتك المباركة. فعليك بالوحدة والتماسك وإعلاء راية الحرية والكرامة والعزة، واتخذ قراراتك المصيريَّة وفق ما يمليه عليك ضميرك. فالوطن وطننا جميعًا ونهضته نهضتنا جميعًا، فلنتكاتف ونتمسك بالشرعية وبضرورة استكمال بناء المؤسسات المنتخبة لنهضة بلادنا واستقرارها وتقدمها، وسيقف الخلق جميعًا ينظرون كيف نبنى كما بنيت قواعد مجدك وحدك.
ولنبنِ الوطن بمسئولية حقيقية ولنحتكم لإرادة الشعب ونعلها ونعظمها ولا نقفز أو نلتف عليها، ولننبذ العنف والتخريب والدمار؛ فالخلاف السياسى قائم ووارد وصحى وهو دافع للتقدم، ولا مجال فيه لاستخدام العنف أو البلطجة أو الأسلحة أو القتل والتدمير والسرقة وترويع الآمنين، أو الدعوة للفوضى وتعطيل مصالح الشعب.
إن التاريخ هو الحكم على جميع الأطراف بتصرفاتهم وقراراتهم وأعمالهم، ولن يرحم من يفرط فى حقوق الشعب ومكتسباته أو من يبذر بذور الفرقة والشقاق بين أبناء الشعب الواحد، أو من يثير النعرات الطائفية أو العرقية والطائفية بين أبناء الوطن الواحد، أو من يحاول الاستقواء بالخارج لتمرير قناعته الواهية التى لفظها الشعب، وسيذكر التاريخ أيضًا من انحاز للشعب وخياراته وعظَّم إرادته وضحَّى فى سبيل حريته ونهضته والمحافظة على مكتسباته بأغلى ما يملك {فَسَتَذْكُرُونَ مَا أَقُولُ لَكُمْ وَأُفَوِّضُ أَمْرِى إِلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ} [غافر: 44]، {إِنْ أُرِيدُ إِلاَّ الإِصْلاحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِى إِلاَّ بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ} [هود: 88].
وصلّ اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم، والله أكبر ولله الحمد.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.