أُصيبت أروقة وزارة الخارجية بحكومة العسكر بصدمة وحالة من التشنج اللا إرادي؛ على خلفية انتقاد صحيفة الجارديان البريطانية لرد فعل زعيم الانقلاب عبد الفتاح السيسي على الهجوم الإرهابي الذي وقع بمسجد الروضة، الجمعة الماضية، وأسفر عن استشهاد 339 شخصًا بينهم 27 طفلا. وأبدى المتحدث الرسمي لوزارة الخارجية بحكومة العسكر، المستشار أحمد أبو زيد، انزعاجه الجارف بالصدمة والغضب جراء المقال، الذي ادعى في تغريدة على موقع «تويتر» بأنه «نموذج صارخ للمعايير المزدوجة وانتهاك لقرار مجلس الأمن 2354، الذي يحظر بشكل واضح تمجيد أو تبرير أو التحريض على أعمال الإرهاب»، فما الأسباب التي دفعت خارجية العسكر إلى الشعور بالصدمة من المقال المذكور؟. فالمقال الذي كتبه «سايمون تزدول»، مساعد رئيس تحرير الجارديان، جاء بعنوان ««رد القاهرة بالقبضة الحديدية على الهجمات الإرهابية لن ينجح أبدًا»، حيث ينتقد استراتيجية رئيس الانقلاب في التعامل مع الهجمات الإرهابية بسيناء، ليس ذلك فقط بل ينتقد أيضا تصريحات السيسي عقب الحادث الإرهابي، حول استخدام «القوة الغاشمة»، باعتبار ذلك يعكس قيم الثأر والفوضى لا دولة القانون. السبب الأول لتشنج خارجية العسكر، هي وصف الكاتب للضربات الجوية التي نفذتها قوات الجيش عقب الحادث الإرهابي بالعشوائية، مشككًا في بيان المتحدث العسكري حول نجاح هذه الغارات في القضاء على بعض المواقع التابعة للإرهابيين الذين نفذوا الهجوم، مؤكدا أن الأمر ليس بهذه البساطة. ويرجح «سايمون تزدول»، أن تكون المواقع التي قصفت قد اختيرت بعشوائية. من جانبها، علَّقت وسائل الإعلام الموالية للعسكر على هذه الجزئية، بأن الكاتب لم يقدم دليلا على ادعائه، وللحق فإن بيان المتحدث العسكري أيضا لم يقدم دليلا ملموسًا، كما أنَّ كثيرا من الصور والجثامين التي يرفقها في بيانه لا يمكن التأكد منها، بأنهم إرهابيون فعلا وليسوا مواطنين عاديين صادف حظهم العاثر أن يكونوا في نفس مكان القصف والغارات. السبب الثاني الذي أصاب خارجية العسكر بالصدمة من المقال، أن الكاتب انتقد استراتيجية العسكر في مواجهة الإرهاب؛ كما انتقد استخدام جنرال العسكر عبد الفتاح السيسي عبارة "قوة غاشمة"، ويستشهد الكاتب على ما ذهب إليه، بما جرى في عهد الرئيس الأسبق حسني مبارك، وكيف استخدم نظامه «القبضة الأمنية في التعامل مع المتشددين الإسلاميين في الصعيد، وأدى ذلك إلى تدمير مصادر معيشة الفلاحين، وهو ما جعلهم هدفًا سهلًا مكّن المتطرفين من اجتذابهم لصفوفهم». ويشدد الكاتب على أن سياسة القبضة الحديدية التي استخدمت في سيناء لم تؤدِ إلى إضعاف المتطرفين، بل على العكس هناك احتمال أن تكون صلة تنظيم «ولاية سيناء» مع تنظيم «داعش» تزداد قوة، فبعد هزيمة التنظيم في سوريا والعراق يبدو أنه يعيد صفوفه في ليبيا، وقد يصبح شمال سيناء مقصدًا آخر للجهاديين المطرودين. وسايمون تيزدل، كاتب المقال، هو مساعد رئيس التحرير في صحيفة «جارديان»، وكاتب عمود الشئون الخارجية. كما أنه كاتب متخصص في الشئون الأجنبية للصحيفة، وعمل أيضا كمحرر أجنبي ومراسل الصحيفة من العاصمة الأمريكيةواشنطن. وفي الفترة من عام 1996 إلى 1998 كان المحرر الأجنبي لمجلة «أوبزرفر» البريطانية، المملوكة لمؤسسة «جارديان ميديا جروب». ولم يكتب «تيزدل» مقالات عن مصر منذ عام 2006، عندما كتب مقالا في «جارديان» بعنوان «مصر ترى أن هذا ليس وقت الديمقراطية»، انتقد فيه تعامل المخلوع حسني مبارك مع الحركات السياسية مثل كفاية، وبعض الحركات النسوية المطالبة بالمساواة بين الجنسين، واتضح بعد ذلك أنه كان على صواب، ولكن مبارك لم يكترث لكتاباته حتى وقعت ثورة يناير2011م.