الحقيقة الغائبة: مرسى يحتاج إلى معارضيه أكثر من مناصريه.. السؤال الحاضر: هل توجد معارضة فى مصر؟ . هذا السؤال الساحر طرحه توءمى الملتصق الزميل على عبد المنعم، عبر صفحته على فيس بوك ، لتأكيد حاجة مصر الجديدة إلى معارضة وطنية نزيهة، ربما أكثر من المؤيدين والمناصرين والإخوة والأخوات. مرسى يحتاج اليوم، أكثر من أى وقت مضى، إلى معارضة يقظة، تحسب عليه خطواته، وتراجعه فى قراراته، وتطرح عليه الخطط البديلة، وتضع بين يديه ملفات الفساد، وترشده إلى أماكن الخلل، وتواجهه بأوجه القصور، وتصارحه باتجاهات الرأى العام الحقيقية . لو كنت فى موضع مرسى -عافانا الله من هذا الابتلاء وأعانه عليه- لما ترددت لحظة للاستماع إلى المعارضين الشرفاء، والإنصات إلى المختلفين فى الرؤى، وقراءة أعمدة الرأى بالصحف المعارضة قبل المؤيدة، لتعرف نقاط الضعف، وأبرز السلبيات، وأساليب تصويب الأداء، وإصلاح المسار. ولكن هل تتوفر أمام الرئيس تلك الممارسة المسئولة من المعارضة؟ هل يجد الدعم الحقيقى من المختلفين معه كما يجده من المؤيدين؟ هل تؤدى المعارضة دورها فى مجال الدفع العكسى لتحقيق التوازن مع كفة أنصار الرئيس، لتتحقق أمام سيادته رؤية متوازنة، وصوت متكافئ لثنائية (مع / ضد)؟ هل يستفيد الرئيس من معارضة تسأله عن كيلو المانجو وتنشر له فيديوهات -لا مؤاخذة- النف والتف وتحتفى بلقطات هندامه لملابسه؟! نعم.. فى أوروبا والدول المتقدمة تنشر تلك الفيديوهات واللقطات، لكن من باب الإضحاك والطرائف، لا من أجل تحقيق مكاسب انتخابية أو ابتزاز سياسى أو مزايدة إعلامية، أو فرصة توك شووية . فى أوروبا والدول المتقدمة ينشرون كتبا عن السقطات التعبيرية، والأخطاء اللغوية، والمواقف المحرجة فى حياة الرؤساء والمسئولين، لكنهم لم يكتفوا بالضحكة والسخرية و لايك و شير ، إنما يقدمون حلولا للمشكلات، وبدائل للطرح الرسمى، ويتنافسون فى الشارع، لا فى الفضاء الإعلامى أو العالم الافتراضى. عندما يقف أول رئيس مدنى فى تاريخ مصر، يمسك كتابه بيمينه، ويقدم كشف حساب شامل أمام الشعب الذى اختاره فى انتخابات حرة نزيهة غير مسبوقة، فذلك فى حد ذاته، أحد أهم مكاسب ثورة 25 يناير التى جعلت الرئيس يُحاسب أمام الشعب -لا أمام (شعبه)؛ فالفارق بينهما كبير- ولأول مرة نجد أن رئيس الجمهورية مسئول بمعنى الكلمة مِن: سأل يسأل مسئولا . عندما تحدث تلك النقلة النوعية التى نجد فيها الرئيس يستعرض بالأرقام نسبة نجاح مستهدفات خطته فى ال100 يوم الأولى، ونراه يعطى نفسه فى ملف النظافة مثلا 40%؛ أى أنه لم يحقق النصف، فذلك يمكن أن يكون أساسا متينا للبناء عليه فى الوقفات المقبلة مع الرئيس، أو فى ال100 يوم الأولى للرئيس القادم. لكن المؤسف أن تجد المعارضة ترد على تلك القفزات النوعية التى تحققت بفضل دماء الشهداء وأنات الجرحى والمصابين، والتى خطاها مرسى مدعوما بالإرادة الشعبية الحرة؛ بتعليقات من عينة مرسى يحصل على صفر ، ومانشيتات مثيرة تفتقد الحد الأدنى من الموضوعية والحيادية، وبخلط متعمد للرأى بالمعلومة لتضليل القارئ، فتلك مراهقة سياسية من فئة فى المعارضة لا تستشعر المسئولية الوطنية الملقاة على عاتقها. مشكلة تلك الممارسات الانفعالية الانتقامية الشخصية، أنها تصنع الفرعون بحق، فماذا لو وقف الرئيس -أى رئيس- مع نفسه قائلا: ما دام أنه لا فائدة مع تلك المعارضة، ف خلاص إياكش تولع ، فلا نجد بعد ذلك من يقيّم نفسه، ومن يعرض كشف حسابه، ما دامت النتيجة فى النهاية صفرا !. نعم، التطبيل للحاكم يخلق الطاغية.. لكن هيافات المعارضة تصنع الفرعون.