باتت لدىَّ قناعة بأننا نعيش فى عهد كوميدى بكل المقاييس، وإلا فكيف يمكن لنا أن نقرأ مثل هذا المانشيت الذى تصدَّر جريدة الأهرام اليومية الرسمية، التى هى لسان حال الدولة المصرية.. المانشيت: «الشريف: المعارضة تحقق مفاجأة وتفوز ب4 مقاعد فى الشورى.. والوطنى يحصد الأغلبية». إلى هذا الحد باتت الأمور تثير الضحك.. هل فوز المعارضة بأربعة مقاعد بات يعد مفاجأة؟ أن تمثل المعارضة بأربعة مقاعد من 264 مقعداً بات يعد إنجازاً لم يتوقعة أحد وحدوثه يعد مفاجأة، كما يصرح السيد صفوت الشريف، الأمين العام للحزب الوطنى، حيث يقول بالحرف الواحد فى تصريحه للأهرام: «إن الانتخابات أسفرت عن عدة مفاجآت- طبقا لما أعلنه القضاة فى عدد من الدوائر- فى مقدمتها فوز مرشحى أحزاب المعارضة فى عدد من الدوائر، من بينهم صلاح مصباح مرشح حزب التجمع فى دمياط، ومحسن عطية مرشح الحزب الناصرى فى الأزبكية، وموسى مصطفى موسى، رئيس حزب الغد فى الجيزة». أعلن صفوت الشريف ترحيب الحزب الوطنى بفوز أحزاب المعارضة المؤهلة لخوض انتخابات مجلس الشعب. مثل هذا التصريح إن دل على شىء فإنما يدل على أن أقطاب الحزب الوطنى يرون فى الأساس أن الفوز بالانتخابات من الطبيعى والعادى أن يكون من نصيب الحزب الوطنى، وحدوث ما هو مخالف لذلك مفاجأة يتم التوقف أمامها والتهليل لها ببساطة، لأنها غير عادية وغير متوقعة. الأساسى والطبيعى أن يفوز الحزب الوطنى، وغير العادى، الذى يصل إلى حد وصفه ب«المفاجأة» هو فوز أحزاب المعارضة، حتى لو تمثل هذا الفوز فى أربعة مقاعد فقط. كيف يمكن أن ينظر أى مراقب لهذا الفوز هل يعده مفاجأة أم كارثة سياسية أن تمثل معارضة بلد بأكمله فى أربعة مقاعد لاغير؟.. المهم من أى زاوية تنظر: زاوية أهمية أى معارضة فى الحياة السياسية، ومن هنا يجب أن يكون لها تواجد يماثل هذه الأهمية، أم أنه كان من المفروض أن تذهب هذه المقاعد الأربعة إلى الحزب الوطنى، وذهابها إلى المعارضة يدل على أزهى عصور الديمقراطية؟.. هل المقصود أن تكون هناك بالفعل ممارسة ديمقراطية أم أن الأمر فى النهاية أن نقول إن هناك معارضة فازت بشكل يكاد يكون صورياً، يتمثل فى أربعة مقاعد لا غير تترك للمعارضة، فقط لكى نقول إن لدينا معارضة.. مجرد تمثيل وإن كان غير مشرف لكنه ينفع السلطة السياسية لكى تؤكد أنها لا تجمع كل شىء فى قبضتها وقبضة حزبها، وقتها تقسم على أن الانتخابات النزيهة أتت بالمعارضة حتى وإن كان الأمر لا يتعدى الأربعة مقاعد فقط.. أربعة مقاعد تنفع السلطة السياسية وحزبها وقت الزنقة، ولا تفيد المعارضة فى شىء فذلك، يندرج ضمن استخدامها الأزلى ك«كومبارس».. من حق السلطة التهليل لهذا الإنجاز الديمقراطى ولا عزاء للمعارضة. [email protected]