مع استمرار الجدل حول نية سلطات الانقلاب تعديل الدستور، من أجل تأمين كرسي الحكم، الذي استولى عليه قائد الانقلاب العسكري عبدالفتاح السيسي بعد اختطاف الرئيس محمد مرسي وقتل آلاف الأبرياء في مذبحة رابعة العدوية 2013، تكشف الأيام أن كل العقائد التي أعلن السيسي إيمانه بها، ما هي إلا مجرد بضاعة يتاجر بها للوصول لأهدافه الشخصية، وتأمين منصبه، وعلى رأس هذه الأشياء الشعب المصري نفسه. الشعب لم يجد من يحنو عليه بدأ قائد الانقلاب السيسي تبرير انقلابه العسكري على الرئيس مرسي، بأن الشعب المصري لم يجد من يحنو عليه، وأنه كان لا بد من الإطاحة بالرئيس الشرعي بزعم أن هذا الشعب واجه الصعاب كثيرا، وفقد الأمن والغذاء والطمأنينة، وحان وقت تحقيق رفاهية الشعب المصري، ووعد السيسي الغلابة بانهار العسل المصفى، مع بداية انقلابه العسكري، في عام 2013، وما أن وصل السيسي للحكم، حتى أظهر وجهه الحقيقي لهذا الشعب، من خلال إفقاره وإذلاله، برفع أسعار السلع الغذائية ورفع الدعم عن الغلابة، وتدمير حياة المصريين بزعم الإصلاح الاقتصادي، الذي نهب من خلاله أموال المصريين في مشروعاته الفاشلة. وأصبح المواطن المصري مع حكم السيسي أمام أوضاع سياسية واقتصادية واجتماعية وأمنية ربما توقعها البعض لكن آخرين لم يكونوا يتوقعون أو يتمنون الوصول إليها. وكشف السيسي وجهه الحقيقي للشعب المصري، وبدأ في إدخال نغمة مختلفة عن التي وعد بها المصريين، وقال للجائعين، "هتاكلوا مصر يعني؟"، كما وعدهم بالفقر والجوع قائلا: " هانجوع ما نجوع "، كما سخر من آلامهم ضاحكا، حينما قال "أنا عارف إن الناس تعبانة بس لازم نستحمل عشان مصر"، فضلا عن أن السيسي وصل لأبعد من ذلك حينما طالب المصريين الغلابة أن يتبرعوا بأموالهم "الفكة" من أجل مصر. وعلى الرغم من التأييد الذي يجده السفاح من الإعلاميين والسياسيين إلا أنه غير قادر على إنقاذ البلاد من عثرتها الاقتصادية والسياسية، أو ينتشل المواطن من الأعباء التي يواجهها يوميا؛ بعد أن تم تقليص الدعم وتدهور الاقتصاد وغياب الأمن، فضلا عن زيادة القمع والقتل والسجن والأزمة السياسية التي تتفاقم بشدة. أخد السلم معاه! وقف السيسي مستعليا يفتري على الرئيس محمد مرسي، خلال أول خطاب له بعد انقلابه العسكري، حينما زعم كذبا أن جماعة الإخوان المسلمين التي رشحت الرئيس الشرعي الدكتور محمد مرسي جاءت من أجل الاسيتبداد بالشعب المصري، وأنها استغلت الديمقراطية في الوصول للحكم، قائلا عن الرئيس محمد مرسي: "دا أخد الديمقراطية سلم يطلع عليه وأخد السلم معاه فوق". وفي خطاب الانقلاب زعم السيسي أن هناك خارطة طريق تضمنت إنهاء الانقسام وإنجاز مصالحة وطنية ووضع ميثاق شرف إعلامي يمنع التلاسن والتحريض، مدعيا أن الجيش لا يطمع في استعادة السلطة التي أسقطتها ثورة 25 يناير 2011 من على عرشها. وكان أول تصريح بعد وصول السيسي للسلطة عبر اتخابات هزلية لم يحضرها أحد أن قال لمجلة «جون افريك» الفرنسية، إن الديمقراطية عملية طويلة ومستمرة وسيتطلب تحقيقها في مصر فترة تتراوح من 20 إلى 25 عاماً، مضيفًا أن تلك الفترة تعتبر إلى حد ما قصيرة لتحقيق الهدف بشكل كامل. بل بدأ السيسي فعليا في الانقلاب على الديمقراطية المزعومة التي جاء بها، ويعمل حاليا على تمثيلية جديدة في مد فترة رئاسته المغتصبة، لمدة ستة سنوات، في الوقت الذي لم يجرؤ فيه أحد على الترشح بقوة أمامه سوى عدد من الكومبارس الذين يأتون بأوامر مخابراتية لشرعنة مسرحية الانتخابات. الدستور والبرلمان ومؤسسات الدولة يتعمد السيسي في كل لقاء له يخرج فيه على الناس بتصريحاته الغريبة التي يهين فيها الدولة ومؤسساتها، وأول ما أهانه السيسي هو الدستور الذي انقلب عليه وبدله في 2014، إلا أنه وبالرغم من الدستور الذي وضعه من خلال لجنة تم اختيارها على عينه، يتم الآن التدبير لتعديله. وهو ما يعيد للأذهان تصريحه بأن "هذا الدستور كتب بحسن نية". ورغم فشل إسماعيل نصر الدين، عضو برلمان العسكر، في جمع النسبة المقررة (خُمس النواب) لتقديم طلب بتعديل نص مادة الدستور، التي تجعل رئاسة البلاد 6 سنوات بدلا من 4 تجدد مرة واحدة، إلا أنها تعد المحاولة السادسة في غضون 3 سنوات، التي يحاول فيها نظام الانقلاب طرحها كبالون اختبار. ولكن المحاولة الأخيرة جددت الجدل حول المادة 226 من الدستور الذي أقره الانقلاب، والتي تعرقل محاولات التمديد والتي لم تتوقف، لذلك تجري مناقشات في الصحف حول استفتاء وهمي لتعديلها. انت مين؟ انفعل السيسي على نائب في برلمان العسكر الذين تم اختيارهم بعناية؛ لمجرد أن النائب طالب بإرجاء الزيادات المتوقعة في أسعار الوقود، وذلك خلال افتتاح المرحلة الأولى من مشروع مدينة الأثاث. وشكلت تصريحات السيسي للنائب إهانة كبيرة لمجلس النواب، حيث لم تزد طلبات النائب الانقلابي أبو المعاطي مصطفى، عن إرجاء الزيادات المتوقعة في أسعار الوقود مراعاة للمواطنين محدودي الدخل لحين رفع الحد الأدنى للأجور إلى 3 آلاف جنيه، قائلا إن المواطن البسيط هو الذي يدفع فاتورة هذه الزيادات. هذا الطلب أغضب السفاح فرد عليه منفعلا: “أنت مين؟” وعندما عرّف عن نفسه بأنه عضو مجلس نواب قال السيسي: “نواب إيه؟” مضيفا “أنت دارس الموضوع اللي بتتكلم فيه ده؟ أنت دارسه؟ ايه ده؟ أنتم دارسين الكلام اللي بتقولوه ده؟”. شبه دولة وصلت إهانة السيسي للدولة والوطن بأكمله، وقال السيسي إن "مصر حاليا ليست دولة حقيقية". وأضاف السيسي خلال إطلاق شارة البدء لموسم حصاد القمح بالفرافرة: "احنا مش في دولة حقيقية.. طلوا على بلدكم صحيح.. دي أشباه دولة مش دولة حقيقية".