أعلنت، مؤخرا، سلطة الانقلاب العسكري عن انتهاء الانتخابات البرلمانية، التي شهدت مقاطعة واسعة من قبل فئات شعبية مختلفة؛ إلا أن تلك الانتخابات تعتبر الركن الثالث والاستحقاق الأخير بالنسبة للانقلاب، بعد دستور 2014، والانتخابات الرئاسية التي أتت بوزير الدفاع المنقلب عبد الفتاح السيسي إلى سدة الحكم. وتم الاستفتاء على دستور 2014 في يومي 14 و15 يناير، بينما أعلنت اللجنة العليا للانتخابات المصرية، رسميا فوز "السيسي" بمنصب الرئاسة، في 3 يونيو 2014. وعقب إطاحة الجيش بالرئيس مرسي، أعلن "السيسي" في الثالث من يوليو 2013 عن خارطة طريق لانقلابه. وفي 26 يناير 2014، أعلن الرئيس المؤقت حينها، عدلي منصور، أنه قرر تعديل "خريطة الطريق"، مقدما الانتخابات الرئاسية على البرلمانية.ولم تلتزم سلطة الانقلاب بخارطة طريقها، بل انقلبت على بعض بنودها، فقد قامت بتقديم الانتخابات الرئاسية على البرلمانية، ولم تقم بإدخال تعديلات على دستور 2012، كما زعمت، بل صاغت دستورا جديدا لها. كما تجاهلت تماما تشكيل "لجنة للمصالحة الوطنية" أو وضع ميثاق شرف إعلامى، أو "تمكين ودمج الشباب فى مؤسسات الدولة" - كما نص بيان الانقلاب - بل على العكس، قامت بإجراءات ضد تلك البنود شكلا وموضوعا. وعلى الرغم مما يمكن وصفه بالانقلاب الجزئي على "خارطة الطريق"، إلا أن سلطة الانقلاب وأنصارها وإعلامها يروجون إلى أن تلك الخارطة قد اكتملت بالفعل، ووصلت محطتها الأخيرة من دون نقصان، لكن في المقابل يقول معارضون إنها لم ولن تكتمل، بل اقتربت نهايتها في ظل تصاعد الغضب الشعبي وتفاقم الكثير من الأزمات. وقال الأمين العام للمجلس الثوري المصري، محمد شريف كامل، إنه "عقب انتهاء انتخابات ما يسمى ب"برلمان العسكر" سيدّعي فاشي مصر (السيسي) أنه وفى بوعده، وهو حقا يوفي بوعده لمن مكنه من عرش مصر". وأضاف، "فخارطة طريق (السيسي) الوحيدة التي كان هدفها بيع خيرات مصر، وتقسيم شعبها، وقتل الثورة والأمل في المستقبل، وهذا هو ما يقوم به وباقتدار، فما بني على باطل فهو باطل، ونهاية الانقلاب ولدت معه". وأردف قائلا "نحن لا نعرف إلا خارطة طريق واحدة، ألا وهي إسقاط الانقلاب، واستعادة الشرعية، وإقامة دولة العدل والديمقراطية؛ وحينها فقط تكتمل خارطة طريق الثورة، وهي فقط خارطة الطريق الوحيدة المعترف بها". من جانبه، اكتفى أستاذ العلوم السياسية، الدكتور عبدالفتاح ماضي، بالقول - في تصريح : "لا أعتقد أنه كانت توجد خارطة طريق (حقيقية) حتى نطرح رؤية لها، ولم تكن لدينا انتخابات (حقيقية) حتى نعلق عليها". وأكد مدير مركز لندن للدراسات السياسية، الدكتور سامح العطفي، أن خارطة طريق الانقلاب العسكري اكتملت بالفعل بعد انتهاء انتخابات البرلمان، واستكمال الشكل الديكوري الديمقراطي، والذي تطلبه أمريكا، بحسب قوله. وذكر، "سوف يرضخ الجميع للانقلاب، وسوف يمارس البرلمان دوره في تمرير كل القوانين، وإسباغ الشكل الديمقراطي على الانقلاب"،مضيفا "بينما لا يملك معارضو الانقلاب أي خطط حقيقية لإيقاف خارطة الطريق، وسوف يتم تعديل الدستور لزيادة صلاحيات السيسي". وقال أستاذ العلوم السياسية، حازم حسني، إن المرحلة الانتقالية لم تنته في مصر، لأنها لم تبدأ بعد"، مضيفا :" لابد من أن نحدد ملامح مرحلة جديدة، تقطع فلسفتها مع فلسفة المرحلة التي ثرنا عليها، ثم بعدها - لا قبلها - نرسم خريطة الجسر الذى يصل بين ما نحن فيه وانتهينا منه، وبين ما نصبو إليه ولم نحققه بعد".