• "229" تترك تحديد نظام الانتخابات البرلمانية لعدلى منصور المعين من قائد الانقلاب • خارطة العسكر المستهدف منها تعديل المادة 230 تقديم الانتخابات الرئاسية وجعلها قبل البرلمانية بما يخالف الإعلان الدستورى • "243" خمسينية الانقلاب تركت تحديد نسبة الكوتة للأقباط والمرأة فى يد "منصور" • "244" اللجنة الانقلابية تعطى "منصور" حق تحديد نسبة العمال والفلاحين • "أربع ساعات سرية" عسكرة الدولة ومدت الفترة الانتقالية ومنحت التشريع لسلطة باطلة • وأثبتت أن المجلس العسكرى هو المتحكم والمهيمن على مفاصل الدولة والعملية السياسية • خبراء: المواد الأربع تجعل مصير الدولة فى يد "منصور" خلال فترة انتقالية مفتوحة • إجراءات الانتخابات بلا سقف زمنى بما يطيل الفترة الانتقالية لأكثر من عام ونصف • محمد عوض: خمسينية الانقلاب أنتجت دستورا طائفيا يقسم الوطن على أساس الطائفة والنوع • بدر شافعى: القوى العلمانية بلا أرضية شعبية تخشى خوض الانتخابات البرلمانية أولًا
يرى خبراء سياسيون أن المواد الأربع الأخيرة التى أقرتها لجنة الخمسين المعينة من سلطة الانقلاب العسكرى الدموى، وطريقة الاعتراض عليها والتوافق حولها قد كشف العديد من الحقائق والأسرار بالغرف السرية المغلقة، فهذه المواد التى عدلت وأقرت باللحظات الأخيرة لخصت حقيقة أن المتحكم الفعلى بالبلاد هو المجلس العسكرى وتظل لجنة الخمسين الانقلابية واجهة تنفذ ما يملى عليها. وأضح الخبراء ل"الحرية والعدالة" أن المجلس العسكرى استهدف بهذه المواد مد أمد الفترة الانتقالية، مؤكدين أن هذا هو منهج العسكر بعد ثورة يناير وحتى بعد الانقلاب على السلطة الشرعية والرئيس المنتخب، وقد جلعت المواد خاصة 230 جميع القرارات المصيرية بيد عدلى منصور المعين من قبل سلطة الانقلاب خلال فترة انتقالية مفتوحة وبلا سقف أو جدول زمنى للانتهاء منها، ووفقا للمادة لن تقل عن عام ونصف وتحمل ثغرات للمماطلة والتطويل. وأضافوا أن تلك المواد سمحت لعدلى منصور بالتحكم فى طبيعة النظام الانتخابى وفق ما يراه الفلول ورموز دولة المخلوع مبارك، وبالكوتة للترضيات، وترجح الانتخابات الرئاسية لصالح شخوص بعينها، وتكشف أيضا أن القوى السياسية لا زالت منقسمة وغير قادرة على خوض انتخابات لأنها بلا أرضية أو شعبية، وأن الشارع المصرى يلفظها خاصة بعد مواقفها المؤيد للانقلاب الدموى. كواليس أخطر 4 مواد وكشفت مصادر أن كواليس الأربع ساعات التى مكثتها لجنة الخمسين الانقلابية فى اجتماعها المغلق قد شهدت أهم اللحظات التى مرت فى عمر اللجنة، وغيرت مسار خارطة الطريق الانقلابية بالقرارات التى توصلت إليها بعد مشاورات على مدار اللحظة مع قائد الانقلاب عبد الفتاح السيسى شخصيًا، مشيرة إلى أن تلك الساعات تم فتح باب تعديل ترتيب إجراء الانتخابات بين الرئاسية والبرلمانية، وفى تلك الساعات تم مد أمد الفترة الانتقالية بمد فترة انتهاء انتخاب الرئاسة ومجلس النواب لمدة قد تستغرق عام كامل. وأشارت المصادر إلى أن هذه الساعات تم خلالها إقرار المواد الأربع المؤجلة من الدستور الانقلابى، وهى المواد 229 و230 و243 و244 جميعها مرتبطة بالفترة الانتقالية وإجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية وكوتة "الترضية" للأقباط والمرأة والعمال والفلاحين. وفيما يخص المادة المادة 229 فقد اتفق المجتمعون على ترك تحديد نظام الانتخابات القادم للمستشار عدلى منصور المعين من سلطة الانقلاب، وذلك بعد أن فشل أعضاء الخمسين فى التوافق على نظام انتخابى يرضى الجميع وأقروا بأن "تكون انتخابات مجلس النواب التالية لتاريخ العمل بالدستور وفقا لأحكام المادة 102 من الدستور الحالى". أما المادة 230 فكانت أخطر المواد التى استغلتها سلطات الانقلاب فى تغيير مسار خريطة طريق العسكر، والالتفاف على ما ألزموا بهم أنفسهم فى الإعلان الدستورى بإجراء الانتخابات البرلمانية قبل الانتخابات الرئاسية، حيث اتفقوا فى تلك المادة على أن "يجرى انتخاب رئيس الجمهورية أو مجلس النواب وفقا لما ينظمه القانون على أن تبدأ إجراءات الانتخابات الأولى منها خلال مدة لا تقل عن 30 يوما ولا تجاوز 90 يوما من تاريخ إقرار الدستور، وفى جميع الأحوال تبدأ الإجراءات الانتخابية التالية خلال مدة لا تجاوز 6 شهور". وفيما يخص المادتين 243 و244 والمتعلقتين بتوزيع "كوتة الترضية" فإن أعضاء اللجنة الانقلابية بعدما توصلوا إلى اتفاق حول سيناريو تعديل خارطة الطريق وإبقاء جميع الخيوط رسميا فى يد عدلى منصور وفعليا فى يد قائد الانقلاب عبد الفتاح السيسى، فاتفقوا على إبقائهما كما هما وترك تحديد نسبة كوتة الفئات "أقباط ومرأة وعمال وفلاحين" فيما يخص الانتخابات البرلمانية القادمة للقانون الذى سيصدره عدلى منصور. دولة العسكر يرى المستشار محمد عوض -رئيس محكمة استئناف الإسكندرية- أن نص المادة المعدلة 230 تكشف عن نية تقديم الانتخابات الرئاسية على البرلمانية وتغيير خارطة الطريق الباطلة أصلا، معتبرا هذا هو الطرح الذى فرضه توجه قائد الانقلاب عبد الفتاح السيسى، فقد أحالت هذه المادة للمستشار عدلى منصور المعين من سلطة الانقلاب تحديد أيهما يجرى أولا لأنه يمتلك سلطة التشريع وإصدار القانون المنظم لإجرائها.. والكل يعلم أن الحاكم الفعلى الذى يهيمن على المشهد السياسى والقانونى هو السيسى، بدليل أن وزير الدفاع الأمريكى يناقشه فى تفاصيل الدستور وقانون التظاهر، فالسيسى يريد الإسراع بإجراء الانتخابات الرئاسية وجعلها أولا عكس ما نصت عليه خارطة الانقلاب؛ لأنه يريد استدراك الأمور المتفاقمة على الأرض والتى تزداد سوءا يوميا بعد يوم فى جميع المناحى الاقتصادية والمعيشية والسياسات القمعية مما يهدد بخسارة مكانته مع الوقت، فأراد التعجيل بالرئاسة ليسيطر على زمام الأمور لصالحه كما يعتقد. وأوضح "عوض" أن التعديلات تزيد تمكين دولة العسكر وتجعل المجلس العسكرى متحكما فى مفاصل المرحلة الانتقالية وجميع مراحلها وإجراءاتها والقوانين المنظمة لها. وأشار إلى أن نص المادة 230 المعدلة تمد الفترة الانتقالية على الأقل سنة ونصف قادمة، والعسكر معروف عنهم استحالة ترك السلطة بالرضا وظلوا يماطلون فى تسليم السلطة بعد الثورة ولن يسلموها إلا بثورة حقيقية بدليل أنهم لم يحددوا موعدا نهائيا لتسليمها فى 30 يونيو 2012 إلا بعد مجزرة محمد محمود، وكان قبلها نيتهم مدها حتى 2013، بل إنهم لم يسلموا السلطة حتى فى ظل حكم الرئيس محمد مرسى نفسه الذى وضعوا أمامه العراقيل طوال عام كامل. ولفت رئيس محكمة استئناف الإسكندرية، إلى أن تجربة حكم المجلس العسكرى كانت تستهدف عامين ونصف على الأقل رغم أن رئيسه المشير طنطاوى قال سنسلم السلطة بعد 6 شهور، ولولا الأربعين شهيدا فى أحداث محمد محمود نوفمبر 2011 لتأخر تسليمها كثيرا. وقال "عوض" إن النص فيها يحدد موعد بدء الإجراءات ولا يضع سقفا زمنيا للانتهاء منها، مما يفتح الباب لإعلان بداية بلا نهاية لأى عملية انتخابية، والمسار المرجح هو تقديم الانتخابات الرئاسية والمادة تعطى فترة شهر لإجراء الاستفتاء ثم فترة 90 يوما لأول انتخابات، أى بعد أربعة أشهر ثم تبدأ الإجراءات، علما أن انتخابات الرئاسة هى بذاتها تستغرق وقتا طويلا، وأيضا لم يضع النص سقفا زمنيا للإنهاء، فقد يدعو للانتخابات الرئاسية وفق قانون سيضعه منصور، فيما الحقيقة ستضعه سلطة الانقلاب ووفقا لقانون الرئاسة فإن طبيعتها تحتاج تقديم طلبات للترشح تحتاج 15 ألف توكيل من 10 محافظات تستغرق وقتا، لذا مساحة الترشح وجمع التوكيلات تأخذ وحدها 3 شهور ثم أسبوعين، ثم انتخابات ثم إعادة ونظر طعون تحتاج 4 شهور أخرى أى أن مسار الانتخابات الرئاسية يجعل وجود رئيس انقلابى جديد يحتاج على الأقل ثمانية أشهر، وتظل خلالها مع منصور سلطة التشريع التى يستخدمها العسكر، وقد وضعت مادة انتقالية لضمان استمرار منصور حتى انتخاب رئيس جديد. وأضاف أنه بعد ذلك بالنسبة للانتخابات التالية والمرجح أنها البرلمانية أعطى لنفسه فيها فترة سماح مفتوحة؛ فهى تبدأ إجراءاتها مدة لا تتجاوز 6 أشهر فيأتى فى آخر يوم من الستة شهور، ثم يدعو للانتخابات بما تتضمنه من فترة تقديم طلبات ترشح ثم طعون ثم فترة دعاية، ويمكن التسويف فى هذه الإجراءات لأنه غير ملزم بإنهاء العملية بوقت محدد، وإذا تم اختيار مسار إجراء الانتخابات البرلمانية أولا فالمنهجية واحدة الانقلاب والباب مفتوح.. حيث تستغرق شهورا بعد إعلان بدئها، وقد تستغرق سنة لتشكيل برلمان فقط، بينما كان يجب بنص المادة الدستورية تحديد موعد بدء وموعد انتهاء، فهو أعطى سماح ستة أشهر قبل البدء ثم موعد بدء مفتوح، وهى مماطلات وتفتح ثغرات أوسع للمماطلة. وشدد رئيس محكمة استئناف الإسكندرية على أن جميع هذه المسارات والمواد والاستفتاء والانتخابات جميعها باطلة وغير شرعية، متوقعا أن يسقط الانقلاب قبل تمريرها، وإن لم يسقط فستظل وإن تم تمرير النصوص باطلة، وتكشف النصوص ولجنة الخمسين الانقلابية أن هذا دستور العسكر ودستور علمانى لا عزل فيه لوزير الدفاع بحيث يكون له الهيمنة الكاملة بكل معانيها. وأكد ضرورة استمرار الحراك الشعبى حتى إسقاط الانقلاب، مشيرًا إلى أن التعديلات لا تعبر عن الشعب وليست صادرة عن إرادته ويظل الشعب مصدر السلطات، ويجب رفض تعديلات دستورية تجعل قائد الانقلاب عبد الفتاح السيسى له الحصانة ولديه القدرة على إدارة مفاصل الدولة ويحدد مسارها، والنظام الانتخابى وكل أعمال لجنة الخمسين تمت بالاتفاق مع العسكر واللجان شكلية مجرد صور. وأوضح "عوض" أن المواد الأربع المعدلة أثبتت حقيقة أن من يحدد موعد الانتخابات الرئاسية والبرلمانية ونظام الانتخابات هو السيسى فى صورة عدلى منصور، وتعد هذه المواد خاصة 230 محاولة لجس نبض الشعب المصرى، والأحزاب الكرتونية التى لا تريد انتخابات برلمانية قريبة لأنهم بلا قواعد شعبية وغير مستعدين كعادتهم، وتكشف أيضا تعارض وتضارب المصالح داخل معسكر الانقلاب بدليل أن منصور هو من سيحسم الخلاف على طبيعة النظام الانتخابى، والرئيس الحقيقى هو قائد الانقلاب عبد الفتاح السيسى. ولفت إلى أنه فيما يخص الكوتة التى نصت عليها المواد المعدلة 243 و244 فسيقررها أيضًا سلطة الانقلاب وحاكمها الفعلى وتركت النسب مفتوحة، مشددا على رفضه للكوتة والتمييز بين فئات المجتمع والأصل بالانتخابات حرية الناخب فى اختيار من يريد وليس بفرض شخوص وفئات عليها، معلنا رفضه دستور العسكر بامتياز الذين يتحكمون به فى كل شىء ومفاصل الدولة والعملية السياسية. تضارب وتناقض من جانبه يرى الدكتور بدر شافعى -أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة- أن المواد الأربع المعدلة خاصة المادة 230 تكشف حقيقة الخلاف والتضارب والتناقض داخل السلطة والقوى السياسية الداعمة للانقلاب فهى تكشف أن خارطة الطريق التى طالما ادعوا أنها مقدسة ولا يمكن التراجع عنها حتى فى ظل مطالب بتعديلها، نجدهم اليوم يعدلون فيها فقط بما يخدم مصالحهم هم، فإما أنهم كانوا معترضين عليها من الأصل ويخشون التصريح بذلك، أو أن التعديل وافق مرادهم، والخارطة الآن تتراجع عما نص عليه الإعلان الدستورى لعدلى منصور المعين من سلطة الانقلاب بجعل الانتخابات الرئاسية أولا. وقال "شافعى" إن فريق عمرو موسى وسامح عاشور أعطى الأولوية للانتخابات بالنظام الفردى وليس القائمة، والقوى السياسية لا تزال تخشى من خوض الانتخابات البرلمانية أولا؛ لأنها لا تزال بلا أرضية شعبية بالشارع وغير مستعدة حتى الآن، وبعد خلافهم جميعًا وعجزهم عن تحديد نظام انتخابى فأجلوا الأمر برمته وأرجعوه لعدلى منصور، ولم يستطيعوا حسم الخلاف حول طبيعة نظام الانتخاب فرديا أم قائمة وبأى نسب مختلطة. وبحسب أستاذ العلوم السياسية، فقد كشفت المواد الأربع أيضا أن أبسط أسس التوافق لم تكن موجودة لمن أيدوا خارطة الطريق وصنعوا التعديلات وفشلوا فى التوافق على الحد الأدنى فيها رغم الزعم بأن القرارات بالإجماع، متسائلا: ما هو دوركم كلجنة إذا كان كل شىء جوهريا ومفصليا تم رده لعدلى منصور؟، مجيبًا: إنه كان بإمكان أعضاء اللجنة الانقلابية وضع نص انتقالى يعدل خارطة الطريق وأولوياتها ولكن واضح أن هناك اعتراضات جعلت بالنهاية القرارات المصيرية للبلاد تعود لعدلى منصور المعين من سلطة الانقلاب وغير المنتخب لفترة انتقالية مفتوحة، وتظل بيده سلطة التشريع لفترة غير محددة ويمكن مدها، بينما كانوا يعترضون على مجلس الشورى المنتخب لكى يشرع وفقا لنص انتقالى الآن التشريع مع فرد شخص واحد. وأكد أن تعجيل الانتخابات الرئاسية سيكون لصالح أشخاص بعينهم، فيما وجود برلمان أولا كان سيقيد نسبيا سلطة الرئيس القادم، كذلك فنص الإعلان الدستورى وخارطة الطريق يقول باستفتاء ثم انتخابات برلمانية ثم خلال شهر الرئاسية، الآن انتخابات مرجح أنها رئاسية ثم برلمانية بمدة لا تتجاوز ستة أشهر تبدأ البرلمانية بما يعنى مد أمد الفترة الانتقالية وهى مسألة غير مقبولة، ويعنى أن الرئيس سيظل معه سلطة التشريع فى غياب برلمان يراقبه مما يثير الشكوك والطعون. وحول مواد الكوتة قال "شافعى" إن الكوتة ورطة لعدلى منصور؛ فلجنة الخمسين أرادت مجاملة فئات كثيرة رغم أن الدستور لا يوضع لأشخاص بعينهم، الآن فتح المجال لكل الشرائح بتوزيع كوتة عليهم غير محددة مما سيحدث مشكلة عند تفسير تمثيل ملائم، وينتج دستورا طائفيا.