لم تعد نغمة "الإخوان" تجدي نفعًا في تبرير كوارث الانقلاب وجرائمه، التي بدأت بالدم وانتهت بنشر الفقر والجوع والمرض في ربوع مصر المحروسة، حيث بات كل مواطن مهددا في نفسه وماله وعرضه، ولم تعد الكنائس التي أيدت انقلاب السفيه السيسي، في 30 يونيو، آمنة في عهده، بعدما سكت رهبانها وقساوستها على إجرام قائد الانقلاب في رابعة والنهضة وما بعدهما، وأبلغ إشارة على عداوة السيسي لكل المصريين بلا استثناء، توقيف عضو حزب الدستور لإهانة رئيس الانقلاب عبر وسائل التواصل الاجتماعي، فقد أيقن المصريون أن فوهات بنادق الانقلاب لا تفرق بين مسلم ومسيحي، وبين إخواني وليبرالي، حتى وصل الأمر إلى أهالي حزب الكنبة ومن كان يؤيد الانقلاب. ونشرت صحيفة "التايمز" تقريرا لمراسلتها في مصر "بيل ترو"، تنقل فيه قصة مقتل طبيب بيطري قبطي في العريش، ويشير التقرير إلى أن مسلحيْن من تنظيم داعش اقتربا من هدفهما "بهجت زخار"، وأجبراه على الجثو على ركبتيه، وقد وضع أحدهما فوهة بندقيته على خده، وقالا له: "تب أيها الكافر، أسلم تسلم"، فهز الرجل رأسه، بحسب ما قال شهود عيان لعائلته بعد ذلك، فأطلقا عليه النار وذهبا. وتنقل الكاتبة عن أرملة الطبيب "فوزية" من الإسماعيلية، التي فرت هي وأولادها من التنظيم، قولها: "لم يركضا حتى" بعد قتل زوجها، بل سارا بهدوء منسحبين من مسرح الجريمة، بعد ذلك توالى مسلسل تفجير الكنائس في كاتدرائية العباسية ثم في الإسكندرية وطنطا، ذلك المسلسل الذي يكتبه اللواء عباس كامل، مدير مكتب السيسي، وتنتجه وتخرجه وتفجره نخبة من عصابة المخابرات العسكرية. لحس وعوده "أنتم نور عنينا، تتقطع إيدينا لو اتمدت على مصري، لو إحنا مقدرناش نحمي الشعب يبقى نروح نموت، فيه أسد بياكل ولاده".. كلمات جاءت على لسان السفيه عبدالفتاح السيسي، إبان شغله منصب وزير الدفاع، قبل انقلابه على الرئيس المنتخب محمد مرسي. وعلى الرغم من هذه العبارة التي رددها على أسماع المصريين، حاملا من خلالها تعهدات لهم بأنه لن يسمح لأحد بالإساءة إليهم، ولن يهدأ له بال إلا بعد توفير حياة كريمة لهم، إلا أن قرارات حكومات الانقلاب تأتي متناقضة مع حديث السفيه، ويلتزم هو الصمت تجاهها، وهو ما يعني علامة "التطبيخ" والرضا. واتخذت حكومة الانقلاب- بأوامر من السفيه السيسي خلال الفترة السابقة- مجموعة من القرارات المثيرة للجدل، وآخرها رفع مضاعفة سعر تذكرة المترو إلى جنيهين بدلا من جنيه واحد، وقبلها رفع الدعم عن المحروقات البترولية، وغيرها من القرارات التي تسببت في إضافة أعباء جديدة لا يطيقها المواطنون البسطاء، فضلا عن الارتفاع غير المسبوق في الأسعار، جراء القرار بتحرير سعر الدولار أمام الجنيه. وراء القضبان في تحليل نشره الخبير الصهيوني "جي إليستر" بعنوان "فرعون من ورق: داعش يستغل عجز السيسي ويفتت مصر من الداخل"، توقع استمرار معاناة المصريين مع فرض حالة الطوارئ إثر التفجيرات التي نفذتها أذرع السيسي، وضربت كنيستين في مدينتي الإسكندرية وطنطا. وأكد أن الصلاحيات الواسعة التي يحظى بها السيسي– حليف كيان العدو الصهيوني- لم تجعله قادرا على حماية أحد حتى جنوده في سيناء، بل واستخدم "داعش" أسلوبا جديدا لغرس الخوف في قلوب المصريين. ويمضي "جي إليستر" بالقول- في موقع "والا" الصهيوني- "الحقوق البسيطة التي ما زال يملكها المواطنون يتوقع أن تختفي تماما، وسيجد الكثيرون أنفسهم وراء القضبان. ربما ستضطر المحاكم لتعجيل أحكام الإعدام بحق من تجرى إدانته بالإرهاب". مضيفا "لم ينجح السيسي في القضاء على الخطر الحقيقي على بلاده، وقرر مجابهة أولئك الذين ينتقدون عجزه بالقلم أو بلوحة المفاتيح. وهو لا يكمل مشوار جمال عبدالناصر، هو ليس أكثر من زعيم ضعيف وخائف، يمنح السعودية جزرًا مصرية للحصول على النفط المجاني". وتابع "كلما اكتسب السيسي مزيدا من الصلاحيات وقمع المزيد من الحقوق الأساسية، كلما تزايدت نشاطات جناح داعش والتنظيمات الأخرى في البلاد". وأوضح "خلال المستقبل المنظور، يتوقع أن يواصل المواطنون المصريون المعاناة، سواء من عنف داعش، أو من القمع المتواصل على يد الفرعون من ورق".