في ظل فشل سلطات الانقلاب في السيطرة على مواقع التواصل الاجتماعي وحالة المعارضة التي تمثلها هذه المواقع التي ينشط عليها الشباب المصري بالملايين للوقف ضد حكم قائد الانقلاب عبد الفتاح السيسي، بدأ النظام في استغلال تهمة "إهانة الرئيس" في تكميم أفواه نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي، واعتقالهم، في محاولة للسيطرة على المعارضة التي تهدد عرش السيسي. وتلاحق تهمة "إهانة الرئيس"عددا من الحقوقين والنشطاء في مصر، حيث يقبع في سجون الانقلاب 21 شخصا تم توجيه اتهامات لهم بنشر تدوينات فيها إهانة وسباب لقائد الانقلاب، وذلك بعد أن زادت حالات المعارضة على "فيس بوك" ضد السيسي، وجاءت الواقعة الأولى بعد أن قضت محكمة جنايات الإسكندرية غيابيًا بحبس المحامي الحقوقي محمد رمضان لمدة عشر سنوات وإلزامه بيته ومنعه من استخدام وسائل التواصل الاجتماعي لمدة خمس سنوات أخرى، على خلفية اتهامه ب"إهانة رئيس الجمهورية" وإساءة استخدام مواقع التواصل الاجتماعي والتحريض على أعمال عنف.
وصدر الحكم بموجب قانون 94 لسنة 2015 بشأن "مكافحة الإرهاب".
وتنص المادة 37 من القانون على أن "للمحكمة في أية جريمة إرهابية، فضلًا عن الحكم بالعقوبة المقررة، أن تقضي بتدابير أخرى؛ من بينها حظر استخدام وسائل اتصال معينة، أو المنع من حيازتها أو إحرازها.
وكانت قوات الأمن بقسم المنتزه أول بالإسكندرية قد ألقت القبض على رمضان أوائل ديسمبر الماضي أثناء وجوده بالقسم لأداء بعض الأعمال، وعرض على النيابة، التي أحالته للمحكمة؛ ثم أخلت سبيله مع استمرار نظر القضية.
من جانبه قال المحامي محمد حافظ إن قرار المحكمة صدر في أولى جلسات نظر قضية رمضان المتهم فيها بزعزعة الثقة في النظام الحاكم على موقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك" لإسقاط الدولة.
وأضاف أن الحكم صدر غيابيًا، ومن بين التهم الموجهة إليه "التحريض على ارتكاب أعمال إرهابية من شأنها الإخلال بالنظام العام وتعريض مصالح المجتمع للخطر ومن السلطات العامة من القيام بعملها".
ويأتي القبض على الناشط نائل حسن عضو حزب الدستور باعتبارها أحدث حالات اعتقال النشطاء بتهمة"الإهانة".
وقال المحامى الحقوقى محمد رمضان إنه تم القبض على عضو الدستور من منزله ، وعرضه على الأمن الوطني بتهمة الإساءة ل"رئيس الجمهورية" عن طريق الإنترنت. مضيفا أنه تم توجيه عدة تهم له بينها الإساءة لشخص رئيس الجمهورية عن طريق الإنترنت، والانضمام لجماعة مؤسسة على خلاف أحكام القانون، والاشتراك مع مجموعة لإثارة الرأي العام وعرفة مؤسسات الدولة وإسقاط النظام، وتم عرض عضو حزب الدستور على نيابة "الرمل أول" في القضية رقم 3020 جنايات رمل أول، حيث قررت عرضه مرة أخرى رفقة تحريات الأمن الوطني.
ما بين مرسي وقائد الانقلاب
وفي الوقت الذي يعاقب فيه السيسي عشرات المصريين بتهمة "إهانة الرئيس" لتكميم الأفواه، يبرز موقف أخر للرئيس محمد مرسي خلال حكمه، بعد أن تعمد نشطاء الثورة المضادة إهانته وتوجيه السباب له ، حتى أنهم قاموا بكتابة سبابهم للرئيس مرسي على باب قصر الاتحادية أثناء حكمه، ومع ذلك كان موقف الرئيس مرسي إيجابيا، حيث أصدر قرارا بإلغاء إجراء الحبس الاحتياطي في جريمة إهانة الرئيس، ثم أرسل إلى النيابة مذكرة تفيد بتنازله عن كافة البلاغات التي قدمت ضد إعلاميين بهذه التهمة.
وبخلاف ما فعله الرئيس مرسي قام السيسي بحبس عشرات المصريين بتهمة "إهانة الرئيس"، وعمل على تكميم الأفواه، ومصادرة الأقلام، وحبس الشباب، ومن بينهم فرقة "أطفال شوارع" التي كانت تبث فيدوهات معارضة للسيسي.
ومن الأشخاص الذين لم يتحملهم نظام السيسي، الإعلامي باسم يوسف، الذي كان على مدار حكم الرئيس مرسي يوجه له إهانات متعمدة له، في حين لم يجرؤ على توجيه كلمة واحدة في حق السيسي بعد إشهار عينه الحمراء له، حتى أنه اضطر للسفر خارج البلاد.
تهمة جاهزة
وكان أكثر المتضررين من هذه التهمة الجاهزة "إهانة الرئيس"، هو إسلام جاويش، رسام الكاريكاتير صاحب صفحة "الورقة" على موقع "فيس بوك"، والشاب عمرو نوهان، الذي حكم عليه بالسجن 3 سنوات من محكمة عسكرية لرسم آذني شخصيّة "ميكي ماوس" الكرتونيّة للسيسي ونشرها على مواقع التواصل الاجتماعي، بعدما وجهت إليه التهمة الجاهزة اليوم: "قلب نظام الحكم".
وتهمة "إهانة الرئيس" مأخوذة من قانون قديم يعود إلى أيام الملكيّة، وكانت تعرف ب "إهانة الملك"، وذلك على اعتبار أن الملك بحكم الدستور يملك ولا يحكم، وبالتالي لا يحق لأحد أن يتعرض له بمنطق أنه ليس موظفًا أو يمارس عملاً، "ولكن في ظل النظام الجمهوري أصبح الرئيس يعمل ويحكم، وهو موظف عام، وبالتالي فأعماله معرضة للانتقاد بالسلب أو الإيجاب أو المدح أو الذم.