رغم ما شهده القانون من كوارث تسببت في اعتراضات كثيرة قبل مناقشة مواده؛ بسبب التسهيلات الكبيرة التي منحها المشروع للفسدة من رجال نهب المال العام، إلا أن القانون الجديد الذي أعدته وزارة الاستثمار في حكومة الانقلاب تم الاتفاق عليه كاملا، وسيتم تطبيقه خلال أيام، حيث يأتي لصالح الفسدة الذين أشار إليهم الرئيس المنتخب الدكتور محمد مرسي، في أحد خطاباته الشهيرة، لتضمن منح الحق للفسدة في إخراج الأرباح إلى الخارج دون قيود، وإعفاء بعض الآلات والمعدات والسلع من الرسوم والجمارك والضرائب التي هى حق للشعب. باب الفساد من جانبه، يقول الدكتور رشاد عبده، الخبير الاقتصادي: إن لائحة مجلس وزراء الانقلاب الخاصة بقانون الاستثمار، خالفت بعض النصوص الواردة بالقانون، وبالأخص ما ورد بالمادة 56 من اللائحة التنفيذية، ومخالفتها لنص المادة 32 من القانون، ما يعد مخالفة جسيمة، حيث لا يجوز مخالفة اللائحة لمواد القانون، بالإضافة إلى أن القانون الحالي لم يحقق آلية واضحة لتخصيص الأراضي مع تضارب جهات صاحبة الولاية مع هيئة الاستثمار. وأكد عبده- في تصريح صحفي- أن هذه التعديلات تفتح الباب مستقبلاً للفساد، فمنحُ رئيس حكومة الانقلاب الحق الكامل- دون معاونة أحد- فى تخصيص الأراضي بنظام الإسناد المباشر دون مقابل- أمر خاطئ وخطير للغاية، مطالبا بضرورة تعديل تلك المادة وجعلها بمعاونة هيئة استشارية مستقلة، وتحت مظلة ورقابة الأجهزة الرقابية وبرلمان الدم. تخريب و"تطفيش" وقال وائل النحاس، الخبير الاقتصادي: إن قانون الاستثمار الجديد سوف يتسبب في إغلاق 223 منطقة حرة في مصر، وهو ما يعني تشريد 73 ألف عامل مصرى و1300 أجنبى، باستثمارات 5.2 مليارات دولار، مشددين على أن ذلك يعد بمثابة "تطفيش" للاستثمار في مصر. وأوضح، في تصريحات صحفية، أن الإلغاء من شأنه زيادة التكلفة على المستثمرين في مصر، وسيؤدي إلى إلحاق الخسائر بهم، قائلًا: "هما بيستثمروا في مصر من أجل المنح والامتيازات والإعفاءات الجمركية التى كانوا يحصلون عليها، أما بعد إلغاء المناطق الحرة هيستثمروا ليه؟”. "نهب ببلاش" كما يمنح القانون جميع مشروعات الاستثمار الداخلي بالمناطق التنموية الأرض بالمجان، مع تخفيض 50% في أسعار الطاقة، وإعفاء من الضرائب لمدة 10 سنوات، وتحمل الشعب نسبة صاحب العمل في التأمينات على العمالة 10 سنوات، وتعطي الإعفاء الكامل للشركات المصدرة كليًّا لإنتاجها من الجمارك والضرائب، والإعفاء من ضريبة الدخل على الأفراد والشركات بنسبة 50% لمدة 10 سنوات. حكومة عقيمة رضا عيسى، الخبير الاقتصادي، قال إن تصريحات رئيس مجلس وزراء الانقلاب، بالانتهاء من قانون تمت الموافقة عليه مسبقًا، تؤكد أن القوانين في مصر سرية، ولا يتم الإعلان عنها إلا بعد الموافقة عليها وخروجها للرأي العام. وكشف عيسى عن وجود اعتراضات من المستثمرين ورجال الأعمال على قانون الاستثمار الجديد رغم المزايا التي منحها لهم؛ بسبب إلغاء المناطق الحرة الخاصة، وهو ما يؤجل خروج القانون حتى الآن. وأوضح أن إجراءات حكومة الانقلاب العقيمة والجزر المنعزلة التي تسير فيها حكومة الانقلاب وعدم التنسيق بين أعضاء الحكومة، يجعلنا نسمع مثل هذه التصريحات، مشيرًا إلى أنه منذ 1974 ونحن نصدر قوانين للاستثمار، ولكن لم تأتِ بجديد، فلم يقل الاستيراد، ولم يزد الاستثمار، ولم نرَ نتيجة واضحة على أرض الواقع. بيئة فساد ممتازة! وفي تصريح صحفي، أكد الدكتور يسري طاحون، الخبير الاقتصادي، أن هذا ليس غريبًا على حكومة الانقلاب الغائبة عن الحقيقة، فلا بد أن تفهم حكومة الانقلاب أن المستثمر الأجنبي لن يأتي إلى الاستثمار في مصر إلا إذا توافرت بيئة ناجحة للاستثمار. ولفت طاحون إلى أن كل المشاريع والاستثمارات التي تأتي إلى مصر هي استثمارات استهلاكية وليست إنتاجية؛ لأن المستثمر الأجنبي لديه مؤشرات يراها كي يأتي للاستثمار، فعندما يجد قطاعًا عامًّا مغلقًا أكثر من 60% منه، وقطاعًا خاصًّا لدية أزمات مالية تهدده بالتوقف عن العمل، وعندما يرى ارتفاعًا في معدل التضخم والبطالة، فلن يأتي للاستثمار، ولذلك لا بد من قانون يعمل على الاستثمار الحقيقي وليس الاستثمار التابع للخارج، عن طريق الاستيراد والتجميع في الداخل فقط، فهذا ليس استثمارًا ولا اقتصادًا.