كشفت غادة والي، وزيرة التضامن الاجتماعي بحكومة الانقلاب، عن كارثة كبرى حيث أكدت أن نسبة المدمنات طبقاً لأخر احصائية في مصر بلغت نحو 27% من إجمالي متعاطي المخدرات، مشيرة ان نسبة المدمنين في مصر وصلت الى 10% من عدد السكان والذين يتراوح اعمارهم من 15 الى 60 سنة. وزعمت والي، خلال كلمتها فى افتتاح المركز الوطنى لعلاج الإدمان بالمستشفى العسكرى بالإسماعيلية، أن الوزارة وضعت رؤية متكاملة لمحاربة الإدمان مثل محاربة الإرهاب التى تخوضها الدولة فى الوقت الحالى باعتباره يستهدف الشباب، مضيفة أن هذه الرؤية تمثلت فى تحرك مجتمعى متماسك ومتكامل من خلال عمل العديد من الوزارة لتقليل نسبة التعاطى بين الشباب.
وكان صندوق مكافحة وعلاج الإدمان والتعاطى، قد أصدر تقرير أوضح فيه نسب تعاطى المخدرات بمصر حيث وصلت إلى 2,4% من السكان، ووصل معدل التعاطى ل10.4%، حيث إن معدل التعاطى يختلف بين الأفراد فمنهم من يستخدم المخدرات بشكل يومى، ومنهم من يتعاطها على أوقات متفاوتة، إضافة إلى أن 80% من الجرائم غير المبررة تقع تحت تأثير تعاطى المخدرات مثل جرائم الاغتصاب ومحاولة الأبناء التعدى على آبائهم.
ضعف المعدلات العالمية وأوضح التقرير أن نسبة التعاطى فى مصر ضعف المعدلات العالمية، لافتًا إلى أن الإدمان ينتشر فى المرحلة العمرية ما بين 15 إلى 60 سنة، ويزيد بين فئة السائقين 24%، والحرفيين بنسبة 19%.
وأضافت التقارير الخاصة بمعدلات الإدمان فى مصر، إلى أن حجم تجارة المخدرات يتجاوز ال400 مليار جنيه فى العام، وتتصدر محافظة القاهرة قوائم المحافظات فى عدد المدمنين بنسبة 33%، تليها محافظات الصعيد.
الأسباب والدوافع
وأرجع مختصون تفشي هذه الكارثة لأسباب متعددة يتعلق بعضها بتردي الأوضاع، والاضطرابات الأمنية وسهولة الحصول على بعض الأصناف من الأدوية، في مقابل وسائل مواجهة تقليدية.
ورغم أن أسعار المخدرات التهبت ككل شيء بمصر، غير أن الحصول عليها ميسر "وربما أسهل من الحصول على كيس سكر" هكذا يقول (م) وهو سائق تاكسي، ويضيف بحسب الجزيرة نت "يمكنني الاستغناء عن السكر، لكن لا يمكنني تقليل كمية الترامادول، فبدونها لن أعمل بأقصى طاقتي، وساعتها لن تأكل أسرتي".
ولا يبدي الطبيب النفسي أحمد عبد الله أي دهشة من تضاعف معدلات تعاطي المخدرات بمصر "فالطبيعي وسط الضغوط المتزايدة على المصريين، هو اللجوء للمخدرات.. وسط رغبة عارمة في الخلاص من الاحتقان والاختناق".
ويقول في تصريحات صحفية "إن الكثيرين يواجهون الحياة بلا آليات للتوازن كالتي يمارسها البشر العاديون، وحتى الفقراء عبر العالم، تخفيفا للضغوط، بينما يواجهها بعض المصريين بالمخدرات التي بات تعاطيها أقل عناء من أي فعل آخر".
والنتيجة الحتمية برأي هذا الطبيب النفسي "انعدام الفاعلية، والسلوك العبثي، وتفاقم المشاكل، وبالتالي تضاعف المخدرات، في ظل طرق علاج قديمة عقيمة".
ويؤكد أن علاج المدمن سهل، بيد أن الأسهل منه هو انتكاسة المريض، ليبقى البديل هو الحماية عبر الحياة الكاملة.
كارثة الترامادول
ويتحدث المدير السابق لوحدة الإدمان بمستشفى العباسية عبد الرحمن حماد عن زيادة العرض والطلب على المخدرات بالسوق في ظل الاضطرابات الأمنية وعدم الاستقرار الذي صاحب ثورات الربيع، بالإضافة إلى تزايد التهريب عن طريق الحدود، واستهداف دول المنطقة ومصر بالذات.
ويعتقد حماد أن "الترامادول هو الكارثة الأكبر لانتشاره بين الشباب، في ظل تردي الظروف الاجتماعية، وتزايد الأعمال الدرامية التي تروج للمخدرات والعنف".
ويرى أن الترامادول يوجد على رأس أخطر المخدرات لأنه علاج مصنع يتبع مجموعة "المورفينات" حيث يعمل على جهاز الأعصاب المركزي.
ويضيف د. حماد أن من أسباب انتشار الترامادول رخص سعره وسهولة الحصول عليه والاعتقاد الخاطئ بأنه لا يسبب الإدمان، علاوة على عدم تجريم تناوله إلا منذ وقت قريب بعد تفاقم مشكلته.
ويشير إلى أن فئات مختلفة تتعاطى الترامادول بمن فيهم ربات البيوت، بدعوى أنه منشط ويزيد الطاقة ويؤخر الشعور بالتعب. ويؤكد د. حماد أن الأبحاث العالمية تؤكد تزايد الإدمان بين السيدات، وأن الأخطر في إدمان النساء الأثر السيئ على الأسرة، في وقت تحجم كثير من الأسر عن علاج بناتها.
ويرى أن حل أزمة تزايد معدلات الإدمان يكمن في تفعيل الخطة القومية لمكافحة الإدمان التي تقوم على خفض العرض عبر تشديد القوانين والاتفاقيات مع الدول المنتجة للمخدرات، ومكافحة غسل الأموال مع خفض الطلب بالوقاية والعلاج وإعادة دمج المدمنين المتعافين من الإدمان بالمجتمع، وفق قوله.