بعد تفاقم أزمة السكر وارتفاع سعره بشكل جنوني واختفائه بعدد من الأسواق، فوجئ أهالي مدينة دمنهوربالبحيرة بسيارة "قمامة" تابعة للوحدة المحلية، مُحملة بالسكر، تتوقف أمام منفذ السلع الغذائية الموجود بميدان جلال قريطم، وبيع الكمية للجمهور. وظهرت حالة من آثار التلوث على سيارة "القمامة"، ما أثار حفيظة المواطنين أثناء حصولهم على كيلو أو اثنين من السكر بسعر مناسب. وقال الأهالي، "منتهى الذل والإهانة للحصول على كيلو سكر"، مطالبين بمحاسبة المسئول عن قرار نقل السكر وبيعه من أعلى سيارة للقمامة، دون مراعاة للأخطار الصحية التي يمكن أن تترتب عليه". كان الدكتور محمد سلطان، محافظ البحيرة، قد أعلن عن شراء المحافظة 50 طن سكر من شركة النوبارية لطرحها بالأسواق وبيعها للجمهور بالأسعار المخفضة، وذلك عن طريق منافذ الوحدات المحلية المنتشرة بمدن ومراكز المحافظة، على أن تطرح تلك الكميات من السكر بالمنافذ أمام المواطنين، وفقًا للكثافة السكانية بكل مركز ومدينة. أزمة في بلد قصب السكر وتعجب العديد من المحللين والخبراء من وجود أزمة للسكر في بلد يعد هو الأول على العالم في إنتاج قصب السكر، فطوابير المواطنين الطويلة أمام المجمعات الاستهلاكية تعكس حالة تجويع متعمدة؛ بهدف شغل المصريين بلقمة العيش، وصرفهم عن الكوارث والفساد الذي يقوم به قادة الانقلاب العسكري داخل البلاد وخارجها. ورأى الخبير الاقتصادي مصطفى عبد السلام أن "ما يحدث في سوق السلع الأساسية- ومنها السكر- يرجع في الأساس إلى سوء إدارة الملف الاقتصادي من قبل حكومة الانقلاب، وسيطرة الاحتكارات على الأسواق، وضعف القطاع الخاص، إضافة إلى أزمة الدولار". وأشار إلى "وجود حالات فساد صارخة جرت خلال فترة تولي خالد حنفي وزارة تموين الانقلاب، وفتحه الباب على مصراعيه أمام القطاعين الخاص والحكومي لاستيراد السكر من الخارج، خاصة العام الماضي، وهو ما أضر بصناعة السكر المحلية". ولفت كذلك إلى قيام القطاع الخاص مؤخرا بإعادة تصدير السكر لارتفاع سعره في الأسواق العالمية، كاشفا عن قيام أحد أكبر مصانع تكرير السكر بتصدير كامل إنتاجه بدلا من توجيهه للسوق المحلية. ورأى الخبير الاقتصادي أن "ضرر أزمة السكر سيتجاوز تجار الجملة والتجزئة إلى صناعات مختلفة، خاصة تلك التي تستخدم السكر في عملية الإنتاج". تفاقم الأزمة وأدى تضاعف سعر السكر عالميا إلى تفاقم الأزمة، كون مصر تنتج 2.3 مليون طن من السكر سنويا، في حين تستهلك أسواقها المحلية ثلاثة ملايين طن تقريبا، وهو ما يدفع الدولة لاستيراد سبعمائة ألف طن سنويا لسد العجز. وكشفت بيانات منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة (فاو) عن تسجيل سعر السكر في العقود المستقبلية بالبورصات العالمية زيادة بأكثر من 60% في عام. وبحسب الخبير في صناعات السكر عادل فهمي، فإن سماح الدولة باستيراد السكر للأفراد ورجال الأعمال ورفعها الجمارك عن السكر الخام العام الماضي، أدى إلى إغراق السوق بالسكر المستورد والأرخص من مثيله المحلي.