بالتزامن مع اعلان الولاياتالمتحدةالامريكية هروبها رسميا من سوريا، وتركها للروس، بحسب تسريب لوزير الخارجية كيري مع معارضين سوريين نشرته صحيفة نيويوك تايمز، كشفت تقارير حقوقية سورية أن العام الاول من الاحتلال والقصف الروسي لسوريا خلف 10 آلاف شهيد. وكشف تسجيل مسرب لوزير الخارجية الأمريكي جون كيري، أثناء اجتماعه مع ممثلين ل 4 منظمات إنسانية سورية، عن اعترافه بفشل الدبلوماسية الأمريكية في حل الأزمة السورية، يقول فيه كيري للمعارضة السورية: "قاتلوا من أجلنا لكننا لن نقاتل من أجلكم .. وحزب الله ليس عدوًّا لنا!".
حيث قتل نحو 10 الاف سوري (9364 شخصا) بينهم 3804 حوالي اربعة الاف مدني في سوريا جراء الغارات التي تشنها روسيا منذ بدء تدخلها العسكري قبل عام، وفق ما افاد المرصد السوري لحقوق الانسان الجمعة.
وأتم سلاح الجو الروسي أمس 30 سبتمبر 2016، العام الأول على تدخله في سوريا، منذ بدء ضرباته في ال 30 من أيلول / سبتمبر من العام 2015، هذا التدخل الذي زاد من نزيف الدم السوري، وتسبب في قتل وإصابة وتشريد عشرات الآلاف من المواطنين السوريين، نتيجة عنف الضربات وكثافتها على مدار العام.
وتمكن المرصد السوري لحقوق الإنسان من توثيق استشهاد ومقتل 9364 مواطن مدني ومقاتل من الفصائل الإسلامية والمقاتلة وجبهة فتح الشام (جبهة النصرة سابقاً) وتنظيم الدولة الإسلامية، خلال الأشهر ال 12 الفائتة، وذلك منذ فجر ال 30 من شهر سبتمبر الفائت من العام 2015، وحتى فجر ال 30 من سبتمبر الجاري 2016، ممن قضوا في آلاف الضربات الجوية التي استهدفت عدة محافظات سورية.
وقال المرصد السوري أن الخسائر البشرية توزعت على الشكل التالي: 3804 مواطنين مدنيين سوريين هم 906 أطفال دون سن ال 18، و561 مواطنة فوق سن الثامنة عشر، و2337 رجلاً وفتى، إضافة ل 2746 عنصر من تنظيم “الدولة الإسلامية”، و2814 مقاتلاً من الفصائل المقاتلة والإسلامية وجبهة فتح الشام والحزب الإسلامي التركستاني ومقاتلين من جنسيات عربية وأجنبية.
20 ألف مصاب
واوضح مدير المرصد "رامي عبد الرحمن" أن الغارات الروسية تسببت خلال عام بإصابة "عشرين ألف مدني على الاقل بجروح، وان "الحصيلة هي نتيجة الغارات الروسية التي تمكننا من التأكد منها"، لافتا الى ان "العدد قد يكون أكبر لوجود قتلى لم نتمكن من تحديد هوية الطائرات التي استهدفتهم".
وندد عبد الرحمن بحصيلة القتلى المرتفعة، معتبرا ان "روسيا تمعن في قتل المدنيين وارتكاب المجازر في سوريا من دون ان تعير اي اهتمام للمجتمع الدولي والقوانين الدولية".
وبدأت روسيا، الحليف الابرز لنظام الرئيس السوري بشار الاسد، في 30 سبتمبر 2015 حملة جوية مساندة لدمشق، تقول انها تستهدف تنظيم داعش ومجموعات "ارهابية" اخرى"، واتهمتها دول غربية وفصائل سورية معارضة باستهداف المجموعات المقاتلة المعتدلة أكثر من التركيز على داعش كما ادعت.
ومنذ حوالي عشرة أيام، تنفذ الطائرات الروسية غارات مكثفة على الاحياء الشرقية الواقعة تحت سيطرة الفصائل المعارضة في مدينة حلب في شمال سوريا، استعدادا لعودة قوات الاسد لاحتلالها، ما اوقع مئات القتلى والجرحى، ودفع لاتهامها مع نظام الاسد بارتكاب "جرائم حرب".
وبالإضافة الى الطائرات التابعة لنظام الأسد والطائرات الروسية، تستخدم طائرات التحالف الدولي بقيادة واشنطن الاجواء السورية منذ صيف 2014 لتنفيذ ضربات جوية تستهدف تنظيم داعش في مناطق احتلاله في سوريا والعراق المجاور.
أسلحة محرمة لقصف المدنيين
واشار المرصد السوري إلى أن روسيا استخدمت مؤخراً خلال ضرباتها الجوية قنابل حارقة بها مادة “Thermite”، والتي تتألف من بودرة الألمنيوم وأكسيد الحديد، وتتسبب في حروق لكونها تواصل اشتعالها لنحو 180 ثانية، حيث أن هذه المادة تتواجد داخل القنابل التي استخدمتها الطائرات الروسية خلال الأسابيع الأخيرة في قصف الأراضي السورية.
وهي قنابل عنقودية حارقة من نوع “RBK-500 ZAB 2.5 SM” تزن نحو 500 كلغ، تلقى من الطائرات العسكرية، وتحمل قنيبلات صغيرة الحجم مضادة للأفراد والآليات، من نوع ((AO 2.5 RTM)) يصل عددها ما بين 50 – 110 قنبلة، محشوة بمادة “Thermite”، التي تتشظى منها عند استخدامها في القصف، بحيث يبلغ مدى القنبلة المضادة للأفراد والآليات من 20 – 30 متر.
1786 ضحية في حلب
من ناحية أخري نشر المعهد السوري للعدالة (JUSTICE) حصيلة لقصف سلاح الجو الروسي مدينة حلب وريفها منذ 1-11-2015 وحتى 30-9-2016 وما نجم عن ذلك من ضحايا، مشيرا لأن عدد الضحايا الاجمالي نتيجة القصف بلغ 1786 مدني سوري، بخلاف المقاتلين.
واستشهد أمس الجمعة 9 مدنيين بينهم 7 أطفال أيضا جراء غارات جوية استهدفت مدينة كفربطنا في الغوطة الشرقية.
ومن بين ضحايا القصف الروسي الاجرامي خلال 10 أشهر علي حلب: النساء 203، والاطفال 501 قتيل، والاطباء والمسعفين 21، وعناصر الدفاع المدني 13، ومن بين أعضاء الهيئات الاغاثية والخدمية 12 عضو، إضافة الي 7 من النشطاء الاعلاميين.
والمعهد السوري للعدالة (JUSTICE) منظمة غير حكومية غير ربحية، برصد وتوثيق كافة الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان والجرائم ضد الإنسانية في سوريا من أي جهة كانت وإعداد ملفات قانونية وفق الاصول والمعايير المعتمدة لدى المحاكم الجنائية الدولية لتقديمها لدى المحاكم المتخصصة وذلك بهدف حرمان المجرمين من الإفلات من العقاب ودعم العدالة الانتقالية في سورية.
وكان المندوب الاممي "أوبراين قد تحدث عن مقتل 320 مدنياً بينهم 100 طفل وإصابة 765 في حلب منذ إعلان قوات النظام انتهاء الهدنة في اليوم ال 19 من الشهر الحالي، ودعا الأممالمتحدة إلى جمع الأدلة والشهود لمحاسبة المتورطين في جرائم حلب.
وأكد أن استهداف القوافل الإنسانية في سورية تم بطرق متعددة ولابد من المحاسبة، مؤكدا: "نحاول إسقاط مساعدات جوية على المحاصرين ولا توجد ضمانات بأن قوافل المساعدات ستكون آمنة في سورية".
أهداف الاحتلال الروسي
ويقول "زهير سالم" مدير مركز الشرق العربي أن الهدف الرئيسي المعلن للاحتلال الروسي لسورية كان هو التعاون مع النظام (الشرعي) فيها، أي نظام بشار الأسد، للقضاء على الفصائل الإرهابية وفي مقدمتها تنظيم الدولة والنصرة وما يلتحق بها، وليس دعم نظام بشار، وأنهم يؤيدون حلا سياسيا في سورية، ولكن الواقع العملي لتصرفات المحتلين تكشف كذبهم.
ويرصد "سالم" الاهداف الاستراتيجية الروسية في سوريا التي تجعل بوتين يصر على مهمته القذرة في سورية، ويتحمل عبء تنفيذها؛ مع ارتفاع الكلفة التي يحملها لبلده من الناحيتين الإنسانية والسياسية والاقتصادية، على النحو التالي:
1- الهدف الاستراتيجي الأساسي على الصعيد الدولي، يتضمن أهداف عديدة، منها ما يشتق منه مباشرة مثل حرص الروس على الاحتفاظ بقاعدتهم في شرق المتوسط، ومنها ما هو اقتصادي، ومنها ما هو ديني طائفي يتجلى في عداوة روسية مورثة للإسلام والمسلمين.
2- هواجس الروس من تمكن مجموعات إسلامية توصف بأنها (متطرفة أو إرهابية)، ولو في مناطق بعيدة عن روسية مثل سورية، خوفا، من استيقاظ الإرادات المكبوتة لدى 20 % من سكان الاتحاد الروسي محكومين على طريقة بشار الأسد في القتل والاعتقال وتهشيم الإنسانية والدوس على كل ما يسمى منظومة حقوق الإنسان.
3- رغبة بوتين في جعل سورية سلما لعودته إلى موقع القمة الدولية، بعدما لمس الانصراف الأمريكي عن خوض صراع من أجل سورية والسوريين.
أما الأهداف المجملة للاحتلال الروسي لسورية فتتلخص في ثلاثة أهداف هي:
الأول: تثبيت نظام بشار الأسد بوصفه نظاما طائفيا (علويا)، مستبدا، فاسدا، يكرس سورية مزرعة روسية بالدرجة الأولى، مع السماح بهامش محدود للمتآمر الشيعي الصفوي الإيراني.
الثاني: جعل حياة السوريين في المناطق المحررة مستحيلة، باستهداف كل مقومات الحياة، ومرتكزاتها ولذلك نجد الطيران الروسي يركز على استهداف المستشفيات، والمساجد وقت صلاة الجمعة بشكل خاص، والمدارس، والمخابز، والطرقات، والجسور.
الثالث: تغيير الخارطة الديمغرافية في سورية، باستهداف السواد العام لشعبها بالتقتيل والتهجير، وهذا الذي يجري أمام الجميع الآن.