أكد خالد فؤاد، الباحث في الشأن المصرى، أن خروج "قانون بناء الكنائس" بهذا الشكل يزيد من حدة التوتر فيما بعد بين الحكومات والكنيسة، خاصة في حال عدم شعور الكنيسة بجدوى القانون الذي استمر الجدال عليه فترة ليست بالقصيرة"، مؤكدا أن ملف الأقباط واحد من الملفات التي يمكن أن تزيد من حجم الانتقادات الموجهة لقائد الانقلاب عبد الفتاح السيسى . مواد تثير الجدل وقال الباحث خالد فؤاد، ضمن ورقة طرحها من خلال صفحة وموقع المعهد المصري للدراسات السياسية والإستراتيجية بعنوان "قانون بناء الكنائس: التطورات والإشكاليات": إن القانون يتضمن بعض "المواد مثار الجدل"، موضحا أن الكنيسة أصرت على بعض المواد، أحدها: وضع مادة بضرورة تقنين الكنائس غير المرخصة، والأخرى: وعدم تغيير طبيعة المبنى الخاص بالكنيسة في حالة غلقها، وصدور قرار المحافظ دون الرجوع للجهات المعنية، بالإضافة إلى حرية ممارسة الشعائر، ووضع الصلبان والقباب فوق الكنائس. ومن المواد المحددة (المادة 5) من القانون، والخاصة بالإبقاء على موافقة الجهات الرسمية لإصدار القرار النهائى ببناء الكنائس، والتي كانت تُمثل العائق الأساسى لتمرير القانون، حيث تم الاتفاق في المسودة النهائية على إلغاء عبارة "التنسيق مع الجهات المعنية". وأضاف أنه تمت زيادة مواد القانون من 8 إلى 10 مواد، على أن تختص المادة 8 بتنظيم الكنائس غير المرخصة، ويتولى مجلس الوزراء حصرها بشرط مرور عام على الصلاة فيها، تمهيدا لتقنين أوضاعها بعد صدور القانون مباشرة، فيما تحظر المادة 7 تحويل مبنى الكنيسة فى حالة إغلاقه لأى سبب من الأسباب إلى مبنى آخر، ويظل مخصصا للكنيسة. شد وجذب وفي تسلسل زمني، رصد "الباحث" ما شهدته الأسابيع القليلة الماضية، من شد وجذب بين حكومة وقائد الانقلاب من ناحية، والكنيسة المصرية من ناحية أخرى، بشأن مشروع قانون بناء وترميم الكنائس، كانت نبرة الحديث عن قانون بناء الكنائس قد ارتفعت مع بداية انعقاد أولى جلسات البرلمان في يناير 2016، حيث تنص المادة 235 من دستور 2014 الحالي على أن "يصدر مجلس النواب في أول انعقاد له قانونا لتنظيم بناء وترميم الكنائس، بما يكفل حرية ممارسة المسيحيين لشعائرهم الدينية". وقال فؤاد: إن أحداث الأزمة بدأت مع لقاء السيسي تواضروس، في 28 يوليو 2016، حيث أعلنت الكنيسة بعد هذا اللقاء- في بيان لها- عن قرب صدور قانون بناء الكنائس بصورة مرضية، فيما يشير البيان إلى وعد من السيسي لقيادات الكنيسة بتمرير قانون بناء وترميم الكنائس بشكل مرضي للكنيسة، وهو ما أعقبه إعلان وزير الشؤون القانونية ومجلس النواب مجدي العجاتي، في 1 أغسطس 2016، أن الكنائس الثلاث المصرية وافقت على المسودة النهائية لمشروع قانون بناء وترميم الكنائس، على أن يتم تسليم مسودة القانون لمجلس الوزراء لمناقشتها. وأضاف أنه في 17 أغسطس 2016، اجتمع ممثلو الكنائس المصرية مع ممثلى جهات عديدة بالدولة لمناقشة مشروع قانون بناء الكنائس، إلا أن الاجتماع لم يسفر عن توافق حول مشروع القانون، حيث أصدرت الكنيسة القبطية الأرثوذكسية بيانا، في 18 اغسطس 2016، تُبدي فيه اعتراضها على التعديلات التي استحدثت من جانب الحكومة، ووصفتها بأنها "غير مقبولة، وإضافات تمثل خطرا على الوحدة الوطنية المصرية". ثم التقى "تواضروس" و"شريف إسماعيل"، في 22 أغسطس، لمناقشة مشروع القانون، وبدا برأي الباحث أن الحكومة تراجعت عن التعديلات التي كانت أدخلتها على المشروع ورفضتها الكنيسة، ودعا تواضروس بعد لقائه مع "إسماعيل"، المجمع المقدس للكنيسة إلى اجتماع طارئ في 24 أغسطس، وفي ساعة متأخرة من نفس اليوم، وقع شريف إسماعيل النسخة النهائية من القانون. ووافق مجلس وزراء السيسي، في 25 أغسطس الماضي، على "النسخة النهائية" من القانون، ثم يأخذ القانون دورة آلية فيرسل لمجلس الدولة لمراجعته، ثم يعرض على "برلمان العسكر" لإقراره رسميا، وهم ما تم في 30 أغسطس 2016، ووافق عليه ثلثا الأعضاء. إشكاليات التطبيق ورأى خالد فؤاد أن القانون يواجه في ضوء المواد المثيرة للجدل، إشكالية في "التطبيق العملي" لمواده، فالقانون نزع جملة "التنسيق مع الجهات الأمنية" من الديباجة، ووضعها في يد المحافظ مباشرة في إصدار تصريحات بناء الكنائس في محافظته، موضحا أن "تلك الموافقة المنصوص عليها في القانون لا نستطيع أن نستنتج في ظل منظومة حكم أمنية بجدارة، أن ثمة استقلالية في قرار المحافظ بعيدا عن الجهات الأمنية والسيادية صاحبة القرار في الماضي". واستنتج "الباحث" أن "نص القانون لن يُعبر بأي شكل من الأشكال عن تغيير حقيقي على أرض الواقع"، مضيفا أن "القانون لم يشر لأسباب الرفض التي يمكن أن يستند إليها المحافظ في حال رفضه طلب إنشاء كنيسة، وهو ما يعني أن الرفض من خلال المحافظ ليس مقيدا بأي مادة من مواد القانون". وأضاف أنه "بالنظر إلى المادة التي تشير إلى وجود تناسب ما بين مساحة الكنيسة المطلوب الترخيص ببنائها مع عدد المواطنين المسيحيين في المنطقة التي تقام بها، وهي مادة تقوم بالأساس على أوراق معتمدة من جهات رسمية بالدولة بعدد المسيحيين في المنطقة التي تقام بها الكنيسة"، لافتا إلى أن ذلك الأمر لا يستطيع أحد أن يجزم بأن جهة ما في الدولة قادرة أو تستطيع إثبات العدد بالأرقام في أوراق رسمية". أبعاد تحليلية وقال الباحث في وريقته: إن الاستجابة السريعة لمشروع القانون من خلال وعد السيسي لتواضروس في اللقاء الذي تم بينهما، ثم إدخال الحكومة بعض التعديلات التي أثارت موجة اعتراضات داخل الكنيسة، ثم تراجع الحكومة عنها فيما بعد يشير إلى أن ظاهر الأمر "وجود حالة تخبط بين أجهزة الدولة" بفعل تطورات الأزمة، نافيا أن يكون ذلك دقيقا أو ورادا في هذه الأزمة تحديدا؛ لما لها من حساسية وأهمية". وأضاف أنه ربما تشهد الأيام القادمة دفع النظام من خلال بعض المعارضين للقانون، بدعاوى عدم دستورية القانون، والمطالبة بقانون موحد لدور العبادة، في إشارة إلى التهديد بإلغائه، ومن ثم العودة إلى النقطة "صفر" في أي وقت بشأن قانون بناء الكنائس؛ بهدف ابتزاز الكنيسة واستمرار تأييدها ودعمها للنظام الحالي. - نص قانون بناء الكنائس بعد موافقة البرلمان عليه في 30 أغسطس 2016 - المقال التحليلي بموقع المعهد المصري -