بعد مناوشات دامت لأكثر من ثلاثة أسابيع بين الكنيسة المتمثله فى البابا تواضروس أحد أكبر أعمدة الانقلاب، وعبدالفتاح السيسى، الذى رضخ لمشروعه الكبير ببناء الكنائس، معلنه حكومته التراجع عن التعديلات التى كانت قد استحدثتها عليه وتسببت فى إعلانه الرفض التام له. وحسب الصحف القومية والموالية للانقلاب، فقد وقع رئيس وزرائه، فى ساعة متأخرة من مساء أمس الأربعاء، النسخة النهائية من القانون، بعد أن تم التوافق على المواد الخلافية فيه، وموافقة المجمع المقدس بالكنيسة عليه. ومن جهته، أعلن المجمع، في بيان أصدره مساء أمس الأربعاء، التوصل إلى صيغة توافقية مع ممثلى الحكومة على القانون، تمهيدا لعرضه على مجلس الوزراء، وتقديمه لمجلس النواب. وقال إن "المجمع عقد برئاسة البابا تواضروس الثاني، بابا الإسكندرية، و105 مطارنة وأساقفة، الأربعاء، لمناقشة القانون الذي شاركت في إعداده الكنائس المصرية منذ أشهر عدة، والمزمع تقديمه للبرلمان خلال أيام". وأضاف البيان: "في إطار المناقشات والمقابلات التي تمت خلال الأشهر القليلة الماضية مع الرئيس عبدالفتاح السيسي، ورئيس الوزراء والمستشار مجدي العجاتي، وزير الشؤون النيابية والبرلمانية، وبعد طرح مواد القانون العشر، للمناقشة من الحضور، والتعديلات التي تمت مؤخرا، وإجابة التساؤلات والاستفسارات، وبعد التشاور والتوافق مع ممثلي الكنائس المسيحية، أعلن المجمع موافقته السابقة". واختتم البيان بالقول: "نفهم أن السنوات الأولى لتطبيق القانون سوف تكشف مدى فاعليته وصلاحيته واحترامه للآخر، آملين ألا تظهر مشكلات على أرض الواقع". ومن جهته، قال مصدر كنسى، بحسب صحيفة "فيتو"، إن البابا تواضروس تلقى اتصالا هاتفيا من جهة سيادية، عقب انتهاء جلسة المجمع المقدس، لمناقشة التعديلات الأخيرة، التى أثارت الجدل فى القانون المقدم من الدولة. وشدد المصدر على أن الجهة السيادية أكدت للبابا الأخذ فى الاعتبار بجميع المقترحات المطروحة من الكنائس، حول تعديلات مشروع القانون، متوقعة إصداره قبل انتهاء دور الانعقاد الحالي للبرلمان، كي تتوفر الصفة الدستورية له، وفق المادة 235 من الدستور. (الذي وضعته لجنة "الخمسين"، المعينة من قبل الانقلاب عام 2014). وقال مراقبون إن هذا التطور يأتي بعد أن مارست الكنيسة بزعامة البابا تواضروس ضغوطا على الحكومة، إذ ألزمت قادتها "الصمت الغاضب" الأربعاء، وأكدت عليهم عدم الإدلاء بأي بيانات، في انتظار استجابة الحكومة لطلب الكنيسة إقرار مشروعها، وسحب التعديلات التي أدخلتها الحكومة عليه. وذكرت تقارير صحفية أن أهم التعديلات التي طالبت بها الكنيسة وضع مادة بضرورة تقنين الكنائس غير المرخصة، وعدم تغيير طبيعة المبنى الخاص بالكنيسة في حالة غلقها، وصدور قرار المحافظ دون الرجوع للجهات المعنية، بالإضافة إلى حرية ممارسة الشعائر، ووضع الصلبان والقباب فوق الكنائس. في سياق متصل، أعلن رئيس الطائفة الإنجيلية، أندريه زكي، قبول الحكومة التعديلات المقترحة من الكنائس المصرية الثلاث، بشأن قانون ترميم وبناء الكنائس. وقال زكي، في تصريحات نقلتها "المصري اليوم"، إن مجلس الوزراء سيعقد اجتماعا الخميس لإقرار القانون، تمهيدا لعرضه على مجلس النواب. وأضاف أن هناك جهات مسؤولة بالدولة أبلغته رغبتها الحقيقية في إزالة العقبات لإصدار القانون. من جانبهم، سرَّب إعلاميون مقربون من السيسي، نبأ توصل الحكومة إلى الاتفاق مع الكنيسة، بخصوص مشروع القانون، دون أن يكشفوا أن الاتفاق تم بعد سحب الحكومة تعديلاتها بالفعل، وأخذها بالمشروع الذي تقدمت به الكنيسة. وقال أحمد موسى، في برنامجه "على مسؤوليتي"، عبر فضائية "صدى البلد"، إنه من المتوقع إصدار قانون لترميم وبناء الكنائس متوافق عليه من الدولة المصرية والكنيسة خلال الأسبوعين القادمين، مؤكدا أنه سيتم الانتهاء منه قبل إجازة مجلس النواب، وأنه سيكون لصالح جموع المصريين. أما تامر أمين، فهاجم موقف حكومة السيسي من مشروع القانون، واصفا إياه بالغامض، وغير المبرر، مشيرا إلى أن السيناريو كان يسير بشكل جيد، لكن الحكومة تدخلت، و"عملت مشكلة"، وفق وصفه. وأضاف، في برنامجه "الحياة اليوم"، عبر فضائية الحياة، الأربعاء: "الحكومة عملت مشروع قانون زي الفل، وبعتته للكنيسة، وحصل على الموافقة من الكنائس الثلاث لأول مرة من أكثر من 80 سنة، لكن الحكومة نفسها عدلت في المشروع، ما سبب ضيقا للكنيسة، ودعت لاجتماع عاجل للمجمع المقدس"، بحسب قوله. ومتماهيا مع تلك التطورات، كشف وكيل مجلس النواب، سليمان وهدان، أن البرلمان يبذل جهده للانتهاء من الاستحقاقات الدستورية الملزم بها خلال الفصل التشريعي الأول، التي لن تزيد عن 25 يوما متبقيا، موضحا أن الحكومة سترسل مشروع قانون بناء الكنائس الجديد خلال أيام للبرلمان؛ بغرض مراجعته. وأضاف، في جلسة البرلمان أمس الأربعاء حسب موقع "عربى 21"، أن البرلمان لن يستغرق وقتا في مناقشة القانون؛ نظرا لكونه مستوفيا كل الشروط بالكامل، مشيرا إلى إمكان إرجاء مناقشته للفصل التشريعي الثاني في حال اتخاذه وقتا أطول. وكان تواضروس التزم الصمت بشأن القانون خلال محاضرته الأسبوعية في الكاتدرائية بمنطقة الزيتون، الأربعاء، عقب حضوره جلسة المجمع المقدس. وترددت أنباء حول قيام مسؤول كبير في الدولة بمهاتفته قبيل محاضرته الأسبوعية، يعده فيها بالأخذ بالمقترحات المقدمة من الكنائس حول القانون، وهو ما تم بالفعل، ما جعل رئيس الحكومة يسارع بتوقيع مشروع القانون، وحدا بالمجمع أن يصدر بيانه المتقدم.