عُرف بأنه نصير الثورات في العالم العربي الإسلامي، يجهر بقول الحق ولا يخشى في الله لومة لائم، يحارب بحجته وفتاويه استبداد المستبدين، ويدافع عن الضعفاء، وينتصر للإسلام والمسلمين، إنه شيخ الأمة وعالمها الإمام "يوسف القرضاوي". الشيخ القرضاوي، الذي بلغ من العمر 88 عاما، فنيت جميعها في الدعوة إلى الله، والدفاع عن أصول الدين والسنة النبوية المطهرة، لم يكن شيخا عاديا تخرج من الأزهر الشريف فحسب، لكنه كان- ومنذ صغره- مجتهدا مقاوما للاستبداد، حتى إنه سجن في سجون عبد الناصر بالسجن الحربي، وعانى من الاضطهاد طوال عصر المخلوع مبارك، كما أنه يعد أحد أبرز العلماء السنة في العصر الحديث، ورئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين. ولد الشيخ يوسف عبد الله القرضاوي، في 9 سبتمبر 1924، في قرية صفط تراب بمركز المحلة الكبرى بمحافظة الغربية في مصر. حفظ القرآن الكريم وهو دون العاشرة، وقد التحق بالأزهر الشريف حتى تخرج من الثانوية، وكان ترتيبه الثاني على مملكة مصر حينما كانت تخضع للحكم الملكي، ثم التحق الشيخ بكلية أصول الدين بجامعة الأزهر، ومنها حصل على إجازة العالية سنة 1953، وكان ترتيبه الأول بين زملائه، وعددهم مائة وثمانون طالبًا. حصل على العالمية مع إجازة التدريس من كلية اللغة العربية سنة 1954، وكان ترتيبه الأول بين زملائه من خريجي الكليات الثلاث بالأزهر، وعددهم خمسمائة. حصل يوسف القرضاوي على دبلوم معهد الدراسات العربية العالية في اللغة والأدب في سنة 1958، وفي سنة 1960 حصل على الدراسة التمهيدية العليا المعادلة للماجستير في شعبة علوم القرآن والسنة من كلية أصول الدين، وفي سنة 1973 حصل على الدكتوراة بامتياز مع مرتبة الشرف الأولى من نفس الكلية، وكان موضوع الرسالة عن "الزكاة وأثرها في حل المشاكل الاجتماعية". الإمام الثائر في عقده التاسع من عمره، هرم الجسد وشاخ، يتقدم في السن وروحه مشتعلة، وفكره متوهج، وعيناه تبرقان، وصوته يزأر، إنه الإمام الثائر الشيخ يوسف القرضاوي. وصف القرضاوي بالخطيب والمعلم والفقيه والمجدد والمصلح، مع أحداث ثورتي تونس ومصر، أكد صفة الإمام الثائر على الظلم والاستبداد، الإمام الثائر الذي عانق نبض الثوار الشباب، وهتف معهم: إذا الشعب يوما أراد الحياة.. فلا بد أن يستجيب القدر. ومن فوق منبر خطبة الجمعة، كان القرضاوي يرسل خطابات نارية يوجهها للرئيسين المخلوعين مبارك وابن علي، فتنزل على الثوار بردا وسلاما في ميدان التحرير وفي محافظاتتونس، كما أنه خطب أشهر الخطب في ميدان التحرير، والتي عرفت بخطبة التنحي، وهي الخطبة التي تنحى بعدها المخلوع مبارك. كما لم يتخل الشيخ القرضاوي أبدا عن نصرة الشعب السوري، وما زال يدافع عن حق الشعب السوري في الحياة الكريمة، وفي ضرورة نصرة السوريين، والوقف في وجه الطاغية بشار، والعمل على توحيد صفوف الثوار، كما أن ليبيا وشعبها وثورتها كانت حاضرة في كل خطابات الشيخ القرضاوي إبان الثورة الليبية. مقاوم الانقلابات الشيخ القرضاوي- رغم كبر سنه- لم يتوقف أبدا في حديثه المتواصل عن نصرة الشعوب المكلومة في كل مكان بالعالم، كما أنه كان صاحب دور كبير في نصرة الثورات العربية، فإنه كذلك تصدى وبقوة للانقلابات العسكرية، حيث إنه هاجم في كثير من خطبه الانقلاب العسكري في مصر، وأعلن عن رفضه لجرائم الانقلابيين. كما طالب القرضاوي علماء الأمة ومشايخ الأزهر الشريف بالتصدي لجنون قائد الانقلاب العسكري، حتى أصدر قضاء الانقلاب العسكري في مصر حكما عليه بالإعدام في قضية ملفقة، ثم طالبوا الإنتربول الدولي بتسليمه إلى مصر. موقف الشيخ القرضاوي الرافض للانقلابات العسكرية بدا واضحا أيضا في رفضه الشديد للانقلاب العسكري في تركيا، حيث دعا مؤخرا جماهير الشعب التركي إلى مواصلة الرباط في الميادين حتى يكتمل النصر، وتنكشف الغمة عن بلادهم، وتنتهي محاولات الانقلاب العسكري الفاشل. شاهد خطبة القرضاوي في الذكرى الثالثة لثورة يناير