علق الكاتب الصحفي فهمي هويدي على الإعلان الذى تم عن اتفاق الأتراك والإسرائيليين على تطبيع العلاقات بينهما بعد قطيعة استمرت ست سنوات، قائلا: "شعرت بالغيظ حين وقعت على الخبر، وقرأت أن تخفيف الحصار على قطاع غزة هو الذى أخر الاتفاق، ومد أجله لستة أشهر، لافتا إلى الاعتداء الإسرائيلى على سفينة الإغاثة مافى مرمرة"، التى حاولت فى عام 2010 كسر الحصار على القطاع. وكان عليها عدد من النشطاء، إلا أن إسرائيل تعرضت لها فى عرض البحر وهاجمت ركابها، الذين قتل منهم عشرة بينهم تسعة من الأتراك. وأوضح هويدي -خلال مقاله بصحيفة "الشروق" اليوم الاثنين- أنه بعد المفاوضات على الاعتذار الصهيوني لتركيا ودفع تعويضات عن قتلى السفينة، فقد أسهمت إجراءات الحصار على غزة في المفاوضات بما فى ذلك إطلاق حرية الحركة التى تشمل معبر رفح، موضحا أنه تبين أن المفاوضات يمكن أن تحقق تقدمها على صعيد تخفيف الحصار وليس كسره أو رفعه تماما، خصوصا أن الأطراف الإقليمية العربية لم تكن بعيدة عن مناقشة حدود التخفيف الممكنة. وأكد هويدي أن العلاقة مع إسرائيل أصبحت «عاهة سياسية» أصيبت بها تركيا وينبغى أن تتخلص منها يوما ما، إلا أنه شن هجوما على قادة الدول العربية ومنهم بالأخص قائد الانقلاب في مصر، قائلا: "وإزاء اللامعقول السياسى الحاصل فى العالم العربى الذى انقلبت فى ظله المعايير، فإن التطبيع الذى يفيد قطاع غزة يظل أقل سوءا من التطبيع الذى يشدد الخناق عليه. وقبولنا المؤقت بهذا الوضع فى الحالة التركية يعد من قبيل تفضيل العور على العمى". وقال "إن الاتفاق والتطبيع الذى أعلن يستدعى المفارقة التى أشرت إليها فى السطر الأول، ويعبر عنها السؤال التالى: لماذا تكلل التفاهم بين أنقرة وتل أبيب بالاتفاق، فى حين استمرت القطيعة السياسية بين القاهرة وبين كل من أنقرة حتى تحول لقطيعة؟ هل لأننا نستقوى على أشقائنا؟ أم لأن حساسيتنا أشد إزاءهم بحكم العشم والوشائج المفترضة؟ أم أن موقفنا متأثر بضغوط خارجية لنا مصلحة فى التجاوب معها؟ أم أن حساباتنا شخصية مع الأشقاء وموضوعية مع الأعداء؟". وأضاف هويدي أن تعدد الأسئلة المثارة يعنى أن الظاهرة تحتاج إلى مناقشة أوسع تفسير وتصوب المسار وتعالج الخلل الذى يعتريه. وإلى أن يتحقق ذلك فإن استمرار المفارقة يظلل شهادة تدين العقل السياسى وتعلن فشل رؤيته الاستراتيجية، بدليل عجزه عن الحفاظ على التواصل المفترض مع الأشقاء الذى نسجته الوشائج على مدى التاريخ، الأمر الذى يضعنا أمام خسارة مضاعفة. ذلك أنا نضعف صفوفنا حين نخاصم الأشقاء ونقيم الجدران التى تفصلنا عنهم. فى الوقت ذاته نقوى صف الأعدء حين نمد جسور الوصل والتحالف معهم، بحيث تصبح الدولة ضد الأمة.