قال الكاتب الصحفي وائل قنديل: إنه وبعد ثلاثة أعوام، من الانقلاب العسكري على الرئيس محمد مرسي وفض اعتصام ميداني رابعة والنهضة، تلتهم المقتلة كل الذين فرحوا واحتفلوا بالانتصار العسكري على ثورتهم، لتصبح عناوين مثل "اعتقال تلاميذ بتهمة الإساءة لاسم وشخص رئيس الجمهورية على فيسبوك" أمرًا اعتياديًّا، ويصير الاعتقال والتنكيل في انتظار أي محامٍ يفكّر في الدفاع عن مظلومين. وأضاف قنديل خلال مقاله بصحيفة "العربي الجديد" اليوم السبت، إنه لم يعد التهليل للبطش بالإسلاميين يشفع لأحد، موضحا أن الكل تحت مقصلة سلطةٍ مجنونةٍ، في الوقت الذي لا تريد نقابة الصحافيين، أن تستوعب الدرس، فتلعق قرارات عموميتها، وتصدر بياناً لا يختلف عن خطاب جنرالات الفاشية الإعلامية، تعلن فيه الحرب على "جماعة الإخوان الإرهابية"، وتصطف فيه مع الذين حاصروها بالطوب والهراوات والرقص الماجن.
وأشار إلى تجييش فرق من صحفيي الانقلاب المعروفين بعلاقاتهم بالأمن للانقضاض على النقابة العريقة التي احتفلت للتو بعيدها الماسي، تح شعار "تصحيح المسار" والهدف خطف النقابة، بالطريقة نفسها التي تحرّش بها أنور السادات بالصحافيين الأرازل في خريف غضبه، فيخرّ النقيب صعقا، ويصدر المجلس بياناً مرتعشاً، يعلن فيه التراجع المشين عن صموده بوجه غطرسة النظام المدجّج بكل أسلحة القبح.
وتابع: "عاد حزب البغال والجمال ليتصدّر المشهد السياسي، ويختطف البلد، من جديد، عبر الآليات القديمة نفسها، فالذين سلّحوا البلطجية، وأطلقوهم على نضارة مصر وبهائها في ميدان التحرير لا يزالون يحتفظون بكميات أخرى من السلاح، وأعداد أكبر من البلطجية، ونفوس لا تشبع من الأرض والدم والمال".
وأشار قنديل إلى قوله قبل ثلاث سنوات، إن الأمر بعد انقشاع بعض الغبار عن سماء السياسة المصرية يشير، بوضوح، إلى أن كل ما كان يُشتَم محمد مرسي ويُهان بسببه يحدث الآن من السلطة الجديدة، وسط تصفيق حاد من المعارضة، وتبرير لا يتوقف لكل أعمال القتل والتنكيل والاعتقال التي كانت تدور بلا هوادة، بعد أن كانوا يتسلّقون أسوار قصر الرئيس المنتخب، ويقتحمون بواباته الرئيسية، ليكتبوا على الجدران كلماتٍ نابية وبذيئة في حقه، والذين تظاهروا بالبرسيم أمام بيته، من دون أن يقاومهم أحد، والذين كانوا يعتبرون قطع الطرق والكباري نوعًا من حرية التعبير والإبداع واقتحام فندق مثل سميراميس عملاً ثوريا، نأسى عليهم، ونتضامن معهم، وهم لا يستطيعون الوصول إلى نقاباتهم، وإن فعلوا يكون "ملك الاعتقال" في انتظارهم، عند المتاريس الموضوعة حولها.
واختتم مقاله قائلا: "الجميع اكتشف أن كل هذا الثمن الفادح من الدماء والحريات، بالإضافة إلى إشعال النار فى حصاد ديمقراطية ثورة يناير الوليدة، فضلاً عن التكلفة الباهظة لرعاية الغضب الباهر، وما تم إنفاقه على القصة والسيناريو والإخراج والديكور، ستكتشف أنه كان فقط من أجل حلق لحية النظام السياسي.. نعيماً يا مصر!".