يشكل سعي النقابات المهنية إلى مؤازرة بعضها، كما فعلت نقابتا "المحامين" و"الأطباء" بإرسال وفود من المهنيين أو مجالس النقابات إلى نقابة تحت الحصار الأمني و"البلطجي"، علامة تبرهن على أن تحركاتها كما يراها منظرو النظام، كعمرو هاشم ربيع، ب"تحركات مجتمع مدني لا تمثل خطورة على الدولة، فتحرك النقابات وقتي؛ في حالة حدوث أزمات". وتعتبر عصابة الانقلاب كل تجمع بشري عمالي أو مهني مناوئ لها إلى أن يثبت العكس، مستدعية الخلفية التاريخية لنقابات بعينها في نضالها التاريخي مع السلطة الحاكمة، كنقابتي المحامين والصحفيين. وتشهد الفترة الحالية صراعا بين عدد من النقابات المهنية والسلطة الحاكمة, أبرزها نقابة الصحفيين، التي تم اقتحامها من قبل وزارة الداخلية، منتهكة الدستور والقانون والأعراف المحلية والدولية كافة، ومبكرا فعلها الانقلاب باقتحام نقابة المحامين بالسويس، واعتدوا على 12 محاميا، وهشموا محتويات النقابة، إضافة إلى الاعتداء المتكرر على الأطباء وأعضاء الهيئات التمريضية داخل المستشفيات من بعض أفراد الداخلية ضباطا وأمناء. الثأر من الصحفيين اعتبر كثير من الصحفيين أن شعار "عاشت وحدة الصحفيين" هو المكسب الرئيسي من الأزمة الأخيرة، بتوحد أبناء المهنة الواحدة بحثا عن كرامة بعثرها النظام، فمن "قلعة الحريات" إلى اقتحام المقر في سابقة هي الأولى من نوعها، بل ومارست بلطجة في تصريحاتها بحق من أيدوها، كما ادعت أن الاقتحام تم بالتنسيق مع النقيب، وأوضحت النقابة في بيانها "ليس من المعقول ولا المقبول أن يتم ذلك أو ينطلي على أحد، والحقيقة أن ما حدث جريمة متكاملة الأركان في حق النقابة، وإهدار القانون والدستور، وعملية اقتحام جريمة غير مسبوقة ومتعمدة، استهدفت انتهاك حُرمة النقابة وترويع الزملاء الصحفيين المتواجدين بالمبنى". ولم تكن واقعة اقتحام مقر النقابة بداية الصراع بين وزارة الداخلية ونقابة الصحفيين، الذي تجلى في أقبح صورة يوم 15 أبريل بمحاصرة شارع النقابة التي احتضنت المظاهرات الرافضة للتنازل عن جزيرتي تيران وصنافير للسعودية، وفرض رجال الشرطة حالة أمنية قصوى بمحيط النقابة، واستكملت حالة القمع في 25 أبريل الماضي؛ حينما رفضت قوات الأمن السماح للصحفيين بالدخول إلى نقابتهم. ولهذا كان الاقتحام غير مقصود منه اعتقال صحفيين اثنين أكثر منه إهانة المجموع، بحوالي 40 عنصرا أمنيا مسلحا أثاروا الفوضى، واعتدى أحدهم على فرد أمن النقابة بلكمة في عينيه، كما دُفع فرد آخر عند محاولة منعهم من دخول النقابة، وألقوا القبض على الزميلين. عبد الغفار يهذي مبكرا في نهاية نوفمبر 2015، صرح وزير الداخلية فيما يخص الاعتداء على حملة الماجستير والدكتوراة بأن "حملة الماجستير" أصابوا أنفسهم لاتهام الشرطة!. وادعى وزير دخلية الانقلاب أن تعامله مع حملة الماجستير أثناء تظاهرهم بميدان التحرير "تم بشكل حضارى"، مضيفا "إننا ضبطنا بعضهم دون التعدى على أحد، والبعض أصاب نفسه وادعى أن الشرطة تعدت عليه لإثارة القلق". وكانت ميليشيات أمن الانقلاب قد تعدت بالضرب المبرح على حملة الماجستير والدكتوراة، خلال تنظيمهم تظاهرة في ميدان التحرير، أمس، للمطالبة بالتعيين أسوة بالدفعات السابقة، وأسفرت تلك الاعتداءات عن إصابة عدد من المتظاهرين واعتقال العشرات، بينهم منسق الحملة. لا اعتذار للمحامين ولم تكن نقابة الصحفيين، ذات المقرين، أول النقابات التي اعتدت عليها عناصر الشرطة، ففي 7 نوفمبر 2014، اعتدت الداخلية عمدا ومع سبق الإصرار على نقابة المحامين بالسويس، رغم قرار نقابة المحامين العامة ونقيبها سامح عاشور، بتعليق إضراب المحامين بالسويس– الذي رفضه المحامون- رغم التعدي على مبنى النقابة بمحكمة السويس، وما نتج عنه من إصابة 12 محاميا، وإتلاف منقولات بالنقابة، قُدِّر ثمنها بعشرات الآلاف من الجنيهات. حيث نقلت الوكالة الرسمية (أ ش أ) تصريحات عن اللواء طارق الجزار، مدير أمن السويس، قال فيها: "إن صفع محام ل"مجند" شرطة سبب أزمة المحامين"، مؤكدا "أن قوات الشرطة هى من تعرض أحد أبنائها للاعتداء، وأنه لن يعتذر للمحامين". من جانبهم، وصف محامو السويس المعتصمون، تصريحات مدير الأمن ب"الكاذبة والمضللة"، وأن اعتصامهم مستمر، وأعلنت بعض الأحزاب السياسية تضامنها مع نقابة المحامين بالسويس، بخصوص أزمتها مع الشرطة. وقال أحمد العدوي، عضو نقابة المحامين بالسويس: إن عددًا من النقابات الفرعية في محافظات مصر، أعلنت الثلاثاء، تعليق العمل بمحاكم محافظات "الدقهلية وطنطا وأسيوط"؛ تضامنًا مع المحامين بالسويس. غير أن هذا الجرح لم يندمل في النقابة، ففي 30 مارس الماضي، نقلت صحيفة الفجر وقفة المحامين وهم يرفعون لافتات "نقابة بلا كرامة" ضد سامح عاشور، في وقفة داخل "المحامين". ونظم عدد من المحامين وقفة احتجاجية صامتة داخل النقابة العامة للمحامين بوسط القاهرة؛ احتجاجا على ما وصفوه ب"اعتداء الداخلية المستمر على المحامين"، بعد عدة حوادث لاعتداء أمناء شرطة عليهم بالمحافظات، كان آخرها اعتداء أمين شرطة على محام بالشرقية، وإلقاء القبض عليه منذ عدة أيام. ورفع المحتجون لافتات عليها عبارات "كفاية خضوع كفاية سامح عاشور"، "المحامين خط أحمر"، "انتفاضة شباب المحامين من أجل الكرامة". هدوء في الأطباء وأسفر القصف الأمني والإعلامي للأطباء ومجلسهم وتهديدات السيسي لهم، عن امتصاص مطالبهم التي أعلنوها، في 13 فبراير الماضي، فلم يبق منها سوى وقف الاعتداء على الأطباء بالمستشفيات، فلم يُستدع وزير الداخلية أو يعتذر للأطباء، أو أقيل وزير الصحة، أو أحيل إلى لجنة التأديب بالنقابة بسبب موقفه المتخاذل تجاه الأطباء، أو حتى اعتذر السيسي لأحد، كما ذهب التهديد بالإضراب أدراج الرياح، ولا أمل في تحسن وضع الأطباء المالي، وباتت وقفة الأطباء ذكرى لصفحات التواصل الاجتماعي. وكان من أبرز مشاهد وقفة الأطباء حينها؛ رفع عدد من الأمهات صورًا لأبنائهم الذين قتلوا أثناء التعذيب في قسم المطرية، وهو ما أدي إلى غضب عدد من الأطباء، مؤكدين أن تلك الصور قد تدفع البعض إلى تكذيب دوافع وقفة الأطباء. مع الترحيب– بلا دوافع- بمشاركة خالد داود القيادى السابق في حزب الدستور، وكريمة الحفناوي الناشطة السياسية فى الجمعية العمومية للأطباء. وفي وسط وقفة الأطباء، تغاضى الأطباء عن خبر يفيد بإخلاء النيابة سبيل أمناء الشرطة المتهمين بالاعتداء على أطباء المطرية.