لم تفلح مسكنات العسكر في الخروج بالاقتصاد المصري من النفق المظلم في ظل الأداء الفاشل من القابعين على رأس المنظومة المالية في دولة الانقلاب والمتعلقة بالاعتماد على القروض والمعونات القادمة من بلاد الخليج وأذونات الخزانة من أجل سد احتياجات عاجلة وعلى رأسها رواتب العاملين في دولاب الدولة، لتبقي الأزمات حبيسة العجز الحكومي وعدم القدرة على التفكير خارج صندوق البيادة وعقلية ال50%. وأمام تلك الحالة المزرية للاقتصاد المنهار فى ظل فشل العسكر في حل المشكلات الآنية والمتعلقة نكسة السياحة والإيرادات السلبية لقناة السويس مع تثاقل ديون وفوائد التفريعة، في مقابل ارتفاع الدولار وتراجع الاحتياطي النقدي وانفجار الأسعار، بات عام 2016 ينذر بشتاء قارس على القطاع المالي في مصر وتفاقم الأزمات الاقتصادية على نحو غير مسبوق.
بنك فاروس للاستثمار كشف عبر مذكرة بحثية صدرت أواخر الشهر المنصرم، أنّ غالبية الشركات الكبرى العاملة في مصر، حددت سعر الدولار في ميزانيتها لعام 2016، بما يتراوح ما بين 9 و9.5 جنيهات مصرية، وقررت على إثر التقديرات أسعار منتجاتها وخدماتها للعام المقبل بناءً على توقعاتها هذه لسعر العملة الأجنبية، ما يُنذر ب"صدمة تضخمية".
وبحسب "ساسة بوست" أوضح هاني جنينة، رئيس قسم البحوث في شركة فاروس القابضة للاستثمارات المالية أن العوامل الدافعة لتحديد الشركات سعر صرف الدولار عند 9 جنيهات ونصف خلال العام الجديد، هى تراجع المصادر الأساسية المسؤولة عن توفير الودائع الدولارية بشكل مُستمر، مع ارتفاع قيمة الدولار مقابل العملات الأجنبية الأخرى، بالإضافة إلى حرص الشركات على استمراريتها في الأسواق العالمية والتنافسية، فضلًا عن تطبيق سياسات الصندوق والبنك الدوليين، كل هذه مثّلت محددات بالنسبة للشركات عند تحديدها هذه القيمة للدولار مقابل الجنيه.
وشدد جنينة على أن البنك المركزي، سيكون مضطرًا لرفع قيمة الدولار مقابل الجنيه، من أجل تشجيع التصدير والسياحة، في مقابل تقليص حجم الاستيراد، مستشهدًا في ذلك بتخفيض البنك المركزي سعر الجنيه، قبيل مؤتمر شرم الشيخ الاقتصادي، بدافع تشجيع الاستثمارات الأجنبية، ولإدارة سعر الصرف وفقًا للظروف الدولية الراهنة.
واعترف البنك المركزي أن الميزان التجاري سجل عجزًا بنحو 10 مليارات دولار، ليبقى عند نفس مستواه في الربع المقارن، مرجعا العجز إلى تأثر الصادرات والواردات المصرية بانخفاض الأسعار العالمية للبترول، وغيره من السلع الأساسية الأخرى.
وخلال الربع الأول العام المالي الجاري، تراجعت حصيلة الصادرات السلعية بنحو 26.5%، لتقتصر على نحو 4.6 مليارات دولار، بعد أن كانت عند حدود 6.3 مليارات دولار في الربع الأول من العام المالي الماضي، ويرجع سبب ذلك لانخفاض حصيلة صادرات البترول بنحو 1.2 مليار دولار، بسبب انخفاض أسعار النفط العالمية بأكثر من 51% خلال فترة المقارنة.
وكشفت بيانات هيئة قناة السويس أن إيرادات القناة تراجعت إلى 408.4 ملايين دولار في نوفمبر، بعد أن كانت 449.2 مليون دولار في أكتوبر 2015، لتسجل بذلك أدنى مستوياتها منذ فبراير الماضي، حين بلغت 382 مليون دولار، وهو ما يُفقد البلاد نحو 40.8 مليون دولار، على خلفية تراجع السفن المارة إلى 1401 سفينة في نوفمبر، بعد أن كان عددها 1500 سفينة في أكتوبر 2015.
التراجع الحاد والمرتقب في قيمة الجنيه خلال العام الجديد، ستنعكس –بحسب المراقبين وخبراء الاقتصاد- على الأسعار ومعدلات التضخم، خاصة بعدما كشفت تقديرات البنك الدولي أن مصر تنفق 24% من إجمالي الناتج المحلي على السلع والخدمات المستوردة،
وبهذا فإن جزءا كبيرا من السلع الاستهلاكية الموجودة داخل مصر مستوردة، ما يعني بالتبعية زيادة تكلفة الواردات بصورة كبيرة.
وتوقع الخبراء أن يقود المستورد بتعويض فارق العملة عبر رفع الأسعار من أجل الحفاظ على الحد الأدني من الأرباح، ما يعني أن فاتورة استيراد السلع والخدمات بالموازنة العامة للدولة، سترتفع بنحو اثنين إلى 2.5 مليار جنيه، ليصل إجمالي الفاتورة إلى 32 مليار جنيه، بالإضافة إلى تقليص المكاسب الناتجة عن انخفاض أسعار النفط بحوالي 5 مليارات جنيه، وكذا رفع معدلات التضخم لتتجاوز 12.5%، مع توقعات لوصولها إلى 13%.
ومع انتعاش السوق السوداء على خلفية أزمة العملة وعدم قدرة البنك المركزي على تحجيم التعاملات المالية عبر نافذة -ما اعتبره المراقبون- أقوى تنظيم مصرفي في مصر ، أكد مالك سلطان -خبير الاستثمار المُباشر- أن الصمود أمام شركات الصرافة بات أمرا صعبا، فى ظل تنامي التعامل معه من قبل المواطنين بمختلف طبقاتهم.
واعتبر سلطان أن البنك المركزي توقف عن فكرة القضاء التام على السوق السوداء، في مُقابل الاتجاه نحو "التلاعب به" مُرجحًا أن يكون السبب في ذلك أن "المركزي" ربما لا يستطيع القضاء على السوق السوداء باستخدام قوة الشرطة، لكنه في المقابل، قد يكون قادرًا على أن يجعلها تعمل لصالحه.
واعتبر التقرير أن من أهم الأزمات التي تحاصر الاقتصاد، يتمثل في تراجع نسب تحويلات المصريين في الخارج الدولارية من 75% ما بين 2003 إلى 2010، إلى نحو 5% فقط في السنوات القليلة الماضية ما يعكس عدم الثقة في النظام العسكري الحاكم، الأمر الذي انعمس بطبيعة الحال على سعر الدولار، ما ينذر بمحصلة صفرية في معادلة الاقتصاد المنهار يدفع ضريبتها في القريب العاجل المواطن المنكوب.