مدير تعليم الفيوم يُعلن نتيجة مسابقة 100معلم مُتمكن مُبدع 2 على مستوى المحافظة    البيت الفني للمسرح ينعى الفنان لطفي لبيب    "مدبولي": مصر تكبدت خسائر كثيرة منذ بدء الأزمة في قطاع غزة    الكونغ فو يحصد 12 ميدالية ويتوج بالكأس العام بدورة الألعاب الأفريقية للمدارس    بنتايج يعود للتدريبات الجماعية مع الزمالك    المتهم بارتكاب أفعال فاضحه لجارته بالبساتين ينفي الواقعة    تأجيل دعوى عفاف شعيب ضد المخرج محمد سامي بتهمة السب والقذف    "التعليم" تنفي شائعة تغيير إجابات البابل شيت: تصحيح الثانوية العامة إلكتروني صارم    ضربتها لتقويمها..إنتحار طفلة بالفيوم بالحبة السوداء.. والأم تتهم الجدة بتعذيبها    "أنا الذي".. طرح ثالث أغاني الكينج محمد منير مع "روتانا" على "يوتيوب" (فيديو)    في شهرين فقط.. تامر حسني يجني 99 مليون مشاهدة بكليب "ملكة جمال الكون"    إلغاء ندوتي تكريم محيي إسماعيل وأشرف عبد الباقي بالمهرجان القومي المسرح    "الصحة" تنفي زيادة مساهمة المريض في تكلفة الأدوية بالتأمين الصحي    مستوطنون يقاطعون كلمة سموتريتش ويطالبون بإقالته    وزير الخارجية: مفاوضات غزة جارية.. وبعض المسائل تتطلب جدية وإرادة سياسية من إسرائيل    مقتل 3 جنود جراء إصابة صاروخ روسي موقع تدريب للجيش الأوكراني    محافظ المنيا يتابع نوادي تحسين القراءة والكتابة ويدعم مبادرات التعليم الآمن    اجتماع موسع بشركة الصرف الصحي بالإسكندرية استعدادا لموسم الأمطار    مصر تفتح أبوابها للاستثمار الخليجي: تفاوض نشط وحوافز غير مسبوقة لتعزيز الشراكة الاقتصادية    عاجل.. تشكيل النصر الرسمي لمواجهة تولوز وديا    ناجلسمان: تير شتيجن سيظل الحارس الأول للمنتخب الألماني    وزارة الثقافة تعلن تسجيل مصر مبنى متحف الخزف الإسلامي في سجل التراث المعماري والعمراني العربي    مصر تواجه تونس في ختام الاستعدادات لبطولة العالم لكرة اليد تحت 19 عامًا    رئيس جامعة المنيا يحفّز الأطقم الطبية قبيل زيارة لجان اعتماد مستشفيي الكبد والرمد الجامعيين    ركود السوق يهبط بأسعار الأجهزة الكهربائية 35%.. والشعبة: لا تشترِ إلا عند الحاجة    أهمية دور الشباب بالعمل التطوعي في ندوة بالعريش    برواتب تصل ل50 ألف جنيه.. فرص عمل في البوسنة والهرسك ومقدونيا الشمالية    توقعات الأبراج في شهر أغسطس 2025.. على برج الثور الاهتمام بالعائلة وللسرطان التعبير عن المشاعر    محافظ المنوفية تنهي استعداداتها لانتخابات مجلس الشيوخ 2025 ب 469 لجنه انتخابية    ترامب: الهند ستدفع تعريفة جمركية بنسبة 25% اعتبارًا من أول أغسطس    التحقيق مع صانعة محتوى شهرت بفنانة واتهمتها بالإتجار بالبشر    سباحة - الجوادي يحقق ذهبية سباق 800 متر حرة ببطولة العالم    حركة فتح: إعلان نيويورك إنجاز دبلوماسى كبير وانتصار للحق الفلسطينى    زياد الرحباني... الابن السري لسيد درويش    أحمد درويش: الفوز بجائزة النيل هو تتويج لجهود 60 عاما من العمل والعطاء    التنسيقية تعقد صالونًا نقاشيًا حول أغلبية التأثير بالفصل التشريعي الأول بمجلس الشيوخ    تغطية الطرح العام ل "الوطنية للطباعة" 8.92 مرة في ثالث أيام الاكتتاب    جامعة بنها الأهلية تختتم المدرسة الصيفية لجامعة نانجينج للطب الصيني    مصنعو الشوكولاتة الأمريكيون في "ورطة" بسبب رسوم ترامب الجمركية    ختام موسم توريد القمح في محافظة البحيرة بزيادة 29.5% عن العام الماضي    "زراعة الشيوخ": تعديل قانون التعاونيات الزراعية يساعد المزارعين على مواجهة التحديات    ضبط 30 كجم مخدرات وتنفيذ 609 أحكام في دمياط وأسوان    النيابة العامة: الإتجار بالبشر جريمة تتعارض مع المبادئ الإنسانية والقيم الدينية    الرعاية الصحية تعلن تقديم أكثر من 2000 زيارة منزلية ناجحة    محافظ أسوان يوجه بالانتهاء من تجهيز مبني الغسيل الكلوي الجديد بمستشفى كوم أمبو    انكسار الموجة الحارة.. الأرصاد تكشف حالة الطقس ودرجات الحرارة المتوقعة    ما حكم كشف وجه الميت لتقبيله وتوديعه.. وهل يصح ذلك بعد التكفين؟.. الإفتاء تجيب    أبو مسلم: جراديشار "مش نافع" ولن يعوض رحيل وسام ابو علي.. وديانج يمتلك عرضين    علي جمعة يكشف عن حقيقة إيمانية مهمة وكيف نحولها إلى منهج حياة    هل التفاوت بين المساجد في وقت ما بين الأذان والإقامة فيه مخالفة شرعية؟.. أمين الفتوى يجيب    ما معنى (ورابطوا) في قوله تعالى (يا أيها الذين آمنوا اصبروا وصابروا ورابطوا)؟.. عالم أزهري يوضح    ملك المغرب يؤكد استعداد بلاده لحوار صريح وأخوي مع الجزائر حول القضايا العالقة بين البلدين    ترامب يكشف عن تأثير صور مجاعة قطاع غزة على ميلانيا    استراتيجية الفوضى المعلوماتية.. مخطط إخواني لضرب استقرار مصر واستهداف مؤسسات الدولة    33 لاعبا فى معسكر منتخب 20 سنة استعدادا لكأس العالم    وفري في الميزانية، طريقة عمل الآيس كوفي في البيت زي الكافيهات    فلكيًا.. موعد بداية شهر رمضان 1447-2026    رسميًا.. جدول صرف مرتبات شهر أغسطس 2025 بعد تصريحات وزارة المالية (تفاصيل)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الشكاوى الكيدية "محرقة" العدالة

قانونيون: تعتمد تلفيق التهم لتصفية الحسابات والتغطية على جرائم كبيرة
أحمد رفعت: كانت وسيلة النظام البائد لتشويه المعارضة.. وعددها يفوق القضاة
الشكاوى الكيدية واحدة من أبرز الظواهر السلبية التى انتشرت فى مجتمعنا بصورة كبيرة، وهى إحدى الوسائل التى تستخدم فى إلحاق الضرر بالآخرين عن عمد وبغير وجه حق، وغالبا ما يكون دوافعها هو الحقد والضغينة والرغبة فى الانتقام وتشويه السمعة، وقد ساهم فى انتشارها فساد بعض الذمم وغياب القيم الدينية والأخلاقية، فضلا على قصور التشريعات القانونية المناهضة لها؛ حيث لا يوجد نص قانونى يجرمها، بل أصبحت هى ذاتها عبئا على القانون لما تسببه من تعطيل للعدالة؛ حيث ساهم زخم هذه القضايا فى تعطيل رجال الشرطة والقضاء عن النظر فى قضايا أخرى أكثر أهمية.
فى الآونة الأخيرة، لا سيما بعد الثورة، اصطبغت هذه الشكاوى الكيدية بالصبغة السياسية، بعد أن أصبحت إحدى الوسائل التى يستخدمها بعض السياسيين، خاصة فى أوقات الانتخابات والترشيحات للمناصب السياسية والقيادية للتنكيل بالخصوم والنيل منهم. وتلقت النيابة العامة فى أعقاب الثورة أعدادا كبيرة من الشكاوى الكيدية ضد شخصيات عامة، كان أغلب تلك الشكاوى بلا دليل ولا سند وتعتمد فقط على الرغبة فى تصفية حسابات.
التنكيل والانتقام
يقول الدكتور أحمد رفعت -عميد كلية الحقوق جامعة القاهرة-: إن إقامة الدعاوى والشكاوى الكيدية أصبحت ضمن اهتمامات المصريين؛ حيث تنوعت ما بين الرغبة فى التنكيل بالآخر والانتقام منه من خلال تلفيق التهم بغير وجه حق، كما أصبحت وسيلة من وسائل الابتزاز التى يستغلها البعض من خلال الضغط على المشكو فى حقه وابتزازه مقابل التنازل عن الشكوى والمصالحة، وفى أحيان أخرى يكون رفع هذه الشكوى بهدف إطالة مدة التقاضى أمام المحاكم، مشيرا إلى أن هناك بعض الأفراد فى المجتمع ممن يطلق عليهم النخبة يقومون باستئجار أفراد آخرين ليقوموا برفع شكاوى كيدية ضد خصومهم السياسيين دون أن يظهروا هم فى الصورة لأسباب شخصية.
ويضيف رفعت أن الشكاوى الكيدية أصبحت من بين العوامل التى تؤثر على استقرار المجتمع وأمن أفراده، ومن ثم لا بد من وضع الضوابط القانونية التى تضمن الردع لكل من يقترف هذا الجُرم، لافتا إلى أن الشكاوى الكيدية تندرج ضمن جريمة البلاغ الكاذب والمعاقب عليها بموجب نص المادة (305) من قانون العقوبات وتصل عقوبتها إلى الحبس سنة وغرامة لا تقل عن ألفين وخمسمائة جنيه، ولا تزيد على سبعة آلاف وخمسمائة جنيه، لكن هذه القوانين لا تفعّل بالصورة التى تجعلها رادعة لمن يرتكب هذه الجريمة، ومن ثم تظل المشكلة قائمة والآثار المترتبة عليها قائمة أيضا.
ويرى عميد كلية حقوق القاهرة، أن الشكاوى الكيدية تمثل واحدة من أهم العوامل المعطلة لمرفق العدالة وعبئا على جهاز الشرطة من خلال نظر هذا الكم الهائل من الشكاوى، مما يستنزف الوقت والجهد الذى كان من الأولى استغلاله فى قضايا أكثر أهمية؛ كملاحقة المفسدين والمجرمين وتجار السلاح والمخدرات وغيرهم ممن يشكلون تهديدا للأمن العام.
محضر صورى
ويرى المحامى أسامة صدقى -رئيس اتحاد "محامين بلا حدود"- أن انتشار ظاهرة الشكاوى الكيدية بهذه الصورة فى المجتمع ترجع أسبابه إلى تدنى المستوى القيمى والأخلاقى للمجتمع، فضلا على البعد السياسى الذى يعد العامل الأكثر أهمية فى هذا الشأن؛ حيث ابتليت مصر منذ ثورة يوليو برؤساء وقادة كانوا يلجئون إلى مثل هذه المكائد والحيل للتنكيل بخصومهم وإقصائهم سياسيا من خلال تلفيق التهم لهم بشكل كيدى زورا وبهتانا، ومن ثم كانوا هم القدوة التى اقتدى بها كل فاسد ومستبد، حتى أصبحت هذه الشكاوى الكيدية سلوكا تمارسه العامة دون أن تؤرقهم ضمائرهم وأخلاقهم.
ويضيف صدقى أنه فى عهد عبد الناصر تم تحرير شكاوى كيدية وما تحويه من تلفيق تهم للعديد من الرموز الوطنية والتى تم بمقتضاها إصدار أحكام وصلت فى بعض الحالات إلى حد الإعدام، كما هو الحال بالنسبة للدكتور عبد القادر عودة ومحمد فرغلى والشهيد سيد قطب؛ حيث كان التفاف المواطنين حول هذه الرموز يؤرق القيادة السياسية التى كانت تدبر لهم المكائد فى شكل قانونى من أجل الإطاحة بهم، وزاد الأمر سوءا فى عهد مبارك؛ حيث توسعت دائرة الشكاوى الكيدية ذات المرجعية السياسية، وكان يتم تحرير الشكاوى واستدعاء المشكو بحقهم لعمل محضر بالشكوى، لكنه يكون محضرا صوريا؛ حيث تكون الأسئلة والإجابات معدة سلفا، وأشهر الشواهد على ذلك إحدى الشكاوى الكيدية التى حررت ضد بعض الطلاب المنتمين للتيار الإسلامى فى القضية التى عرفت ب(خلية الزيتون)؛ حيث تم استدعاء هؤلاء الطلاب من خلال إحدى الشكاوى الكيدية، التى سرعان ما تطورت إلى أن أصبحت قضية إرهابية تنظيمية، وكان ضابط أمن الدولة أثناء المحضر يلقى الأسئلة ويجيب فى وقت واحد على مرأى ومسمع من محامى المتهمين، وعلى غرار هذا الأمر هناك الكثير من القضايا؛ فقد اتخذ النظام البائد من الشكاوى الكيدية وسيلة وأداة لتشويه المعارضة والتنكيل بها.
أعباء على الأمن
من جهته يرى مقدم الشرطة (أ. ف) أن للمواطن دورا حيويا وفعالا فى استعادة الأمن، الذى يعد أهم مطالبه، وذلك من خلال إعطاء رجال الشرطة الفرصة كاملة والتفرغ لملاحقة المجرمين والخارجين على القانون، والهاربين من السجون، فضلا على تجار السلاح؛ حيث إن التحديات رهيبة وتحتاج إلى أن يكون العمل مستمرا كل لحظة دون انقطاع.. وللأسف مثل هذه الشكاوى تمثل واحدة من المعوقات أمام تحقيق ذلك الهدف من خلال تحرير مئات وأحيانا الآلاف من الشكاوى كل يوم، الذى يكون من بين كل اثنتين من الشكاوى واحدة كيدية لا أساس لها من الصحة.
ويضيف أنه ليس أمام ضباط الشرطة سوى أداء دورهم من خلال اتخاذ الإجراءات اللازمة والتى تعطل عملهم بشكل كبير، فضلا على الإرهاق البدنى والذهنى الذى يصيبهم، ومن يمثل الحد من الشكاوى الكيدية واحدة من الوسائل المعينة على استعادة الأمن، وهذا الأمر لن يتحقق إلا بثلاثة أمور؛ أولها وعى المواطن بمدى سلبية هذا التصرف، الذى يتم فيه اتهام الناس بالباطل ودون وجه حق من خلال التوعية الدينية؛ حيث إن الوازع الدينى هو الرادع الأكثر فاعلية فى هذا الأمر.
كما أنه لا بد أن يكون هناك طرق سلمية للتصالح بين المتشاحنين لتخفيف العبء على جهاز الشرطة مثل اللجوء لكبير العائلة أو ما شابه ذلك. أما الأمر الثالث؛ لا بد من وضع عقوبة رادعة لكل من يقدم شكوى، ويتم التأكد من أنها كيدية من خلال حبسه وإلزامه بدفع غرامة ويتم تطبيقها فعليا، ولا يتم التحايل على القانون كما هو الأمر فى عقوبة البلاغ الكاذب.
إغراق المحاكم
بدوره، أكد د. أحمد كمال -أستاذ القانون الجنائى بالمركز القومى للبحوث الاجتماعية والجنائية- أن المحاكم تغرق كل يوم فى سيل عارم لقضايا العنف المجتمعى، وتحظى القضايا بين الجيران والأزواج والأشقاء والشركاء فيها بالحظ الأوفر، وتتنوع هذه الشكاوى ما بين الاعتداء على الملكية أو الاعتداء بالضرب ونهب الأموال أو السرقة، كلها يكون الداعى لها حالة من الحقد والضغينة ورغبة فى الانتقام، ومن ثم كل شكوى وراءها قصة تسبب غياب العدالة الاجتماعية والتى فقدها المواطنون على مدار سنوات عديدة مضت، ومن ثم فإن علاج هذه المشكلة قبل أن يحتاج تفعيل قوانين وتشديد عقوبات فإنه يحتاج إلى إصلاح واقع مرير تسبب فى إيجاد هذا الكم الهائل من الأحقاد بين أفراد المجتمع كانت الشكاوى الكيدية أحد صوره، ولعلها الأقل أثرا إذا ما قورنت بكم جرائم العنف المجتمعى التى تصل فى أحيان كثيرة للقتل المتعمد على أتفه الأسباب.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.