تبدأ اليوم محكمة جنايات القاهرة، برئاسة المستشار أحمد رفعت، أولى جلسات مرافعة دفاع الرئيس المخلوع حسنى مبارك ونجليه علاء وجمال فى قضية قتل الثوار والفساد المالى، والتى من المقرر أن تستمر فى جلسات متعاقبة حتى يوم الأحد المقبل 22 يناير فى ظل إجراءات أمنية مشددة. وقال المستشار ياسر بحر، عضو هيئة الدفاع عن الرئيس المخلوع ونجليه، إنهم سيدفعون بعدم وجود دليل إدانة واحد يثبت إصدار مبارك أمرا بقتل المتظاهرين أو استخدام الذخيرة الحية، استنادا إلى شهادة الشهود وعلى رأسهم المشير حسين طنطاوى، رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة، واللواء عمر سليمان، نائب رئيس الجمهورية السابق، واللواء منصور العيسوى، وزير الداخلية السابق، واللواء محمود وجدى، وزير الداخلية الأسبق، والتى أكدوا فيها جميعا عدم إصدار مبارك أمرا بإطلاق النار على المتظاهرين.
وقال بحر ل«الشروق» إن المحكمة وجهت سؤالا مشتركا لكل الشهود السابقين نص على «هل تستطيع أن تحدد على سبيل الجزم واليقين أن المتهم الأول حسنى مبارك أصدر أمرا بقتل المتظاهرين أو استخدام ذخيرة حية؟» فأجاب الجميع بالنفى ومن ثم تنتفى جريمة الاشتراك فى قتل المتظاهرين، على حد قول بحر.
وأضاف محامى الرئيس السابق أنه سيتم تقديم مستندات جديدة فى قضايا قتل المتظاهرين والتربح والرشوة، كما سيتم الدفع بانقضاء الدعوى الجنائية بمضى المدة فى قضايا الرشوة بخصوص واقعة بيع فيللات شرم الشيخ لأنه مر أكثر من 10 سنوات على الواقعة محل الاتهام، حيث إن النيابة العامة حركت الدعوى الجنائية فى 2011 بينما تم تحرير عقد بيع الفيللات فى التسعينيات من القرن الماضى، ولفت بحر إلى أن المتهم الأول كان موظفا عاما له اعتبارات معينة فى التقادم ينص عليه فى الباب الثامن من القسم الثانى من قانون العقوبات والتى تقرر انقضاء الدعوى الجنائية بمرور 10 أعوام.
وكشف بحر عن أن التهمة الموجهة لكل من نجلى الرئيس السابق علاء وجمال مبارك من قبل النيابة العامة هى جنحة وليست جناية، وبالتالى فإن العقوبة المتوقعة لهما تتراوح ما بين سنة إلى 3 سنوات، وقال: «بالنسبة للتهم الموجهة لعلاء وجمال مبارك إن صحت رغم ضعف أدلتها فقد سقطت بمضى المدة بالتقادم أى تنقضى فيها الدعوى الجنائية وهذا دفع من النظام العام بخصوص شراء الفيللات وتحريك الدعوى الجنائية فى 2011 حيث تنقضى بمضى 10 سنوات فى الجناية، و3 سنوات فقط فى الجنحة، وسنة واحدة فقط فى المخالفة.
أدلة جديدة تقود العادلى ورجاله إلى (المشنقة)
شاهد من أمن الدولة: العادلى أمر حراسه بفتح النار على المتظاهرين فى الطريق إلى مكتبه
جانب من مواجهات الشرطة مع المتظاهرين خلال أحداث 25 يناير تصوير:محمد الميموني
حصلت «الشروق» على أوراق لم تنشر من قبل من دفاتر تسليح الأمن المركزى، فى ملف قضية قتل المتظاهرين المتهم فيها الرئيس المخلوع ووزير داخليته حبيب العادلى و6 من كبار مساعديه، والتى من المقرر أن تستمع المحكمة فيها برئاسة المستشار أحمد رفعت، إلى أولى جلسات مرافعة دفاع مبارك ونجليه غدا الثلاثاء. وكشفت المستندات عن صدور أوامر من اللواء أحمد رمزى، مساعد وزير الداخلية الأسبق لقطاع الأمن المركزى، وأحد المتهمين فى القضية،بإمداد القوات بالذخيرة الاحتياطية من مخازن رئاسة القوات بطريق مصر السويس، بعد أن أوشكت ذخيرتهم على النفاد، كما تبين عودة الجنود بدون ذخيرة بعدما تم إطلاقها على المتظاهرين يوم جمعة الغضب فى عدد من الميادين.
كما كشفت شهادة مخبر سرى من مباحث أمن الدولة، ويدعى خالد عبدالله سالم النجار، صدور أوامر من اللواء حبيب العادلى، وزير الداخلية الأسبق، لأفراد حراسته الخاصة بإطلاق النار على المتظاهرين الموجودين أمام مبنى وزارة الداخلية، وكذلك من كانوا يطلون من شرفات منازلهم، وحتى مكتبه فى مقر مباحث أمن الدولة بمدينة نصر، ولفت الشاهد إلى أن طاقم الحراسة «كان يرتدى زيا بلون زيتى غامق، وآخرون باللون الأسود الميرى».
وتبين من المستندات استخراج احتياطى الأسلحة من مخازن الأمن المركزى الذى تبلغ قواته أكثر من 140 الف جندى، وهو ما يعنى نفاد الأسلحة التى استخدمت، وجاء ضمن الملف رقم 98 فى الصفحتين 53 و54 من دفتر يومية أحوال الأمن المركزى يوم جمعة الغضب 28 يناير الماضى (مسلسل 120 ح) ما يلى: «كتعليمات السيد اللواء مساعد الوزير، رئيس القوات، يتم خروج جميع الذخيرة الاحتياطية للقوات بالخارج، وعليه تم إخطار كل من نقيب محمود هنداوى، منطقة سيناء، نقيب أحمد زغلول، منطقة القناة، نقيب كريم حمدى، منطقة شرق الدلتا لتنفيذ تعليمات السيد اللواء مساعد الوزير رئيس القوات»، بينما جاء فى الصفحة رقم 98 تعليمات بإخطار كل من نقيب إيهاب السيسى، منطقة القاهرة، نقيب مصطفى، العمليات الخاصة، نقيب إسلام المناخلى، منطقة الجيزة، نقيب محمد علوى، منطقة حلوان، بسرعة خروج مأموريات لتسلم ذخيرة من مخازن رئاسة القوات بطريق مصر السويس».
وجاء فى الصفحة 120 «تعليمات بتعزيز كافة الخدمات الخارجية بالسلاح الآلى والخرطوش».
واحتوت الصفحة 105 من ذات الملف على «أخطر السيد المقدم هانى رزق، وأفاد سيادته بأنه جارٍ تحرك السيد رئيس الجمهورية من المقر بالعروبة إلى الاتحادية فى الساعة الرابعة و20 دقيقة يوم الجمعة».
وتضمن الملف 99 بالقضية، تسليح وتذخير القوات بأسلحة آلبية وطلقات تبدأ من 50 إلى 500 طلقة، حيث تبين من محضر اطلاع النيابة العامة على دفاتر السلاح الثابت بها أن كتيبة الدعم يوم 26 يناير 2011 تم تسليحها بسلاح خرطوش و100 طلقة خرطوش، وتذخير قطاع أحمد شوقى بالسلاح الآلى وسلح خرطوش و50 طلقة خرطوش و50 طلقة مطاطى، بينما تم تسليح قطاع المرج بأسلحة آلية و100 طلقة نارية لكل مجند و25 طلقة رش بالإضافة إلى رشاش هيكلر.
وفى قطاع البساتين كشف الرقيب عبدالحميد راشد أنه يوم 28 يناير تم تسليح القوات بأسلحة آلية و500 ذخيرة حية لكل مجند، وهو ما يكشف أنه تم تفريغ الدفاتر فى 19 صفحة ملغمة بالأسلحة الالية والذخيرة الحية والرشاشات والخرطوش والمطاطاى فى مواجهة المظاهرات السلمية وصدور الثوار»، كما تبين من الملف رقم 109 تذخير الجنود بالأسلحة النارية الأولى والخرطوش والذخيرة الحية، وذلك الضباط والمتضمن فى العديد من بنوده، وكذلك إثبات عودة الجنود بلا ذخيرة وهو ما يعنى أن الذخيرة تم إطلاقها فى الميادين.
وقال المحامى مجدى راشد، وكيل عن المدعى بالحق المدنى، سمير أحمد الصاوى، أن هذه المستندات «تعد دليلا مباشرا للعادلى ومساعديه، بينما تعد فى الوقت نفسه دليلا غير مباشر على إدانة الرئيس المخلوع الذى لم يأمر بوقف إطلاق النار على المتظاهرين، والذى اعترف فى التحقيقات فى الصفحة الخامسة من الملف رقم 54 بأنه علم بإطلاق النار من الشرطة على المتظاهرين فى المظاهرات السلمية، ولم يصدر قرار منع إطلاق النار، وسألته النيابة: لماذا لم تتخذ سلطاتك لوقف العنف مع المتظاهرين؟» فأجاب الرئيس المخلوع «المسألة كانت فوضى، والطرفين بيضربوا فى بعض وما حدش كان هيسأل فىّ ولا فى قراراتى».
هكذا تحدث محامى المخلوع عن نظام مبارك
الديب 2005: النظام يمتلك أدوات البطش والإيذاء والانتقام السياسى الغادر.. وليس لديه أسهل من تلفيق الاتهامات
فريد الدين أثناء الجلسة الأولي من المحاكمة
فى الوقت الذى يبدأ فيه فريد الديب، محامى الرئيس المخلوع حسنى مبارك ونجليه، أولى جلسات مرافعته أمام محكمة جنايات القاهرة لنفى تهمة إصدار أمر بقتل المتظاهرين، تنشر «الشروق» من نص مرافعته التى قدمها لمحكمة الجنايات عام 2005 خلال دفاعه عن أيمن نور رئيس حزب الغد، المتهم و6 آخرون بتزوير توكيلات الحزب، والتى اتهم فيها نظام مبارك بالانتقام السياسى الغادر لخصومه السياسيين عبر أدوات البطش والإيذاء. وبعد مرور سنوات ست جاء الديب ليترافع عن مبارك المتهم بقتل المتظاهرين ليصفه بأنه فارس سقط من على جواده ليصبح من يسمع دفاع الديب فى حيرة، فمتى كان صادقا ومتى جاء بالكذب فى حديثه عن مبارك؟
استهل الديب مرافعته بمقدمة قال فيها: عندما دعيت للدفاع عن الدكتور أيمن نور فى هذه القضية، خطر لى خاطر استوقفنى، إذ قلت فى نفسى: إن القضية تفوح منها رائحة الانتقام السياسى، وينبئ شكلها عن استخدام السلطة لأجهزتها التنفيذية فى الإجهاز على خصم سياسى نشط عنيد، وأنا لا أنتمى إلى أى حزب سياسى من التى يزدحم بها المسرح السياسى فى البلاد، وأحرص على الاستقلال عن جميع الأحزاب، ووقوفى للدفاع عن هذا الشاب النشط، ربما يجلب على النقمة من كارهيه المتربصين به، الذين تتوافر لديهم ماكينات البطش والإيذاء، وربما يوجهون سهامهم الغادرة إلىّ، بدلاً من غريمهم، مستبدلين إياى به، فأجد نفسى عما قريب فى نفس القفص، وليس أسهل من تلفيق التهم، وتدبير شهود الزور، لكننى ما أن تصفحت أوراق القضية مجرد تصفح حتى هالنى الظلم والتلفيق، فطردت من أعماق نفسى ذلك الوسواس الخناس، وهانت عندى العواقب، فأعلنت موافقتى وترحيبى بأن أكون ضمن المدافعين عن الرجل. شعرت بعظم المسئولية التى اتحملها أمام ضميرى وأمام الله والناس، ما كنت لأتقدم إلى تحملها لولا ثقتى بعدل القضاء واستقلاله.
وخاطب الديب المحكمة قائلا «القضاء العادل المستقل هو الذى حكم بإلغاء قرارات مذبحة القضاء التى صدرت فى الواحد والثلاثين من أغسطس سنة 1969 لعزل 128 رجلاً من رجال القضاء من وظائفهم القضائية، وكنت أنا من بينهم، لم نرتكب جرماً، وإنما قلنا قولة حق عند حاكم ظالم فأحال الدنيا حولنا إلى ظلام انطلق الزبانية لإخفاء السبب الحقيقى للمذبحة فراحوا يروجون بأنه تم تطهير القضاء من عناصر ما سموه «الثورة المضادة» لكننا لم نخف ولم نفزع استمر نضالنا حتى انجلى الظلام، واليوم، وقد تجاوزت الستين بسنوات.. أشعر بأننى لم أكمل رسالتى بعد، طالما أن أيمن نور مهدد بالسجن، لن أهدأ ولن يغمض لى جفن حتى أثبت لحضراتكم وللأمة كلها براءته مما يلصقونه به.. وليس هناك من دافع لدى سوى أننى اقتنعت تماماً ببراءته، وبأن القضية برمتها ما هى إلا حلقة من حلقات الكيد للمعارضين السياسيين والتنكيل بهم.
وقدم فريد الديب فى مرافعته ملاحظات على طريق إثبات التلفيق وطمس أدلته، فقال: قبل أن نتحدث عن دوافع التلفيق نؤكد أن الرئيس حسنى مبارك رئيس الجمهورية رئيس الحزب الوطنى بعيد تمام البعد عن التلفيق الذى سنتحدث عنه ولا علم لسيادته به ومن رابع المستحيلات أن يكون قد وافق عليه، وإنما التلفيق من الذين ينصبون أنفسهم أوصياء على الأمة أياً كانت مراكزهم أو مواقعهم فى السلطة، ولكى نتعرف على دوافع التلفيق فى قضيتنا لابد أن نقرأ ما كتبه العالم الكبير الدكتور جمال حمدان فى كتابه «شخصية مصر» الجزء الأول صفحة 29 حيث يقول: «والقاعدة تقريباً عند كل حاكم أننا بزعمه نعيش دائماً فى عصره أروع وأمجد فترة فى تاريخنا، وحياتنا بلا استثناء، كل عصر عند صاحبه هو، وهو وحده، عصر مصر الذهبى، تلك نغمة أزلية وبضاعة مزجاة يكررها كل حاكم منذ الفراعنة فى نقوشهم وسجلاتهم الهيروغليفية على جدران الآثار حتى اليوم فى أبواق الدعاية ووسائل الإعلام العميلة التى لا تتحرج ولا تخجل».
وتابع الديب: ولأن الحاكم، بالنظرية أو بالتطبيق، بالوراثة أو بالممارسة، يتوهم مصر دائماً ملكاً له، ضيعته أو قريته الكبرى، هو الدولة وهو الوطن، والولاء للوطن هو وحده الولاء للنظام، فإنه يعتبر أن كل نقد موجه لمصر إنما هو موجه إليه شخصياً، وبالتالى فهو خيانة وطنية، خيانة عظمى. باختصار، النظام أو الحاكم هو بالضرورة والواقع العدو الطبيعى لناقد مصر الموضوعى أياً كان، والغالب أنه يتخذ من المفكر الناقد لمصر (صبى الضرب) التقليدى وكبش الفداء الدورى على مذبح الشعبية الرخيصة ومداهنة الشعب وإرهابه أيضاً».
وأكد الديب أن أيمن نور لم يستوعب دروس التاريخ المصرى منذ الفراعنة، فصدق حكاية الحوار الوطنى، ونشط حزبه بجدية وصراحة شديدة، ونسى فضل الحزب الوطنى فى الموافقة على تأسيس حزب الغد فى 27/10/2004، إذ لم يكد يمضى شهران إلا وظهرت قوة حزب الغد وشدة بأسه فى المعارضة وطرح الأفكار الجريئة التى لا تنظر إليها السلطة إلا على أنها تطاول وقلة أدب تستوجب التأديب والتهذيب والإصلاح وهى كلمات تعنى فى محصلتها النهائية كلمة واحدة هى «التلفيق». وللتلفيق أصول لإخفاء الغرض الحقيقى أى يجب أن يكون التلفيق منصباً على تهمة جنائية حتى تتنصل السلطة من هذا العمل القبيح الذى يشجبه الناس والعالم أجمع.
وتابع الديب أن حزب الغد يرمى إلى إصلاح جدّى فى منتهى الجرأة، مما أنذر بأن الحزب الوليد الذى لم يمض على تأسيسه سوى شهرين سيكون شوكة فى حلق من يسعون إلى أن يكون الحوار مجرد كلام فى كلام، فتم البدء فى مخطط التلفيق والإطاحة بأيمن نور وتفجير الحزب من الداخل، فكان أن تحرر محضر التحريات المؤرخ فى 17/1/2005 بمعرفة المقدم عادل ياسين مخيمر، وأصبح مخطط الإطاحة جاهزاً.