18 يوما في ميدان التحرير عاشها الثوار بمختلف تياراتهم لإسقاط الدكتاتور وحكمه الفاسد نجحوا عقبها في إجبار مبارك على التنحي عن منصبه، إلا أنها لم تفلح في القضاء على دولته العميقة التي عادت أدراجها مع انقلاب العسكر في 3 يوليو 2013. والآن 18 شهرا مرت منذ هذا الانقلاب الإجرامي والثوار منذ ذلك الحين يتترسون بكافة ميادين الثورة في النجوع والكفور والحواري والأزقة لا يغادرونها ولا يبرحونها، ولسان حالهم يقول 18 يوما قد تكون كافية لإسقاط دكتاتور فاسد بينما إسقاط نظامه يحتاج إلى المزيد.
18 شهرا مرت على الانقلاب سطر خلالها الثوار ملحمة بطولية بكل الأعراف داخليا وخارجيا، رغم حملات القمع والقتل والسحل والتشويه والاعتقالات والمداهمات والخطف، ورفضوا التسليم أو ترك السلطة لقمة سائغة لقائد الانقلاب وعصابته التي احترفت التزييف والتزوير، وتنامي الحراك في الشارع متنقلا بثبات وثقة من ميدان إلى آخر ومن مدينة إلى محافظة، مع اكتساب أنصار جدد في كل يوم ممن زالت عنهم غشاوة الانقلاب واكتوى بنار العسكر وشعر بزيف مزاعمه وأكاذيب وعوده.
18 شهرا دفع خلالها الثوار ثمن الحرية باهظا من دماء الآلاف من الشباب في رمسيس والحرس الجمهوري والمنصة ورابعة العدوية والنهضة ورمسيس الثانية، واقتحام المدن والبيوت وترويع الأطفال في كرداسة وناهيا والميمون ودلجا، وخطف أول رئيس منتخب الدكتور محمد مرسي، واعتقال عشرات الآلاف من الثوار الصامدين في الميادين.
18 شهرا قدم خلالها الطلاب في كافة المراحل العمرية، وفي الجامعات على وجه الخصوص، تضحيات بطولية وملاحم نضالية أرهقت العسكر وزبانيته ومليشياته ومرتزقته من فالكون وأشباهها، غير عابئين بقرارات الفصل والإبعاد والطرد، مؤمنين بأن مستقبلهم العلمي لن يكون ذا قيمة في بلد بلا مستقبل سياسي أو اقتصادي أو اجتماعي، ويسيطر عليه الجهلة والدهماء والمتردية والنطحية ومن مات ضميره ودهس ببيادته مستقبل وطن بأسره. 18 يوما بطوليا في ميدان التحرير لإسقاط ديكتاتور لم تكن كافية لإسقاط عصابته فلم يبخل الثوار بحراك دام 18 شهرا لمواجهة الثورة المضادة وعصابة مبارك التي جاءت على ظهر الدبابة لتكون أيقونة جديدة في الدفاع عن حرية الوطن.