أرجع اقتصاديون رفع إنتاج السعودية من النفط إلى أسباب سياسية، بالإضافة إلى خدمة مصالحها الاقتصادية، رغم أن رفع الإنتاج كان أحد العوامل التي ساهمت في خفض أسعار النفط عالميا ؛ وذلك وفقا لتقرير لوكالة"الأناضول" وقالت منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك)، في آخر تقرير شهري لها يوم الجمعة الماضي، إن السعودية أبلغت عن إنتاج 9.704 ملايين برميل يوميا في سبتمبر الماضي، مقابل 9.597 ملايين في أغسطس الماضي. وهبط سعر خام برنت اليوم دون مستوى 88 دولارا للبرميل، وهو أدنى مستوى في أربع سنوات تقريبا، مع انحسار التوقعات بأن أوبك قد تخفض الإنتاج، خاصة مع زيادة الإنتاج من قبل السعودية دون وعود بتخفيضه. وقال رئيس مركز السياسات النفطية والتوقعات الاستراتيجية الدكتور راشد أبانمي، إن السعودية تتعمد خفض أسعار النفط عالميا، للضغط على موارد روسياوإيران. وتوقع ، تراجع الأسعار إلى 50 إو 60 دولارا خلال الشهور القليلة المقبلة، بعد تراجعها من 115 دولار إلى 92 دولار خلال أخر 3 اشهر. وذكر أبانمي أن اتهامات إيران للسعودية ببيع النفط بأسعار متدنية في التجزئة والمزادات العلنية في الأسواق الآسيوية "مؤشر دبي وعمان"، حقيقية، مؤكدا ان السعودية خفضت أسعار النفط الخفيف المصدر إلى السوق الأسيوي خلال 3 شهور متتالية، كما أنها خفضت أسعار النفط الثقيل الذى يتم تصديره إلى أمريكا الشمالية ليصبح أقل من (أرجوس) بنسبة 10%. يشار الى ان "أرجوس" هو مؤشر أسعار النفط الثقيل والمتوسط في أمريكا الشمالية والخاص بنفط المكسيك والسعودية على سبيل المثال. أما مؤشر دبي وعمان فهو مؤشر أسعار الخام الخفيف في الأسواق الأسيوية. وكشف أبانمي أن أسباب السعودية المعلنة وراء تخفيض الأسعار هو أنها تحاول المحافظة على عملاءها أو كسب عملاء جدد في السوق، إلا أن الأسباب الحقيقية، هي أسباب سياسية وليست اقتصادية، وتابع: "بالمنطق الاقتصادي، السعودية والدول الخليجية أول المتضررين من تراجع أسعار النفط".
وأشار إلى أن الأسباب الحقيقة وراء خفض السعودية للأسعار هى الضغط على كل من روسياوإيران لموقفهم من الملف السوري، إضافة إلى الملف النووي الإيراني، وموقفهم أيضا من التحالف الذى تقوده الولاياتالمتحدة ويضم دول أوروبية وخليجية لمواجهة تنظيم داعش الذي يسمى نفسه الدولة الإسلامية في العراق والشام. وذكر تحليل أعده جون ألين جاي، مؤلف كتاب " الحرب مع إيران : العواقب السياسية والعسكرية والاقتصادية"، أن الرئيس الإيراني حسن روحاني يشعر بعدم الارتياح إزاء انخفاض أسعار النفط الحالي، حيث وعد إبان حملته الانتخابية بتحقيق "الازدهار الاقتصادي"، وخفض التضخم، وأن تكون إيران واحدة من أكبر 10 اقتصادات في العالم خلال 30 عاما. وأشار التحليل الذي نشرته مجلة " ناشيونال انترست" الأمريكية، إلى أن إيران وضعت ميزانية العام الحالي على أساس أن سعر النفط 100 دولار للبرميل، وصادرات النفط 1.5 مليون برميل يوميا، وتفاءلت بعد أن وصلت أسعار النفط ذروتها في يونيو/ حزيران الماضي، عند 113 دولارا للبرميل. وذكر أن روحاني سيجد صعوبة في الوفاء بوعوده، والتي من شأنها إضعافه في الداخل، بينما تكثف العناصر المحافظة في مجلس الشورى انتقاداتها، وقد ينضم المحافظون الأكثر اعتدالا إلى المعركة. وأضاف التحليل، أن تراجع سعر النفط يزيد من تكلفة الفرصة البديلة في حالة عدم التوصل إلى اتفاق، لأن هذا يقلل نفوذ إيران على طاولة المفاوضات، ومن وجهة نظر المتفائلين، من المرجح التوصل إلى اتفاق بشأن الملف النووي وأن يكون مناسبا للغرب.