ماذا يمكن لحركة "احتلوا وسط هونج كونج" أن تتعلم من انتفاضة ميدان التحرير؟ تساؤل أجاب عنه المدون والناشط المصري محمود سالم عبر مقاله في مجلة فورين بوليسي الأمريكية في ثماني نصائح موجزة، يمكن أن يستفيد منها الثوار في كل مكان. يقول في مقاله: إن الفشل أفضل مُعَلِّم، وعلى الرغم من أننا نجحنا في إسقاط الدكتاتور حسني مبارك، إلا أن نظامه لا يزال سليمًا مُعافَى، وهو الآن يُهَمِّش أي حوار حول حرية التعبير والديمقراطية، وبالنظر إلى الفشل المذهل في تحقيق أهداف ثورة يناير من عدالة اجتماعية وكرامة إنسانية؛ يمكننا استخلاص بعض الدروس التي نأمل أن تكون مفيدة لعشرات الآلاف من الشجعان الذي تظاهروا في هونج كونج: 1- لا تُعّوِّلوا على دعم المجتمع الدولي تَلَقِّي الدعم الدولي شيء لطيف بالطبع، لكن التعويل عليه لمساعدتكم في الواقع مجرد أمنية، فحتى مصر، مع اعتمادها على المساعدات الأمريكية والسياحة الغربية وديونها الضخمة، استطاعت أن تشق طريقها رغم الضغوط الدولية. لكن دول العالم أقل استعدادا للإساءة إلى الصين مقارنة بمصر؛ ليس فقط بسبب الاعتبارات الاقتصادية، ولكن لعدم وجود أي إجراء حقيقي وفعال يمكنهم اتخاذه في الواقع ضد الصين حتى لو أرادوا ذلك. هذا ما يجب أن تعلموه: لا أحد يفقد حليفا استراتيجيًا من أجل حفنة محتجين. 2- مدى اهتمام العالم محدود جدا مثلما يشاهد العالم هونج كونج الآن، شاهد أيضا دراما ال 18 يومًا في القاهرة عبر شاشات التلفاز. ثم انتهى كل شيء. استمر اهتمام البعض لفترة أطول، لكن مع مرور الوقت وازدياد الوحشية- الكنائس المحترقة، وشعب كرة القدم، والأحكام الجماعية- غيَّر الجميع القناة. أنتم الآن تحظون بانتباه العالم، لكن قريبًا سيبقى القليل من المهتمين. والآن هو الوقت المناسب لإيصال رسالتكم. 3- لا تسمحوا للحكومة بالتلاعب بكم تبقى الحكومات في السلطة عبر التلاعب بمواطنيها؛ وهذا ينطبق على الجميع من النرويج لكوريا الشمالية، لذلك فإن تنظيم احتجاجات واعتصامات ضخمة دون وجود هيكل قيادة سليم يجعلكم عرضة للتلاعب الحكومي والاغتيال الشخصي. فإذا لم يكن بإمكانكم تحديد هويتكم، ستتولى الحكومة ذلك بالنيابة عنكم. ستحاول تأليب أكثر المتظاهرين بغضا وراديكالية ضد حراككم. وستنجح في ذلك إذا استمر احتجاجكم في إزعاج المواطنين الذين تحتاجون إلى دعمهم بشدة؛ وحينها ستفقدون السيطرة على رسالتكم. وسيدهشكم مدى سهولة تشتيت الحكومة الانتباه صوب قضية هامشية صنعتها أو استغلتها بسعادة. صحيحٌ أن المحاكمات العسكرية للمدنيين توقفت بعد 4 سنوات من ثورة يناير 2011، لكن لا تزال هناك محاكمات مدنية للمدنيين؛ مثل تلك التي أصدرت حكما بإعدام 429 شخصا في مارس 2014، وهو ما لم يفعل قاضٍ عسكري من قبل على الإطلاق. يوجد تكتيك آخر تفضله الحكومة، يتمثل في الدعوة للحوار علنًَا، بينما تنظم في الوقت ذاته هجوما يشنه الغوغاء على المتظاهرين، وبالتالي إجبار المتظاهرين على رفض الحوار؛ ليظهر تصرفهم غير عقلاني، كما يبدو أنه حدث يوم 3 أكتوبر في هونج كونج. حينها تبدو الحكومة عقلانية، وأنتَ لا عقلانيا، وقاطع طريق. 4- اعرفوا من يقف بجانبكم على المستوى المحلي أن تكون قادرا على الحشد من خلال وسائل الإعلام شيء عظيم، لكن القدرة على الحشد دونها أفضل. فأحد مشكلات حركة 25 يناير أن قادتها لم يكلفوا أنفسهم عناء التعرف على السكان الذين يعيشون في المبنى أو الشارع ذاته، ويدعمون قضيتهم. فمعرفة الأشخاص المتواجدين في منطقتك يجعلك أكثر قدرة على الحشد، ويوفر فرصًا أفضل لإقناع المتشككين للانضمام إليك. هذا هو الفرق بين "تحريك الشارع" و"الحركة في الشارع"؛ فالأولى قادرة على إخراج الناس إلى الشارع، والثانية مترتبة عليها. ونحن اعتمدنا على الثانية؛ وهذا هو السبب وراء تبخر تأثيرنا بسرعة. 5- لا تسمحوا لقوى داخلية أو خارجية بفصلكم عن الشعب قد يكون نضالكم من أجل شعب هونج كونج، لكن العديد من مواطنيكم ربما لا يريدون المشاركة. وهو ما ستستخدمه الحكومة لوصمكم ب"الغرباء"، و"الممولين من الخارج"، أو"المتطرفين"؛ لإحداث فجوة بينكم وبين الناس. واعلموا أن السخرية ممن لم ينضموا إلى قضيتكم أسهل وسيلة لضرب وحدتكم وتعزيز الشقاق بينكم، وسيصبح ذلك طبيعة ثانية كلما تصاعدت حدة المعركة وزادت سخونة المشاعر. فإذا كنتَ تعيش في ظل نظام استبدادي، يعامِل الشعب بعدم احترامٍ يوميًا، فإن المزيد من عدم احترامهم يُنَفِّرهم. 6- لا تُعَوِّلوا على أن خصمكم سيفكر بعقلانية ربما تُطَمئِنكم المقالات التي تُحَذِّر الحكومة الصينية من الخسارة التي ستلحق بها إذا ما سحقت الاحتجاجات بعنف، لكن ذلك عديم الجدوى. صحيح أن ذبحكم في الشوارع يعني إراقة ماء وجه الحكومة وتشويه سمعتها، لكن بكين ستفعل كل ما يتطلبه الحفاظ على السلطة في هونج كونج، تماما مثلما فعل الجيش في مصر، حتى إذا كلَّف ذلك النظام مليارات الدولارات من المعونة. 7- تخلُّوا عن الأمل وعليكم بالإصرار على عكس ما تقترحه عليكم الحكمة الشائعة، لن يفيدكم الأمل في المعركة التي تخوضونها.. فالأمل زائل، ودخول المعركة بتوقعات مرتفعة هو الطريق لهزيمة مؤكدة.. التصميم هو الذي يجعلكم تفوزون بالحرب، وليس الأمل.. وسواء رغبتم في ذلك أم لا، سينتهي الأمر في غضون أسبوع، أو شهر، أو حتى عقد من الزمان، لذا يُرجى التمسك بالإصرار، وسوف تحصلون على مزيد من الأمل أكثر من أي وقت مضى. 8- تطلعوا إلى المزيد، لكن اعرفوا ما الذي يمكنكم قبول تسوية بشأنه يصبح رفع سقف الرهانات طبيعة ثانية من أجل الحفاظ على الزخم، فإذا كان عليكم القيام بذلك، اعرفوا ما الذي يمكنكم قبول تسوية بشأنه. لا تخجلوا من التسويات؛ فهي أفضل من خسارة كل شيء.