أثارت التقييمات الأسبوعية لطلاب المدارس التي تفرضها وزارة تعليم الانقلاب حالة من الاستياء بين الطلاب وأولياء الأمور، بسبب كثرة هذه التقييمات وتسببها في ضياع وقت الحصص وطاقة المدرسين، لدرجة أنهم لم يعد لديهم إمكانية لشرح الدروس . وطالب أولياء أمور طلاب صفوف النقل، بإلغاء التقييمات الأسبوعية خاصة لتلاميذ المرحلة الابتدائية، لأنها تمثل ضغطا على الأطفال إلى جانب الواجبات المنزلية والمناهج الصعبة. وقال أحد أولياء الأمور: إن "الطفل من المفترض أن يلعب ويتعلم بهدوء، لكن المناهج التي فرضتها تعليم الانقلاب معقدة والدروس لا نهاية لها، متسائلا كيف تطلب تعليم الانقلاب من الطفل أن يفهم أشياء أكبر من سنه وأعلى من قدر استيعابه؟". وأضاف أن نجله يصحو من النوم مبكرا للذهاب للمدرسة حتى لو كان مريضا نجبره على الذهاب بسبب التقييمات، وعقب ذلك نضغط على معلمي الدروس الخصوصية ليشرحوا له المنهج الذي لا يجد معلم المدرسة وقتا لشرحه .
طاقة المعلمين
في هذا السياق كشفت داليا الحزاوي، مؤسس ائتلاف أولياء أمور مصر، أنها تلقت الكثير من الشكاوى من أولياء الأمور بشأن الضغوط المتزايدة التي يواجهها أبناؤهم الذين أصبحوا مطالبين بإنجاز كم هائل من الواجبات المنزلية، والأداءات الصفية، والتقييمات الأسبوعية لكل مادة، فضلًا عن التقييمات الشهرية. وقالت داليا الحزاوي في تصريحات صحفية: إن "هذا الضغط دفع الطلاب لكراهية الدراسة، حيث لم يعد لديهم وقت كاف للاستيعاب أو للمذاكرة أو ممارسة الرياضة والهوايات، ما أثر سلبًا على تحصيلهم الدراسي وصحتهم النفسية وحياتهم الاجتماعية". وأضافت: هذه المهام تستهلك جزءًا كبيرًا من وقت الحصة وطاقة المعلمين، وذلك على حساب جودة الشرح داخل الفصول، وهذا دفع الطلاب إلى البحث عن الدروس الخصوصية . وتابعت داليا الحزاوي : إذا كانت وزارة التربية والتعليم بحكومة الانقلاب تزعم أنها تلجأ إلى تكثيف التقييمات لتحسين مستوى الطلاب، إلا أنها لا تنظر إلى تبعات ذلك على أرض الواقع، مشددة على ضرورة أن تعمل تعليم الانقلاب على إعادة النظر في آلية التنفيذ، وتقنين عدد التقييمات والمهام لتخفيف الضغط على الطلاب وأولياء الأمور والمعلمين، بما يحقق في الوقت نفسه جودة العملية التعليمية دون إرهاق أطرافها .
وقت الحصة
وقال الخبير التربوي الدكتور تامر شوقي، إن التقييمات المستمرة وسيلة جيدة لتحقيق التعلم الفعال، ومساعدة الطلاب على متابعة دروسهم أولا بأول دون تأجيل أو إرجاء، وتجعل الطالب مستعدا بشكل مستمر للامتحانات، ومن ثم تقلل من قلقه المفرط منها، كما تفيد في تشخيص أي صعوبات لدى الطالب بشكل مبكر، وبالتالي علاجها بشكل فوري . وأرجع شوقي في تصريحات صحفية شكاوى الطلاب وأولياء الأمور إلى عدة أسباب منها: الإفراط في التقييمات ما بين واجبات يومية، وأداءات صفية، ومهام أدائية، واختبارات شهرية، واختبار نهاية الفصل الدراسي. تكرار تقييم الطالب في نفس أجزاء المقرر بأشكال تقييم مختلفة. ضياع وقت الحصة في التقييمات. قلة الوقت المخصص لشرح الدرس في الحصة. تخصيص درجات للتقييمات المختلفة، في حين أن الكثير من نظم التعليم الدولية تطبق بعض التقييمات المستمرة لتعريف الطلاب بمستواهم فقط دون تسجيل تلك الدرجات في الدفاتر الرسمية. عدم منح فرصة للطالب للتعويض حال غيابه عن التقييم، مما يضطر بعض الأسر لإحضار أطفالها للتقييم رغم معاناتهم من المرض، وهو ما يشكل خطورة في نقل العدوى للأطفال الآخرين. صعوبة بعض الأسئلة في التقييمات المختلفة. الاهتمام بحل التقييمات بشكل مكتوب في كل درس في المواد الدراسية المختلفة، مما يشكل عبئا على الطلاب.
تغيير المناهج
وأوضح أنه في ضوء تغيير وتطوير معظم المناهج وزيادة صعوبتها، تجد الكثير من الأسر صعوبات في شرحها لأبنائها، لعدم وجود وقت كاف لذلك، بينما يطلب من الطالب حل التقييمات المرتبطة بالدروس المختلفة حتى لو لم يفهمها، مشيرا إلى اضطرار بعض الطلاب إلى الاستعانة بالذكاء الاصطناعي في حل التقييمات، بل ولجوء بعض الأسر إلى حلها لأبنائهم، مما يضيع الهدف من التقييمات. وأكد شوقي أن هذه المشكلات دفعت الأسر إلى الاحساس بأن التقييمات أصبحت وسيلة، لإجبار الطلاب على الحضور للمدرسة، وليست وسيلة لتصحيح مسار التعلم.
تقليص التقييمات
واقترح إجراءات لتحسين التقييمات المستمرة تضمنت الآتي: تجنب تكرار التقييمات في نفس أجزاء المقرر. تقليل عدد التقييمات، مع الاكتفاء بالتقييم النصف شهري والشهري، إلى جانب الواجبات اليومية للطالب وبعض الأداءات الصفية، بما يحقق أهداف التقييمات بشكل تربوي سليم. أن تكون التقييمات في مستوى الطالب المتوسط. أن تراعي التقييمات حدود الوقت المتاح للطالب للاستعداد لها. تنويع الأسئلة في التقييمات ما بين الموضوعية والمقالية. تخصيص معظم وقت الحصة للتدريس، وتخصيص وقت أقل للتقييم في نهاية الشرح أو أثناءه. عدم اشتراط أن تكون جميع التقييمات كتابية، لأن بعض الدروس تتطلب تقييم الطلاب فيها شفويا، مثل القراءة والنحو والنصوص في اللغة العربية، وكذلك في اللغات الأجنبية، كما يكون التقييم عمليا في دروس العلوم داخل المعمل. عدم إرهاق المعلم بتسجيل درجات كثيرة تفصيلية في دفاتره لتقديمها للمتابعين، في حين أنها لا تعكس بشكل حقيقي مستوى الطلاب.