تواصل وزارة التعليم بحكومة الانقلاب محاولاتها لفرض نظام البكالوريا على طلاب الثانوية العامة، رغم الرفض الكبير لهذا النظام من جانب جميع أطراف العملية التعليمية، سواء الطلاب وأولياء الأمور أو المعلمين وحتى خبراء التربية . كانت وزارة تعليم الانقلاب قد أجرت استطلاعًا للرأي شمل مجموعة من أولياء الأمور والطلاب والمعلمين، في محاولة لرصد توجهات المجتمع وآرائه حول نظام البكالوريا الجديد، وهو ما آثار انتقادات بالجملة لهذا النظام. وطالب المعلمون وأولياء الأمور تعليم الانقلاب بالتراجع عن هذا النظام، محذرين من أنه سوف يتسبب في زيادة المشكلات والتحديات التي تواجه العملية التعليمية، ولن يقدم أي حلول بل سيضاعف الأعباء مقارنة بالوضع الحالي.
في هذا السياق قالت هالة، ولي أمر طالب في الصف الثالث الإعدادي: "نظام البكالوريا قد يواجه مشكلة في زيادة التكلفة والأعباء على أولياء الأمور وقلة المدارس التى تستطيع تطبيقه فعليًا". وأضافت : أخشى ألا يتناسب مع قدرات ابني، لأن اختيار النظام صعب . وأكد عبد الله، ولي أمر أن نظام البكالوريا يحتاج إلى تدريب للمدرسين، ودعم مالي للأسر المتوسطة.
تفاصيل النظام
وقالت سحر، ولي أمر طالب بالصف الثالث الإعدادي: "نواجه صعوبة في استيعاب تفاصيل نظام البكالوريا الجديد، سواء من حيث أهدافه أو كيفية تطبيقه". وأضافت : نحتاج إلى شرح مبسط وواضح من وزارة تعليم الانقلاب، من خلال ندوات أو فيديوهات تعليمية أو منشورات بلغة سهلة .
ضغط نفسي
وأكد محمد ولي أمر طالب بالصف الثالث الإعدادي، أن نظام البكالوريا معقد جدًا وغير مناسب لكل الطلبة. وأشار إلى أن نظام البكالوريا فيه مواد كثيرة وتقسيمات، تسبب ضغطا نفسيا كبيرا على أولادنا . وقال أحمد طالب بالشهادة الإعدادية: "لا أستطيع الحكم على نظام البكالوريا، موضحا أن فهم هذا النظام يتطلب تخريج دفعات، ثم دراسة النتائج حتى نعرف ما إذا كان أفضل من النظام التقليدي أم لا؟". وقالت علياء: "تطبيق نظام البكالوريا في مدارسنا صعب لعدم وجود الإمكانيات الكافية، لا من ناحية المدرسين ولا من ناحية الأدوات التي تدعم هذا النظام".
عبء إضافي
وأكدت داليا الحزاوي، مؤسسة ائتلاف أولياء الأمور ، أن نظام الثانوية العامة يحتاج إلى تطوير، مشددة على أن نظام البكالوريا الذي تريد تعليم الانقلاب فرضه يحتاج إلى دراسة جادة. وقالت داليا الحزاوي في تصريحات صحفية : "إذا كان نظام البكالوريا يقدم على أنه سوف يساهم في القضاء على رهبة الامتحانات، من خلال نظام التحسين الذي يتيح فرصة ثانية للطالب، ومرونة التعليم وتعدد المسارات الدراسية، وتقليل عدد المواد الدراسية لتخفيف الضغط على الطلاب، إلا أن صراع المجاميع سوف يستمر بسبب غياب الضوابط ". وحذرت من أن نظام البكالوريا يضيف عبئا ماليا إضافىا على الأسر، منتقدة استعجال وزارة تعليم الانقلاب في التغيير دون انتظار تشكيل المجلس الوطني للتعليم والتدريب، ودون نظر إلى نقص الكوادر والبنية التحتية. وتساءلت داليا الحزاوي هل هناك عدالة في تطبيق نظامين تعليميين في فترة واحدة؟ كيف سيتم ضمان تكافؤ الفرص؟ من أين سيتم توفير المعلمين والفصول اللازمة؟
الدروس الخصوصية
وأعربت عن اندهاشها من طرح تعليم الانقلاب استبيان في الوقت الذي تتجاهل فيه مقترحات الحوار المجتمعي، مشيرة إلى حدوث ارتباك بين أولياء الأمور الذين اعتقدوا أن الاستبيان بمثابة تقرير مصير. وشددت داليا الحزاوي على أن نظام البكالوريا يحتاج إلى حوار حقيقي مع كافة الأطراف، لضمان أفضل تطبيق ممكن، موضحة أنه إذا كان تقليص عدد المواد سيساهم في تخفيف الضغط عن الطلاب، لكنه قد يزيد من الأعباء المالية على الأسر بسبب اعتماد الطلاب على الدروس الخصوصية . وأعربت عن تحفظها على بعض التعديلات في هيكلة المناهج، مثل استبعاد اللغة الإنجليزية من الصف الثالث الثانوي، وتهميش اللغة الثانية، لما لذلك من تأثير سلبي على قدرات الطلاب ومنافستهم في سوق العمل، وكذلك على فرصهم في الالتحاق بكليات الألسن والآداب والتربية مشددة على ضرورة الحفاظ على جودة مخرجات التعليم الثانوي. واقترحت داليا الحزاوي استبدال مادة الإحصاء لطلاب الشعبة الأدبية بمادتي علم النفس والفلسفة (مستوى رفيع)، مشيرة إلى أن الإحصاء لا يخدم ميول طلاب الأدبي، كما انتقدت إدراج البرمجة خارج المجموع في الصف الأول الثانوي ثم داخل المجموع في المسار الهندسي، معتبرة أن ذلك يعيق التراكم المعرفي المطلوب. وتساءلت عن سبب عدم انتظار اكتمال تطوير منظومة التعليم التي وصلت حاليًا للصف الأول الإعدادي، قبل تطبيق البكالوريا، وكذلك عن غياب دور المجلس الوطني للتعليم والتدريب في رسم السياسات التعليمية الجديدة. وشددت داليا الحزاوي على ضرورة تدريب المعلمين وتأهيلهم، خاصة في مسارات البرمجة والأعمال، وتوفير معامل كمبيوتر حديثة، مشيرة إلى أن نجاح النظام الجديد مرهون بحلول جذرية لمشكلات التعليم، مثل عجز المعلمين، الغش، وارتفاع أسعار الكتب الخارجية.
موقف ضبابي
وتساءل الخبير التربوي الدكتور مصطفى كامل، ماذا إذا لم يحصل الطالب على مجموع يؤهله لكليته المختارة؟ وما أسس اختيار نظام لم تُختبر نتائجه بعد؟. وقال كامل في تصريحات صحفية : هل تم التنسيق مع التعليم العالي حول القبول الجامعي؟ وهل جرى إعداد المعلم والإدارة المدرسية وفقًا للنظام الجديد؟ وهل تم إشراك المعلمين والتربويين في تقييم النظام؟ وهل يستطيع طالب في الإعدادية أو ولي أمره إبداء رأيه في نظام البكالوريا ؟. وأكد أن هذه التساؤلات تكشف عن أهم المشكلات التي تواجه البكالوريا والتي لم تجيب عنها تعليم الانقلاب، ولم تطرحها على الخبراء للتوصل إلى حلول لها، وهو ما يجعل موقف البكالوريا ضبابيا وغير مفهوم ويثير القلق خاصة بين الطلاب وأولياء الأمور والمعلمين .