يجب تحديد الاختصاصات والمهام وتنوع الكفاءات والتخصصات د. درية شفيق: التناغم والتفاهم والتوافق بين الفريق الرئاسى سر نجاح النموذج الأمريكى أكد خبراء السياسة أن مصر يجب أن تضع نموذجا خاصا لمؤسسة الرئاسة، والفريق المعاون للرئيس محمد مرسى، بما يتناسب والظرف المصرى ومقتضياته، لافتين إلى أن كل دولة تضع النموذج الذى يتوافق مع طبيعة نظامها السياسى والملفات والمهام والتكليفات المطلوبة. وأكد الخبراء ضرورة أن تؤسس مؤسسة الرئاسة لبناء دولة المؤسسات وعدم الشخصنة، وأن تضع مهاما واختصاصات محددة واضحة المعالم للفريق الرئاسى، واختيار الأنسب لها، بناء على معيار الكفاءة والخبرة، معتبرين أن العدد غير مقيد، ويجب ألا يخضع لكوتة أو محاصصة. وأعضاء الفريق محصلتهم النهائية أن الرئيس حين يتخذ القرار يجب أن يكون على درجة عالية من النضج والوعى وترشيد الخطوات والسياسات. كما يجب أن يكون الفريق متنوعا ومتعدد الكفاءات والتخصصات، والرئيس له القرار النهائى؛ لأنه الذى يتحمل المسئولية كاملة أمام شعبه. النموذج الأمريكى ففى الولاياتالمتحدة نائب الرئيس هو أقرب معاونيه وضمان عدم اهتزاز السلطة أو فراغها، وهو أقرب ناصحيه ومستشاريه، وهو منصب قائم بأمريكا وبالنظم السياسية الرئاسية بوجه عام وليس منصبا اختياريا، وبأمريكا يتم تحديده ويكون مع المرشح الرئاسى بالحملة الانتخابية، والنائب ينتخب معه؛ ولأنه منتخب يتمتع بسلطات ضخمة. أما الباقون بالبيت الأبيض فهم مستشارون معاونون فقط، بينما النائب ضِلع ضخم وكأنه رئيس الوزراء، كذلك للرئيس الأمريكى مستشار للأمن القومى، والأهم لديه ليس مستشاروه بالأساس ولكن مجلس الأمن القومى المكون من شخصيات مدنية وعسكرية؛ لأنه المجلس الذى يمثل الجهة المعاونة على اتخاذ القرارات. النموذج البريطانى وفى بريطانيا لا يسمى فيها فريق رئاسى؛ لأن النظام السياسى فيها نظام برلمانى، ولا يوجد فيها رئيس حقيقى، ولكن رئيسا شرفيا، ويقوم رئيس الوزراء بتفويض متخصصين بقضايا بعينها يطلبها منهم وترفع له تقارير، ويكون المختص من خارج الوزارة والجهاز الحكومى وتابعا لرئيس الوزراء بشكل مباشر، وعلى أساسه يحدد سياسته، ولا يوجد عدد محدد لهؤلاء المختصين، ويحكم ذلك مدى الحاجة إليهم وما تفرضه. متنوع ومتناغم فمن جانبها، ترى د. درية شفيق -أستاذ العلوم السياسية بجامعة حلوان- أن الفريق الرئاسى لا بد أن تتوفر فيه صفة مهمة للغاية، وهى التناغم والتوافق فى الأفكار والموقف والرؤى، بحيث يكون الفريق معاونا للرئيس وليس معوقا له، بحيث يتمتع بدرجة عالية من التفاهم بين عناصره. وترى شفيق أن النموذج الناجح للفريق الرئاسى هو النموذج الأمريكى، حيث يحيط الرئيس نفسه بمجموعة كبيرة من المستشارين، وسر نجاحه هو وجود درجة عالية من توافق الرؤى داخله، حتى لا يحدث تضارب فى الآراء ووجهات النظر، وهؤلاء مستشارون فى جميع التخصصات: الأمن القومى، والسياسة الخارجية، والنواحى العسكرية، والاقتصادية، والعلاقات مع كل دول العالم، ومحصلتهم النهائية أن الرئيس عندما يتخذ القرار يكون قراره على درجة عالية من النضج والوعى وترشيد الخطوات والسياسات. ونبهت أستاذ العلوم السياسية بجامعة حلوان، إلى ضرورة أن تنم الاستشارة عن رؤية موضوعية علمية، وخبرة متعمقة بالملفات، ويجب أن يكون الفريق متنوع التخصصات ومتعدد الكفاءات، ويشمل جميع المجالات، وهذا معمول به فى النموذج الأمريكى، حيث يتولاها الأكثر دراية بها، كلٌّ فى اختصاصه، وتقترح السبل الاختيارية والترجيحية لأفضل القرارات التى يتخذها الرئيس. وأكدت "شفيق" أن الرئيس هو من يتخذ القرار فى النهاية؛ لأنه الذى يتحمل المسئولية كاملة أمام الشعب الذى اختاره وأولاه ثقته، وهو رئيس السلطة التنفيذية، ولهذا فإنهم يقدمون له البدائل القرارية، ويتم ترتيبها تنازليا، من الأفضل إلى الأقل. نموذج مصرى متفقًا مع شفيق، يرى د. محمد صفار -أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة- أن كل دولة، وكل نظام من الديمقراطيات الحديثة، تكوّن الفريق الرئاسى والنواب والمساعدين والمستشارين بشكل يتناسب مع الظروف التاريخية والواقعية التى تمر بها، وليس هناك نموذج أمثل؛ لأن كل مرحلة يناسبها نمط بعينه، ومن ثم يؤكد ضرورة اختيار مصر لنموذج يتفق وخصوصية الحالة المصرية، فيما يتعلق بتكوينه وتشكيله ومهامه واختصاصاته، وبهذا يمكننا أن نطور الخبرة المصرية فى هذا الشأن. وأوضح صفار أن الفريق الرئاسى فى بعض الدول يأتى بكامله من حزب الرئيس، أو حزب الأغلبية، لإحداث نوع من التناغم والتوافق، مما يعظم القدرة على تنفيذ البرنامج الانتخابى الذى ترشح على أساسه الرئيس، مشيرا إلى أنه فى دول أخرى يطعم بعناصر من المعارضة حتى لا يستأثر بتحديد المصالح القومية حزب واحد. الاختصاصات والمهام أولا واعتبر صفار أن الأهم عند تشكيل الفريق الرئاسى تحديد الاختصاصات والمهام بشكل واضح ومحدد، بمعنى أن يتم أولا وضع هيكل واضح لمؤسسة الرئاسة وتكوينها وملفاتها ثم يتم اختيار الأكفأ والأكثر خبرة وقدرة على تولى وتحمل هذه الملفات، والكفاءة هى المعيار الحاكم وليس الانتماءات السياسية، بحيث تكون الرئاسة مؤسسة، ويعمل الفريق الرئاسى فى إطارها، بعد أن تتحدد بالمؤسسة التقاليد والمستويات الإدارية والمسئوليات أولا ثم يشغلها الأنسب، وهو يعلم دوره ومنصبه بشكل واضح. وبين أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، أن عدد أعضاء الفريق الرئاسى يجب ألا يخضع ل"كوتة"، ولكن لاحتياجات الملفات وعددها، وهذا المعمول به بأى نظام ديمقراطى. مؤسسة الرئاسة ودولة المؤسسات ونبه صفار إلى أن مصر لا يتناسب معها استيراد نظام غربى للفريق الرئاسى، سواء كان الأمريكى أو غيره، بل إن الأنسب أن تضع مصر نموذجا يتناسب والظروف الاستثنائية التى تعيشها، كما يتناسب مع تاريخها، ويجب أن تضع هى القيم الحاكمة للمؤسسة وآليات عملها بشكل يضمن استمرارية عملها أيا كانت الشخوص من أجل بناء مؤسسات قوية. وأوضح أن مؤسسة الرئاسة إذا نجحت فى وضع هيكل وكيان مؤسسى بمصر فهى بذلك تدشن مرحلة جديدة تتحول فيها من الشخصنة لدولة المؤسسات، لينتهى بذلك النظام السلطوى الذى كان الرئيس يقوم فيه بكل الوظائف ومَن حوله هم مجرد سكرتارية. وتابع صفار: أما مصر بعد الثورة فمؤسسة الرئاسة بها ضرورة؛ لأن الرئيس منتخب بإرادة شعبية ويجب أن يستمع لجميع الآراء المتنوعة بشكل مؤسسى، وأن الرئيس هو من يحدد الملفات المهمة وفقا لضرورات المرحلة ويختار الأفضل لتحملها. وأكد صفار أن منصب نائب الرئيس هو جزء من مؤسسة الرئاسة. أهم الملفات للفريق الرئاسى وبين صفار أن أهم الملفات القائمة هى العلاقات مع الولاياتالمتحدةالأمريكية و"إسرائيل" ومستقبل العلاقات المدنية العسكرية، وتصفية إرث الحزب الوطنى المنحل والنظام السابق، والوحدة الوطنية وإفريقيا ومشكلة النيل، والاقتصاد والعدالة الاجتماعية، لافتا إلى أن المؤسسة يجب أن تكون مرنة لتستوعب ملفات جديدة. وأوضح أن العضو المكلف بالفريق الرئاسى يتولى ملفا محددا، ويكون لديه خبرة ومعلومات عنه تمكنه من وضع سياسات لحله وإدارة أى أزمات محتملة بشأنه بخطط استباقية ووقائية؛ لأن دوره مساعدة الرئيس على صنع القرار الذى يتخذه الرئيس؛ لأنه هو المنتخب بعد التعرف على مختلف الرؤى.