رصد اليوم الثاني من مسرحية رئاسة الدم

لم يُجدِ قرار الحكومة المفاجئ الذي اتخذته أمس لمنح العاملين بأجهزة الدولة إجازة رسمية لتمكينهم من الإدلاء في الانتخابات، حيث بدت غالبية اللجان في كافة المحافظات شبه خاوية، وذلك في اليوم الثاني من انتخابات رئاسة الدم، وهو ما دفع حكومة الانقلاب إلى مد التصويت ليوم ثالث، على أن يتم إغلاق باب الاقتراع الثلاثاء في الساعة التاسعة مساء، وإلغاء المد الذي كان مقررا حتى العاشرة.

وزعمت اللجنة العليا للانتخابات الهزلية أن سبب المد ارتفاع درجات الحرارة، وازدياد إقبال الناخبين في الفترة المسائية، استجابة لرغبات الوافدين الذين لم يستطيعوا إبداء رغباتهم في الوقت الذي حددته اللجنة، لكي يتمكن من الإدلاء بصوته في الموطن الانتخابي الأصلي الخاص به.

ومن الطرائف التي حدثت ثاني أيام الانتخابات إعلان مسئولي لجنة الانتخابات أنهم سيطبقون مادة قانونية تقضي بفرض غرامة قدرها 500 جنيه على جميع الناخبين الذين لم يدلوا بأصواتهم، يأتي هذا في تحذير واضح للمصريين من المقاطعة، ولم يقف الأمر عند هذا الحد حيث أعلن مسئول باللجنة الانتخابية أنه سيتم إحالة المواطنين الذين لم يشاركوا في الانتخابات إلى النيابة العامة.
تجدر الإشارة أن أول أيام الانتخابات شهد إقبالا ضعيفا وعزوفا من جانب الشباب فيما تصدر المشهد كبار السن والسيدات، الأمر الذي جعل وزير داخلية الانقلاب محمد إبراهيم يبرر ضعف الإقبال هذا نتيجة ارتفاع درجة حرارة الجو وصيام البعض احتفالا بذكرى الإسراء والمعراج.
ودفع ضعف المشاركة في الانتخابات إلى قيام الفريق أسامة الجندي -قائد القوات البحرية- أثناء مروره باللجنة الانتخابية في مدرسة بورسعيد التجريبية بوسط الإسكندرية بدعوة الإخوان إلى
* أغلب اللجان خاوية من الناخبين في كافة المحافظات
التصويت كأفراد وكمواطنين في الدولة.
وأيضا قرر الدكتور إبراهيم الدميري -وزير النقل- عدم تغريم المواطنين الذين يستقلون المترو والسكة الحديد دون تذاكر طوال اليوم، وذلك تيسيرا على المواطنين للإدلاء بأصواتهم في انتخابات الرئاسة.

تهديد العاملين
واتجهت بعض الشركات إلى تهديد العاملين بها والضغط عليهم للخروج والمشاركة في الانتخابات؛ حيث فوجئ العاملون بشركات السويدي بوصول رسائل إليهم على الإيميلات وتليفوناتهم الخاصة بضرورة الوجود داخل لجان الاقتراع صباح ثاني أيام الانتخابات، وقالت إن من يتخلف يحرم من الحوافز الشهرية وينظر في استمراره في العمل دون تهاون.
"الحرية والعدالة"ترصد في تقريرها حجم الإقبال في اليوم الثاني للانتخابات والتجاوزات والانتهاكات التي حدثت.

ضعف الإقبال
بدت غالبية اللجان الانتخابية شبه خاوية من الناخبين في كافة المحافظات وأصبحت ظاهرة ضعف الإقبال متصدرة المشهد. ففي المنصورة شهدت اللجان إقبالا ضعيفا من جانب الناخبين،وأيضا كان الإقبال في مدينة رأس غارب ضعيفا، فيما شهدت لجان منطقة الوراق بالجيزة إقبالًا محدودًا للناخبين، في حين شهدت لجان الانتخابية بمنطقة البحوث بالجيزة إعراضا من جانب الناخبين حيث بدت مدرسة هدي شعراوي الإعدادية بنات خالية تماما من أي ناخبين وكذا الحال بالنسبة للجنتي مدرسة المدينة الجامعية الابتدائية والمركز القومي للبحوث بالجيزة كانت خاليتان تماما من الناخبين.
وفي الدقهلية، سجلت اللجان حضورا خافتا في اليوم الثاني للانتخابات، واستمر هيمنة نسبة النساء المشاركات، فيما بدت لجان أخرى خاوية، أما بني سويف بدت لجان التصويت فيها شبه خاوية، وشهد عدد كبير من القرى والمراكز انخفاضًا ملحوظًا في أعداد الناخبين.
أما في قنا فقد ظهرت اللجان خالية من الناخبين رغم قيام فلول الحزب الوطني في المحافظة بتوفير سيارات لنقل المواطنين إلى المقابر الانتخابية، فيما في شمال سيناء امتنع الأهالي عن المشاركة في الانتخابات وظهرت اللجان خالية تمامًا من المواطنين رغم المحاولات المستميتة التي يقودها قيادات الوطني المنحل بالمحافظة لحشد أقاربهم للتصويت للسيسي ولكن دون جدوى.


لقد خلت اللجان الانتخابية بمحافظات الصعيد من الناخبين فيما عدا بعض كبار السن والسيدات بنسب ضئيلة ومتفاوتة على مستوى كل محافظة، ففي المنيا كانت اللجان خالية تماما من الناخبين وذلك بعد استنفاذ الكنيسة والفلول كافة ألاعيبهم للحشد الطائفي أمس الاثنين فانكشفت الحقيقة اليوم حيث كانت اللجان خالية تمامًا من الناخبين، أما محافظة الوادي الجديد لم تتجاوز نسبة المشاركة 5% رغم قيام الحكومة بحث المواطنين على المشاركة من خلال سيارات المحافظة التي جابت الشوارع والقرى لدعوة الناخبين من خلال مكبرات الصوت.
شهدت مقرات اللجان الانتخابية بمنطقة شبرا الخيمة حالة من الهدوء النسبي والإقبال الضعيف ويكاد يكون منعدمًا في بعض اللجان من المواطنين الناخبين للمشاركة في الانتخابات، فيما شهدت بعض اللجان إقبالا ضعيفا من جانب المواطنين من ذوي الاحتياجات الخاصة وكبار السن.
وشهدت لجان مدرسة السعيدية بمدينة نصر إقبالا ضعيفا للغاية وغياب للناخبين، وفي المنيل شهدت مدرسة القاهرة الثانوية بنات بالمنيل إقبالا ضعيفا، وكذلك مدرسة الروضة الإعدادية.


* العليا الانتخابات تهدد مقاطعي الانتخابات بدفع غرامة 500 جنيه وإحالتهم إلى النيابة العامة
وفي الجيزة شهدت لجان مدرسة العجوزة الإعدادية ومدرسة القومية إقبال ضعيف للغاية وعلى فترات متقطعة. وكذا لجان شارع الهرم الرئيسي الإقبال كان ضعيفا للغاية فتحت اللجان الانتخابية بمدرسة إبراهيم شتا وأم المؤمنين بمنطقة الطالبية، كما لوحظ إقبال ضعيف جدا من الناخبين، كما تكرر المشهد بمدرسة النهضة ومركز طب الأسرة بمنطقة كفر طهرمس بفيصل، من الإقبال الضعيف للمشاركين في العملية الانتخابية، فيما كان الإقبال من ضعيف إلى متوسط في لجان الدقي وبولاق الدكرور.
أما كفر الشيخ فالإقبال كان ضعيفا على مستوى مدنها، رُغم وجود سيارات تتجول في الشوارع وتطالب الجماهير بالنزول، فيما الفيوم شهدت لجان مدارس الباسل والتحرير والمحمدية إقبالا ضعيف، في حين شهدت لجان مدينة السرو بمركز الزرقا بمحافظة دمياط، إقبالًا ضعيفًا من الناخبين توافد أعددا قليلة على مقار اللجان الانتخابية بمدارس، "الشهيد محمد عربانو، والنيل الابتدائية، ومجدي السنباطي الثانوية، والسرو الثانوية، ومحمد سعيد السنباطي،كما اقتصر الحضور على كبار السن بمدينة السرو.
وفي الزمالك شهدت اللجان الانتخابية، هدوءًا تامًا في اليوم الثاني من الانتخابات الرئاسية، فيما شهدت لجان منطقة السيدة زينب وجاردن سيتي إقبالًا ضعيفًا جدًا من الناخبين. وفي المهندسين توافدت أعداد قليلة من الناخبين على مدرسة أم المؤمنين الإعدادية بنات، ومدرسة السيدة خديجة والناصرية ومدرسة المهندسين للإدلاء بأصواتهم.
وشهدت منطقة المعادي إقبالا ضعيفا من الناخبين في لجنة مدرسة محمد فريد الابتدائية ولجنة المعادي الثانوية العسكرية، في حين شهدت لجنة مدرسة مصطفي كامل، ناخبا وحيدا في الدقائق الأولى لفتح باب التصويت.

أبرز الانتهاكات والتجاوزات
بالرغم من ضعف الإقبال إلا أن ثاني أيام الانتخابات لم يخلُ من الانتهاكات والتجاوزات حيث تداول النشطاء على فيس بوك صورة لطفل يدعى زياد محمد في ال10 من عمره يدلي بصوته في لجنة رقم 25 بمدرسة النصر في شارع الأمل بمنطقة العجوزة، وظهر في الصور وهو يضع استمارة التصويت داخل الصندوق المخصص لها، ويضع يده في الحبر الفسفوري بعدها.
وأيضا قام أعضاء حزب "النور" المؤيد للانقلاب العسكري الدموي بقرية كفر النعمان مركز ميت غمر بمحافظة الدقهلية باستئجار "توك توك" يعتليه مكبر صوت لابتزاز الأهالي وإجبارهم على النزول والتصويت في رئاسة الدم التي قاطعها الثوار والأحرار من أبناء الدقهلية .

وجاب "التوك توك" شوارع القرية ودعا أعضاء النور المواطنين عبر مكبر الصوت بالنزول والتصويت لصالح قائد الانقلاب عبد الفتاح السيسي كما روجوا شائعة أنه تم إذاعة بيان عبر التليفزيون جاء فيه أنه سيتم تغريم الممتنعين عن التصويت مبلغ 500 جنيه.
يأتي هذا فيما رصدت حملة حمدين صباحي في بيان لها صدر ثاني أيام الانتخابات مجموعة من التجاوزات أبرزها استمرار الدعاية الانتخابية في حرم اللجان رغم ما يجرمه القانون من حظر الدعاية في حدود 200 متر من اللجنة، فضلا عما أسمته التوجيه الانتخابي الذي يتم داخل بعض اللجان، على حد ما ورد بالبيان.
وقالت الحملة: "إن هناك حالات نقل جماعي بسيارات شركات قطاع خاص تابعة لبعض رجال الأعمال المحسوبين على نظام مبارك، فضلا عن تحركات متعددة لعدد من رموز الحزب الوطني المنحل لصالح المرشح المنافس".

6% مشاركة اليوم الأول
ينبغي ألا نتجاهل الدراسة التي أجراها مركز "تكامل مصر" والتي أوضح فيها أن نسبة المشاركة في اليوم الأول لم تتخطَ 6%، متوقعا أن تصل نسبة المشاركة في اليوم الثاني إلى 2% وأورد النسب كالتالي:
محافظة الإسكندرية شارك 5% والجيزة 4% والغربية 6%والدقهلية 7% والمنوفية 7% وكفر الشيخ 6% ومرسى مطروح 1% والقاهرة 8% والجيزة 5% والقليوبية 5% والشرقية 6% والاسماعيلية6% ودمياط 8% وبورسعيد 8% والسويس 5% وشمال سيناء 6 % وأسيوط 7% وسوهاج 7% وقنا 9% وأسوان5% والبحر الأحمر 9% والوادي الجديد 6% والمنيا 5% وبني سويف 5%.

وحول ارتفاع نسبة المشاركة في بعض محافظات الصعيد قياسا إلى محافظات أخرى قال مصطفى الخضري -مدير مركز تكامل مصر والمشرف الرئيسي على الدراسة بالنسبة-: لمحافظات قنا والأقصر والبحر الأحمر فنسبة المشاركة ارتفعت نتيجة المشاركة الكثيفة للإخوة المسيحيين بمحافظة قنا، أما محافظة البحر الأحمر والأقصر فهي محافظات سياحية مثلها مثل جنوب سيناء النسبة التصويتية الأكبر للعاملين في مجال السياحة والذين يظنون أنّ الانتخابات قد تجلب لهم الاستقرار، بالإضافة إلى التواجد الكثيف للإخوة المسيحيين بمحافظة الأقصر.


* ضعف الإقبال يدفع حكومة الانقلاب إلى مد التصويت ليوم ثالث
وأضاف الخضري: أما بالنسبة للجيزة والقاهرة فإن الجيزة محافظة محسوبة على التيار الإسلامي انتخابيًا في جميع الفعاليات الانتخابية منذ ثورة يناير نظرًا لوجود ظهير ريفي محافظ، فزادت نسبة المقاطعة، أما القاهرة فأرى أن نسبة 8% هي تدل على وجود مقاطعة كبيرة بها لهذه الانتخابات، فالقاهرة كانت أكبر المحافظات معارضة للرئيس مرسي، فعندما يتم التصويت بهذه النسبة الهزيلة فانا أرى أن دعوات المقاطعة قد أتت ثمارها في القاهرة هي مرتفعة نسبيا بالمقارنة بمحافظات الصعيد والإسكندرية التي لم تزد النسبة فيها 5%.
وبالنسبة لمحافظة لمحافظة مطروح فقد انخفضت نسبة المشاركة إلى 1% رغم أنها كانت تخضع للدعوة السلفية وحزبها السياسي حزب النور، حيث انخفضت قوته على الحشد من 8 ملايين ناخب في عهد مرسي إلى 150 ألف صوت فقط للسيسي في الانتخابات الحالية.
وقال الخضري إنه من المتوقع أن تصل نسبة التصويت في اليوم الثاني ما بين 2 إلى 3% خاصة وأن الكتلة التصويتية الخاصة بالأقباط ومؤيدي نظام مبارك وتم تقديرهم 80% قد خرجت في اليوم الأول.

فيما كشف المرصد العربي للحقوق والحريات أن نسبة المشاركة في "التصويت على "رئاسة الدم" لم تتجاوز 6.8% من إجمالي من يحق لهم التصويت، وسط انتهاكات واسعة من قبل سلطات الانقلاب وتدخل مباشر في عملية التصويت.
ورصد التقرير حالات واسعة من التصويت الجماعي واستخدام البطاقة الدوارة وتوزيع الرشاوى الانتخابية، فضلا عن الانتهاكات المباشرة لقانون الانتخابات من خلال خرق حظر الدعاية والبلطجة من قبل مؤيدي السيسي واعتقال أنصار صباحي ومحامية ومنعهم من مباشرة أعمالهم كوكلاء في اللجان.
ورصد التقرير التباين في التصويت بين معظم المحافظات، حيث بلغت أعلي نسب المشاركة 10% وأدناها 1% في محافظة مرسى مطروح، فيما تراوح متوسط التصويت بين 5 إلى 6% في أغلب المحافظات.

الاستمتاع بالإجازة بالمنزل
ومن جانبها أصدرت مؤسسة عالم واحد للتنمية تقريرا رصدت فيه ضعف الإقبال الشديد للناخبين في محطات الاقتراع في أغلب المحافظات، والناخبون فضلوا الجلوس في منازلهم عن النزول إلى اللجان والاستمتاع بالإجازة الممنوحة لهم من الحكومة لتشجيعهم على النزول، في حين قامت مبادرة "فؤادة واتش" وهي مبادرة حقوقية لرصد ومراقبة أداء مؤسسات الدولة تجاه قضايا المرأة وحقوق الإنسان، بإصدار تقريرها حول آخر الأحداث في مشوار الانتخابات الرئاسية.


* السيارات تجوب الشوارع تحث المواطنين على المشاركة ومكبرات المساجد تدعوهم للنزول
ووضحت فيه أن الساعات الأولي من اليوم الثاني للتصويت جاءت مخيبه لآمال الانقلابيين، وشهدت انخفاضًا كبيرًا في تواجد الناخبين، وعلى الرغم من محاولات العديد من الوسائل الإعلامية حث الجماهير على المشاركة في التصويت، إلا أن الخطاب الإعلامي الذي مرر على مدار الفترة الماضية حمل في طياته هجومًا لاذعًا على القطاعات الشبابية والثورية؛ ما جعل عزوف الشباب من الانتخاب أمرا ليس بالسهل تجاوزه، أو إعادته إلى المسار وفقًا لرؤى البعض.
انخفاض الإقبال بأغلبية اللجان
ومن جهتها صرحت غرفة العمليات المركزية بالمجلس القومي لحقوق الإنسان، بانخفاض نسبة الإقبال في غالبية اللجان في اليوم الثاني وفيما يتعلق بملاحظاتها عن اليوم الأول من التصويت، رصدت الغرفة وجود تفاوت في نسبة الإقبال على مدار اليوم، وكذلك رصدت حضورا لافتا للسيدات في كافة اللجان، كما رصدت وقوع بعض الانتهاكات التي لم تؤثر على مسار عملية التصويت، إلا أن هذا لا يقلل من أهمية النظر إليها، والتعامل معها بشكل جدي.