حذرت وكالة "بلومبرج" الأمريكية من احتمال اندلاع ربيع عربي جديد، كرد فعل على الإبادة التي يتعرض لها أهالي قطاع غزة على يد جيش الاحتلال الإسرائيلي وسط انحياز صارخ من الولاياتالمتحدةالأمريكية والغرب كله لحكومة الاحتلال وشيطنة حركة المقاومة الفلسطينية حماس من جانب الحكومات الغربية والآلة الإعلامية الجبارة التي يمتلكها. ووفقاً للوكالة، فإن التوترات يمكن أن تتصاعد أيضاً في المنطقة الأوسع، حيث إن مصر ولبنان وتونس غارقة في الركود الاقتصادي والسياسي. وقد أثار رد إسرائيل على هجوم حماس بالفعل احتجاجات في عدد من دول المنطقة. وفي الشارع العربي، فإن المسافة بين المسيرات المناهضة لإسرائيل والاضطرابات المناهضة للحكومة قصيرة. وأشارت "بلومبيرج" إلى أن "تكرار الربيع العربي ليس بالأمر المستبعد"، في هذا السيناريو. وترى الوكالة أن التأثير الاقتصادي العالمي في هذا السيناريو يأتي من صدمتين: قفزة في أسعار النفط بنسبة 10%، وتحرك الأسواق المالية للعزوف عن المخاطرة، تماشياً مع ما حدث خلال الربيع العربي. كان هذا السيناريو أحد ثلاثة سيناريوهات توقعت الوكالة حدوثهم جراء التصعيد الخطير في غزة، مضيفة أن الصراع في الشرق الأوسط يمكن أن يرسل ارتدادات عبر العالم، لأن المنطقة مورد حيوي للطاقة وممرّ شحن رئيسي. وبالتالي فإن الحرب قد تتسع لتتحول إلى "حرب بالوكالة"، بدخول حزب الله اللبناني حلبة الصراع أو امتداده إلى سورية، فسيتحول الصراع فعلياً إلى حرب بالوكالة بين إيران وإسرائيل، وسوف ترتفع التكلفة الاقتصادية. ومن شأن التصعيد على هذه الخطوط أن يزيد من احتمال نشوب صراع مباشر بين إسرائيل وإيران، ما سيؤدي على الأرجح إلى ارتفاع أسعار النفط. وطرحت "بلومبيرغ" 3 سيناريوهات للحرب الدائرة حالياً، حيث سيترتب على كل سيناريو منها تداعيات اقتصادية سلبية، مشيرة إلى أنه في كل هذه الحالات، كان الاتجاه هو نفسه، ارتفاع أسعار النفط، وارتفاع معدلات التضخم، وتباطؤ النمو، ولكن الحجم مختلف، وكلما اتسع نطاق الصراع، أصبح تأثيره عالمياً وليس إقليمياً. سيناريو الحرب المحدودة السيناريو الأول الذي طرحته الوكالة، هو اقتصار الحرب على رقعة صغيرة تتعلق بقطاع غزة فقط، في هذه الحالة من المتوقع تأثير ضعيف على أسعار النفط والاقتصاد العالمي. ويتوقع في ظل هذا السيناريو أن تعيد الولاياتالمتحدة فرض عقوبات على صادرات النفط الإيراني، بعدما زادت طهران إنتاجها النفطي بما يصل إلى 700 ألف برميل يومياً هذا العام. وأدى تبادل الأسرى بين الولاياتالمتحدةوإيران، والسماح بالوصول إلى أصول إيرانية مجمدة بنحو 6 مليارات دولار إلى ذوبان الجليد في العلاقات مع الولاياتالمتحدة خلال عام 2023. وإذا اختفت تلك البراميل تحت الضغط الأميركي، تقدر "بلومبيرغ إيكونوميكس" زيادة تتراوح بين 3 إلى 4 دولارات في أسعار النفط. وسيكون التأثير على الاقتصاد العالمي في ظل هذا السيناريو ضئيلاً، إذا قامت السعودية والإمارات بتعويض البراميل الإيرانية المفقودة باستخدام طاقتهما الاحتياطية. وفي مقابلة خلال الاجتماعات السنوية لصندوق النقد الدولي في المغرب، قالت وزيرة الخزانة الأميركية جانيت يلين إنها لا ترى علامات على "تأثيرات اقتصادية كبيرة" في هذه المرحلة، مؤكدة أنه "من المهم للغاية ألا ينتشر الصراع". سيناريو الحرب الإقليمية أما السيناريو الثالث، والأخطر فهو الحرب بين إيران وإسرائيل، ورغم أنه سيناريو منخفض الاحتمال، فإن تداعياته خطيرة على الاقتصاد العالمي ويمكن أن تكون سبباً لركود عالمي حسب "بلومبيرج". ومن شأن ارتفاع أسعار النفط وانخفاض الأصول الخطرة أن يوجها ضربة قوية للنمو، وأن يدفعا التضخم إلى الارتفاع. يقول حسن الحسن، زميل باحث في المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية: "لا أحد في المنطقة، ولا حتى إيران، يريد أن يرى الصراع بين حماس وإسرائيل يتصاعد إلى حرب إقليمية شاملة". هذا لا يعني أن ذلك لن يحدث، خاصة مع ارتفاع المشاعر. يقول الحسن: "إن احتمال سوء التقدير كبير". وقال الحسن إنه في حالة المواجهة بين إسرائيل وإيران، "من المرجح أن تسعى طهران إلى تفعيل شبكتها الكاملة من الوكلاء والشركاء في سورية والعراق واليمن والبحرين". وأضاف أنه "سيكون لديها قائمة طويلة من الأهداف الغربية الصعبة والسهلة في المنطقة للاختيار من بينها". وفي هذا السيناريو، فإن تزايد التوترات بين القوى العظمى من شأنه أن يزيد من المزيج المتقلب. والولاياتالمتحدة حليف وثيق لإسرائيل، في حين تعمل الصين وروسيا على تعميق العلاقات مع إيران. يقول المسؤولون الغربيون إنهم يشعرون بالقلق من أن الصين وروسيا سوف تستغلان الصراع لتحويل الانتباه والموارد العسكرية عن أجزاء أخرى من العالم. ومع وصول حوالي خمس إمدادات النفط العالمية من منطقة الخليج، فإن الأسعار سترتفع بشكل كبير. وأشارت الوكالة إلى أنه في هذا السيناريو "ليس مستبعداً تكرار الهجوم على منشآت أرامكو من قبل المسلحين الموالين لإيران في عام 2019، والذي أدى إلى انقطاع ما يقرب من نصف إمدادات النفط السعودية". وقد تتبادل إيران وإسرائيل القصف بالصواريخ. في هذا السيناريو، تشير تقديرات "بلومبيرج إيكونوميكس" إلى أن أسعار النفط قد ترتفع إلى 150 دولاراً للبرميل، وينخفض النمو العالمي إلى 1.7%، وهو الركود الذي يقتطع حوالي تريليون دولار من الناتج العالمي. وأضافت أنه "قد لا تنقذ الطاقة الإنتاجية الفائضة في السعودية والإمارات الموقف إذا قررت إيران إغلاق مضيق هرمز، الذي يمر عبره خمس إمدادات النفط العالمية اليومية". وحسب وزارة الصحة الفلسطينية في غزة فقد استشهد حتى مساء السبت 14 أكتوبر نحو 2228 وأصيب نحو 8744 أكثر من نصفهم من النساء والأطفال، في حين استشهد 54 شخصا، وجرح أكثر من 1100 في الضفة الغربية. بينما قتل أكثر من 1300 إسرائيلي وأصيب أكثر من 3000 آخرين.