حذر رواد أعمال مصريون من أن عدم اليقين بشأن سعر الصرف يخنق الأعمال ويعيق قدرتها على التخطيط والاستثمار، حيث تعاني البلاد من أسوأ أزمة عملة أجنبية منذ سنوات، بحسب ما أفادت صحيفة "فايننشيال تايمز". وقالت الصحيفة: إن "سلسلة من التخفيضات منذ مارس من العام الماضي أدت إلى خفض قيمة الجنيه المصري مقابل الدولار إلى النصف، لكنها فشلت في تعزيز تدفقات النقد الأجنبي، من المتوقع حدوث تخفيض جديد في قيمة العملة" كما يقول الاقتصاديون وقادة الأعمال، وفي الوقت نفسه، أدى نقص الدولار إلى ظهور سوق سوداء للعملة الأجنبية. بدأت الأزمة عندما سحب مستثمرو السندات الأجانب حوالي 20 مليار دولار من الديون المصرية في أعقاب غزو روسيا لأوكرانيا في فبراير 2022، في رحلة إلى الملاذات. وتدخلت دول الخليج بودائع بقيمة 13 مليار دولار و3.3 مليار دولار أخرى لشراء أصول، لكن مستثمري المحافظ ظلوا في الغالب بعيدين عن الاستثمار وكافح القطاع الخاص لتمويل الواردات. ونقلت الصحيفة عن أدهم نديم، الذي يرأس شركة مجموعة نديم التي تملكها عائلته، والتي تصنع الأثاث للفنادق والعملاء من الشركات، قوله: إنه "يواجه مشاكل في استيراد المدخلات الحيوية مثل المفصلات والإكسسوارات والدهانات". وأضاف: "الجميع يعطيني أسعار مضاربة بناء على ما يعتقدون أن سعر الدولار في السوق السوداء سيكون إذا كنت أخطط للشراء في غضون شهرين". إنها مشكلة أكبر إذا امتد المشروع إلى ستة أو 10 أشهر". وقال سميح ساويرس، وهو مستثمر مصري بارز في مجال السياحة والاستثمار، لتلفزيون العربية السعودي هذا الشهر: إن "وضع النقد الأجنبي منعه من المزيد من الاستثمارات في مصر". وأضاف "الجميع ينتظر الوضوح بشأن سعر الصرف، واصفا القضية بأنها العقبة رقم واحد واثنين وثلاثة". وقال: "كيف يمكنني معرفة ما إذا كان المشروع سيحقق أرباحا أو خسائر؟، ما هو السعر الذي يجب أن أستخدمه، السعر الدولي الآجل أم سعر السوق السوداء أم السعر الرسمي؟". وتظهر أرقام البنك المركزي المصري هذا الشهر أن الواردات انخفضت في النصف الثاني من عام 2022 إلى 37 مليار دولار مقارنة مع 42 مليار دولار في نفس الفترة من العام السابق. كما انخفضت تحويلات المصريين العاملين في الخارج، وهو مصدر مهم للعملة الأجنبية، من 15.5 مليار دولار في النصف الثاني من عام 2021 إلى 12 مليار دولار في نفس الفترة من العام الماضي، ويعزو المصرفيون هذا الانخفاض إلى الأشخاص الذين يبيعون عملاتهم الأجنبية في السوق السوداء أو يحتفظون بها توقعا لانخفاض قيمة الجنيه. وزادت أزمة العملة من الضغوط على القطاع الخاص الذي يعاني بالفعل من ارتفاع التضخم الذي وصل إلى 31.5 في المئة في أبريل وسعر فائدة 19 في المئة. وقال مصرفي مصري كبير لصحيفة فاينانشال تايمز: إن "هناك عملات أجنبية كبيرة في البلاد، تم جمعها من السياحة ومصادر أخرى، لكن الناس كانوا يتمسكون بالدولار على أمل الحصول على المزيد لهم بعد مزيد من الانخفاض في قيمة العملة". وكجزء من حزمة قروض بقيمة 3 مليارات دولار تم الاتفاق عليها مع صندوق النقد الدولي في أكتوبر، وهي الرابعة منذ عام 2016 وافقت القاهرة على الانتقال إلى نظام سعر صرف مرن وتقليل بصمة الدولة في الاقتصاد، وقال الصندوق مؤخرا إن حكومة السيسي جادة في إجراء التغيير. كانت الحكومات المصرية مترددة تقليديا في السماح لقوى السوق بتحديد قيمة الجنيه، مفضلة نشر موارد العملة الأجنبية لدعم قيمته والحفاظ على استقراره مقابل الدولار، والهدف من ذلك هو تجنب صدمات التضخم الناجمة عن الانخفاضات الحادة في العملة المحلية. وأقر تقرير لبنك جولدمان ساكس هذا الشهر بمعضلة القاهرة، وجادل بأن الفوائد على المدى القريب لانخفاض قيمة العملة من حيث زيادة الصادرات وتدفقات رأس المال ليست واضحة، وستعتمد على مزيد من الإصلاحات الاقتصادية، في حين أن هناك خطر تفاقم الضغوط التضخمية المرتفعة بالفعل. لكنها قالت: إن "العلاوة الكبيرة في السوق الموازية للعملة الأجنبية ستؤدي إلى تشوهات اقتصادية لا يمكن تحملها تجعل التخفيضات الدورية لقيمة الجنيه مرجحة للغاية على المدى المتوسط ، بغض النظر عما إذا كانت السلطات ستنتقل إلى نظام سعر صرف مرن تماما". ويقول اقتصاديون: إن "البنك المركزي يريد بناء احتياطي للعملة الأجنبية قبل الانتقال إلى سعر صرف مرن، وفي فبراير كشفت حكومة السيسي النقاب عن قائمة تضم 32 شركة مملوكة للدولة تعتزم فتحها لمشاركة القطاع الخاص من خلال بيع حصص أقلية بشكل أساسي، فدول الخليج الغنية بالنفط هي السوق الرئيسية المستهدفة لعمليات الخصخصة". ومع ذلك، لا يزال البرنامج متوقفا وسط اختلافات حول سعر الصرف الذي سيتم استخدامه لتقييم الأصول المصرية، فضلا عن صغر حجم العديد من الحصص المعروضة، والتي لن تمنح المشترين سيطرة إدارية. ومع ذلك، قال مصطفى مدبولي، رئيس وزراء الانقلاب، هذا الشهر: إن "الحكومة ستجمع 2 مليار دولار من مبيعات الأصول قبل نهاية يونيو". ويقول الاقتصاديون: إن "الطريقة الرئيسية لحل الأزمة على المدى الطويل هي زيادة الصادرات" وقال هايكة هارمغارت ، العضو المنتدب لمنطقة جنوب وشرق البحر الأبيض المتوسط في البنك الأوروبي للإنشاء والتعمير "تحتاج البلاد إلى الانتقال إلى نموذج قائم على التصدير للحفاظ على عائدات العملات الأجنبية، لكي يحدث هذا، يجب أن يحصل القطاع الخاص على مساحة أكبر للتنفس والنمو". ووافق نديم على أن التركيز يجب أن يكون على الصناعة لتعزيز الصادرات وخلق فرص العمل وقال: "لم تكن الصناعة أولوية، نحن نواجه أصعب أوقاتنا منذ 45 عاما من العمل، اليوم نحن ننظر إلى ضباب عميق". https://www.ft.com/content/b69bbce2-11e1-4da8-9608-b7af2a6fd329