في محاولة لتبرئة نفسها من الأزمات التي يواجهها المجتمع المصري من انهيار اقتصادي وارتفاع أسعار ونقص للسلع والمنتجات في الأسواق وتراجع قيمة الجنيه أمام الدولار والعملات الأجنبية والبلطجة على المواطنين في مختلف الأجهزة والمؤسسات تتهم حكومة الانقلاب التجار بالجشع والاستغلال وتزعم أنهم السبب في ارتفاع الأسعار وعجز المعروض من السلع عن مواجهة الطلب، رغم أن الواقع يؤكد أن عصابة العسكر هي التي تحتكر السلع والمنتجات وهي التي ترفع الأسعار وتمارس البلطجة والسلب والنهب دون رادع من دين أو ضمير. حتى في شهر رمضان المبارك لا تتورع عصابة العسكر عن هذه الممارسات القذرة، لأنها لا تستطيع التمييز بين رجب وشعبان ورمضان فكل الأيام لديها مخصصة للسرقة والنهب واستنزاف المواطنين. ورغم أن مصر لديها جهاز لمحاربة الاحتكار وجهاز لحماية المستهلك، إلا أن أزمة تعامل بعض التجار التابعين للعصابة هي التي تقود إلى ارتفاع الأسعار وتختلق الأزمات، وبالتالي لا تستطيع هذه الأجهزة ممارسة دورها. جنون من جانبه وصف محمد عزب موظف أربعيني بإحدى الشركات الخاصة ارتفاع الأسعار في الأسواق المختلفة ب"الجنون" موضحا أنه يدرك تماما الأزمة الاقتصادية التي تعيشها البلاد بحكم وظيفته ومدى تأثيرها على تحريك الأسعار بسبب تحرير سعر الصرف، لكن من غير المعقول أن ترتفع الأسعار بنسب تفوق ارتفاع سعر الدولار نفسه. وقال عزب في تصريحات صحفية "سعر السلعة الواحدة مختلف في أكثر من متجر وسوق، بمعنى أنه لا يوجد معيار واضح لرفع السعر سوى هوى التاجر وضميره فقط، وفي كثير من الأحيان نجد تجارا بلا ضمير يحاولون استغلال الأزمة لمصلحتهم ". وعن مراقبة حكومة الانقلاب للأسواق، أضاف أسمع التصريحات مثل الجميع لكن على أرض الواقع وخلال معاملاتي اليومية لا توجد رقابة، خاصة مع زيادة أسعار سلع أساسية مثل الدواجن والبيض بشكل يومي. عادة يومية وتساءلت بثينة حسين موظفة على المعاش عن الجهة المنوطة بمراقبة الأسعار في الأسواق واتخاذ الإجراءات القانونية ضد التجار المخالفين لقرارات حكومة الانقلاب، مؤكدة أن الزيادات أصبحت عادة يومية للتجار، ما دفعها لشراء كميات كبيرة من بعض السلع وتخزينها قبل ارتفاع أسعارها مجددا. وقالت بثينة في تصريحات صحفية إن "تلاعب التجار بالأسعار واضح للجميع ولا يحتاج إلى إبلاغ سلطات الانقلاب، لأن ذلك سيعني التقدم بشكوى ضد أي تاجر كلما اشتريت أي شيء". وأكدت أن الجميع يضع أسعارا وفقا لتقييمه الشخصي من دون ضوابط أو تسعير، معربة عن اعتقادها بعدم جدوى التقدم بشكاوى لحكومة الانقلاب. كما تساءلت بثينة، هيقبضوا على مين ولا مين ده البلد كلها رفعت الأسعار؟. التسعيرة الجبرية حول مواجهة هذه الأوضاع المأساوية طالب الخبير الاقتصادي الدكتور وليد جاب الله بعودة التسعيرة الجبرية، مستبعدا أن تستجيب حكومة الانقلاب، لذلك بزعم أن التسعيرة الجبرية تتعلق باقتصاد اشتراكي تقدم فيه الحكومة المنتجات للتجار بأسعار معينة وتحدد نسبة ربح معينة ويقوم التجار ببيعها بأسعار معينة. وقال جاب الله في تصريحات صحفية "إذا كانت التسعيرة الجبرية تتعارض مع آليات الاقتصاد الحالي الذي يعتمد على أسس الاقتصاد الحر وتشجيع القطاع الخاص على العمل وفقا لمنافسة حرة، إلا أنها ضرورية لضبط السوق" وأوضح أن حكومة الانقلاب مسئولة عن السيطرة على الأسواق ومحاربة الاحتكار والسلوكيات الضارة بالمستهلك من خلال جهاز محاربة احتكار وجهاز حماية المستهلك بجانب اللجوء إلى نشر المعارض المجمعة التي تقدم من خلالها السلع الأساسية بأسعار عادلة لا تضر التجار وتقدم منتجا بسعر عادل للمستهلكين مع زيادة المعروض في الأسواق. وأشار جاب الله إلى أن هناك جزءا من التضخم مستورد يتعلق بارتفاع تكلفة الواردات بصفة عامة ارتباطا بالتضخم في بلد المنشأ، فضلا عن ارتفاع تكلفة النقل وحتى المنتجات المحلية فإن المواد الخام التي يتم استخدامها وكافة المستلزمات الإنتاجية ارتفعت بصورة كبيرة ارتباطا بارتفاعها في الأسواق العالمية، وبالتالي من الصعب مواجهة مشكلة ارتفاع الأسعار. وشدد على ضرورة تدخل مؤسسات المجتمع المدني وأن يكون هناك دور للجمعيات في القيام بعمليات الشراء الجماعي وتقديم الخدمات وتنظيم عمليات الشراء لأكبر قطاع من المجتمع. سعر الصرف وانتقد الباحث الاقتصادي محمد محمود عبد الرحيم انتشار التسعير العشوائي في الأسواق لمختلف السلع والمنتجات، مؤكدا أن هذا هو السبب في ارتفاع الأسعار . وحمل عبدالرحيم في تصريحات صحفية كبار التجار والموزعين الذين يرتبطون بعصابة العسكر مسئولية ارتفاع الأسعار، مؤكدا أن هؤلاء التجار لا يتنازلون عن أي هامش ربح، حيث يجد بعض التجار أوقات الأزمات والمخاطر فرصة للخروج بهامش ربح كبير ومن هنا يجب تكثيف الرقابة على الأسواق لمحاولة ضبط الأسعار. وشدد على ضرورة الضغط سواء على المصنعين والذين يتحملون تكاليف كبيرة في الأساس أو حتى صغار التجار، حيث تقل الربحية في ظل ارتفاع الأسعار، مطالبا بأن يكون هناك مزيد من الفعالية بقيام الأجهزة المعنية بدورها لحماية المستهلك، ومواجهة ظاهرة تخزين السلع للبيع بأسعار أعلى من المتاح للمستهلك النهائي بعد سحب السلع من الأسواق. وقال عبدالرحيم "إذا كان من الصعب تطبيق التسعيرة الجبرية على كل السلع بالشكل التقليدي فإن دولة العسكر مطالبة بالتدخل وتفعيل الرقابة على الأسواق من خلال تحليل التكاليف ". ولفت إلى أن هناك سلعا في الأسواق تسعر من خلال سعر صرف مبالغ فيه، مشددا على ضرورة ضبط سعر الصرف قبل أي شيء حتى تنخفض التكلفة ثم محاسبة المخالفين.