أكد خبراء الاقتصاد صعوبة العودة لنظام التسعيرة الجبرية علي السلع الاستهلاكية خاصة الغذائية وذلك في ظل اقتصاد السوق الحر الذي تتبعه مصر حاليا علي أساس قانون العرض والطلب. أشاروا إلي ان الدعوات الأخيرة التي تنادي بتطبيق التسعيرة الجبرية لمنع الممارسات الاحتكارية هي دعوات لا تتفق مع ما تنشده مصر حاليا من جذب للاستثمارات الخارجية وان تطبيق هذا النظام كان يصلح لفترة الستينيات عندما كان القطاع العام قويا ويتحكم في الانتاج. قالوا ان الحل يكمن في زيادة الانتاج والمعروض من السلع وكسر الممارسات الاحتكارية لخلق نوع من السيطرة علي ارتفاع الأسعار. طالبوا بتحديد هامش ربح لبعض السلع بطرق ودية وبالاتفاق مع التجار أفضل من فرض تسعيرة فتختفي السلع وتنشط السوق السوداء. في البداية تؤكد الدكتورة زينب عوض الله رئيس الجمعية القومية لحماية المستهلك ورئيس قسم الاقتصاد جامعة الاسكندرية ان نظام السوق الحر المعمول به في مصر الآن لا يعني الارتفاع في الأسعار بالشكل الذي نحن عليه الآن. فالحرية لا تعني الفوضي والسوق المصري منذ 40 عاما يتميز بأنه سوق احتكاري أو شبه ذلك وان المتحكم في الأسعار هو المنتج أو المستورد وهم عدد محدود من الأفراد في مصر. وبالتحديد فإن سوق المنتجات والسلع الزراعية في مصر من يتحكم بها هو الوسيط الاحتكاري. تضيف ان الحل ليس بوضع التسعيرة الجبرية ولكن هو كسر الاحتكار وضبط الأسواق وأن يكون لدي الحكومة آليات للرقابة وبتحديد هامش ربح بناء علي التكلفة الفعلية للسلعة. فلا يجوز أن يصل هامش الربح علي السلع المستوردة ليصل إلي 30 و40% فهل يعقل هذا وأين دور الدولة في ذلك؟.. وأين دور الأجهزة الرقابية التي تحمي المستهلك من جشع هؤلاء التجار؟.. وللأسف كلها لا تقوم بدورها. تشير انه علي رئيس الوزراء أن يستخدم صلاحياته الممنوحة له في المادة 10 من قانون الممارسات الاحتكارية حتي ولو كان هذا ضد رغبة رجال الأعمال. فعلي الحكومة الحالية تحمل مسئولياتها الاجتماعية في ضبط الأسعار للتخفيف عن المواطنين. الممارسات الاحتكارية تري الدكتورة هبة نصار رئيس قسم الاقتصاد بجامعة عين شمس انه لابد ان يكون هناك مراقبة شديدة من قبل الحكومة لحالة الأسواق والأسعار وعمل متوسط لمؤشر الأسعار للسلع الهامة ونشرها في وسائل الاعلام المختلفة. لا يخدم المستهلك يؤكد الدكتور باهر غانم عتلم رئيس قسم الاقتصاد بجامعة القاهرة سابقا ان وضع تسعيرة جبرية في ظل نظام السوق الحر ليس هو النظام الأمثل ومن يعتقد ان التسعيرة الجبرية في صالح المستهلك اعتقاد خاطيء والأفضل العمل علي زيادة العرض من السلع التي ترتفع سعرها حتي تتساوي مع الطلب عليها فهذا أفضل بكثير من وضع سعر محدد لها يعمل علي اختفائها من الأسواق ويبدأ ظهورها بالسوق السوداء وبسعر أعلي. يضيف: علي الدولة متابعة الأسواق لخلق التوازن بين العرض والطلب وأن تقوم هي بإمداد الأسواق بالسلع الضرورية في حالة زيادة سعرها بشكل لا يتفق مع تكلفة الانتاج. يقول خالد عبداللطيف عيش رئيس النقابة العامة للصناعات الغذائية وعضو الغرفة التجارية ان السوق المصري يعمل بنظام العرض والطلب ولا مجال للتسعيرة الجبرية في هذا النظام وان التحدث عن تطبيق التسعيرة الآن أمر لا يتفق مع ما تنشده مصر من جذب للاستثمارات من الخارج وان نظام التحكم في الأسعار من خلال التسعيرة الجبرية التي تفرضها الدولة كان معمولا به في الستينيات عندما كان يتحكم القطاع العام في انتاج السلع والآن تغير نظام السوق بشكل لا يتفق مع الماضي. يضيف ان التصريحات التي ترددت مؤخرا عن وزارة التموين بفرض التسعيرة الجبرية من شأنها أن تفسد مناخ الاستثمار في مصر وان الأسعار الحالية تخضع للعرض والطلب والتكلفة الفعلية يؤكد ان الانفلات الأمني الذي تشهده مصر يؤثر في حالة الأسعار بالأسواق نظرا لزيادة تكاليف النقل وأيضا بسبب أزمات الوقود. منافذ بيع حكومية يشير مصطفي الضو رئيس شعبة البقالة والعطارة ان تطبيق التسعيرة الجبرية لا تتماشي مع آليات السوق الحالية والذي يعتمد علي العرض والطلب وان السلع الوحيدة التي تقبل تسعيرها هي السلع المدعمة فقط مثل المواد التموينية كالزيت والسكر أو الوقود والخبز وإذا كانت الدولة راغبة في توازن الأسعار وعدم المغالاة من بعض التجار فعليها النزول للأسواق من خلال خلق منافذ بيع كبيرة لها مثل المولات المنتشرة الآن في مصر والتي تحاول أن تبيع بهامش ربح بسيط والباقي يحاول أن يبيع مثلها حتي لا يخرج من السوق وأري ان تشجيع المنافسة من قبل الدولة هو الحل الأمثل لانخفاض الأسعار وفي صالح المستهلك. الودية أفضل تؤكد سعاد الديب رئيس الاتحاد العام لجمعيات حماية المستهلك ان التسعيرة الجبرية لا تصلح الآن لأن الأمور اختلفت بشكل كبير حيث المنافسة والتنوع بالأسواق من خلال القطاع الخاص الذي أصبح الحصان الأسود في حجم الانتاج والمتحكم الفعلي بالأسواق من خلال السوق الحر. تضيف: لا يجب اللجوء للتسعيرة الجبرية سوي في بعض السلع الضرورية وبالاتفاق مع التجار ومن خلال اتحاد الغرف التجارية ولبعض الوقت حتي تستقر الأسعار مثل ما فعلته الحكومة في منع تصدير الأسمنت عندما احتاجه السوق المحلي. وهذا لا يكون عن طريق الاجبار ولكن بالاتفاق مع التجار وحتي لا يخاف المنتجون والمستثمرون ولابد من أن نشعرهم بمسئوليتهم تجاه المجتمع والوطن. تؤكد ان التسعيرة الودية أفضل بكثير من التسعيرة الجبرية.