عبر خبراء عن تعجبهم من رفع البنك المركزي الأخير لسعر الفائدة، أملا في كبح معدلات التضخم ارتفاع أسعار السلع في مصر ودعم الجنيه المصري الذي يفقد قيمته بشكل مطرد أمام العملات الأجنبية، في حين أن التضخم أغرق مصر. وقال تقرير لموقع المونيتور الأمريكي أن "فشل الزيادات المتكررة في أسعار الفائدة يغذي الشكوك بين بعض الاقتصاديين حول قدرة رفع المعدل الجديد على النجاح، بينما فشلت الارتفاعات السابقة" وسط حديث للبنك المركزي عن اضطرابات سلسلة التوريد محليا وانخفاض قيمة الجنيه ورمضان وضغوط جانب الطلب لتبرير معدلات التضخم. ودعم المركزي في رؤيته محمد عبد الحميد، عضو اللجنة الاقتصادية ببرلمان السيسي، وقال إن رفع الفائدة سيقلل السيولة الفائضة في السوق، مضيفا نأمل أن يساهم نقص الطلب على السلع والخدمات في خفض الأسعار، وبالتالي كبح موجة التضخم الحالية".
بالمقابل، قالت علياء المهدي، العميدة السابقة لكلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة "لا يمكن أن تنجح الزيادة الأخيرة في المعدل، حيث فشلت سابقاتها لأن حكومتنا تتبع سياسة توسعية بدلا من الانكماشية التي يجب أن تتبعها".
وأضافت "بدلا من الاعتماد على رفع أسعار الفائدة وحده، يتعين على الحكومة اتباع سياسة انكماشية من خلال خفض الإنفاق وتعليق الزيادات في رواتب موظفي الدولة الذين يزيد عددهم عن 5 ملايين، هذا الإنفاق سيؤدي بالضرورة إلى ارتفاع التضخم، لأنه لا يقابل بزيادة في الإنتاج".
وقال التقرير إن "فشل خطط الادخار الجديدة في ضخ الأموال في جيوب الناس سوف يترجم إلى زيادة الطلب على السلع والخدمات في السوق، بحسب اقتصاديين".
ونقل عن خالد الشافعي، مدير مركز كابيتال للدراسات الاقتصادية، أن هذه الزيادة في الطلب سترفع معدل التضخم أكثر.
وأضاف "هناك زيادة في الودائع بالعملات الأجنبية في البنوك الوطنية، مما يعكس على الأرجح تراجع الثقة في العملة الوطنية". وقال التقرير إن "أسعار الموادّ الغذائية والسلع تتصاعد منذ عام كامل حتى الآن، ما يجعل من الصعب على بعض المصريين التأقلم وإجبار السلطات المصرية على زيادة الدعم الاجتماعي والمالي للفقراء، خوفا من رد فعل عنيف من ذلك جراء تدهور الوضع الاقتصادي". مدخرات الجنيه وعن تأثير انسحاق الجنيه أمام معدلات التضخم المترفعة أشار التقرير إلى مقترح محمد علي خير، الذي دعا إلى استخدام السيولة الفائضة في السوق لبدء مشروعات إنتاجية تضيف قيمة للاقتصاد، وتساعد المصريين على حماية مدخراتهم.
وأوضحت أن مدخرات الناس يتم تآكلها، وبخاصة أن الفوائد على خطط الادخار لا تعوض هذه الخسارة، وهذا هو السبب في أن بعض الناس يقولون إنهم "سيبتعدون عن الادخار ويبدأون في الاستثمار في المتاجر ذات القيمة، مثل الذهب والعقارات والسيارات، مثل محمد صبيح الذي فضل ذلك على الادخار في البنوك. أسعار الفائدة ورفعت لجنة السياسة النقدية، هيئة صنع القرار في البنك المركزي، أسعار الفائدة الرئيسية في 30 مارس بنسبة 2٪، للمرة الأولى في عام 2023، وللمرة الخامسة منذ مارس من العام الماضي.
ورفعت سعر الفائدة على الإيداع لليلة واحدة وسعر الإقراض لليلة واحدة وسعر الفائدة التشغيلية الرئيسية إلى 18.25٪ و19.25٪ و18.75٪ على التوالي.
وأشار البنك المركزي إلى اضطرابات سلسلة التوريد محليا وانخفاض قيمة الجنيه المصري وضغوط جانب الطلب لتبرير معدلات التضخم، ولفت كذلك إلى الأثر الموسمي لشهر رمضان، وهو ما أثّر على أسعار الموادّ الغذائية.
وبلغ معدل التضخم السنوي الرئيسي في مصر 31.9٪ في فبراير، وهو أعلى معدل في خمس سنوات ونصف، في حين قفز التضخم الأساسي إلى مستوى قياسي بلغ 40.26٪ في نفس الشهر، وفقا لتقارير الحكومة. وتطمح مصر إلى خفض معدل التضخم الرئيسي إلى 7٪ في المتوسط بحلول الربع الرابع من عام 2024 و5٪ في المتوسط بحلول الربع الرابع من عام 2026.
وبعد يومين من رفع البنك المركزي لأسعار الفائدة في 30 مارس، قدّم أكبر بنكين في البلاد البنك الأهلي المصري، وبنك مصر، شهادتي إيداع بعائد ثابت بنسبة 19٪ وعائد متناقص بنسبة 22٪.
وكشف البنكان عن الشهادات الجديدة في الوقت الذي بدأ فيه أفراد الجمهور الذين أودعوا مئات المليارات من الجنيهات في شهادات إيداع مقدمة من البنكين بعائد 18٪ قبل عام باسترداد أموالهم مع استحقاق الشهادات.
وكانت شهادات العائد البالغة 18٪ محاولة من قبل بنوك الدولة لامتصاص السيولة الفائضة في السوق وكبح جماح التضخم، حيث حاولت مصر الحدّ من الآثار المترتبة على الضربات المؤلمة التي تلقتها من حرب روسيا على أوكرانيا، وهو تطور أثبت أنه مدمر اقتصاديا على الدولة التي تعتمد على الاستيراد.
وأدى ارتفاع أسعار السلع في السوق الدولية بسبب الحرب، إلى اضطرار مصر إلى جمع المزيد من الدولارات لتلبية احتياجاتها من الواردات، لا سيما الغذاء ومتطلبات الإنتاج.
لكن هذا حدث أيضا مع انخفاض عائدات قطاع السياحة، وهو مصدر رئيسي للعملة الأجنبية للبلاد، بشكل حادّ، حيث شكلت الدولتان ما يقرب من ثلث السياح الوافدين في سنوات الذروة.
واعتادت مصر على استيراد معظم وارداتها الزراعية، وبخاصة القمح والذرة وزيوت الطبخ، من روسياوأوكرانيا، وهذا يعني أن الدولة العربية اضطرت إلى البحث عن مصادر أخرى لطعامها، ولكن بأسعار أعلى، وتسبّبت الانخفاضات المتكررة في قيمة الجنيه في خسارة أكثر من 50٪ من قيمته خلال العام الماضي.