بات خبرا معتادا مشاركة السيسي في اختبارات تعيين الموظفين في الوظائف المدنية، وتخريجهم من الأكاديمية العسكرية، مثلما حدث مع موظفي هيئة النقل مؤخرا، وموظفي الضرائب ومن قبلهم المرشحين للوظائف الدبلوماسية ، وصولا إلى حضوره وإشرافه على اختبارات المعلمين الجدد، بمقر وزارة الدفاع، أمس الإثنين. وهو ما يمكن تفسيره بأمرين، الأول العسكرة الجديدة لكل وظائف الدولة وتعبيد الشعب لللبيادة العسكرية، حتى في مصادر رزق المواطنين، وهو تحكم لا يمكن تفسيره إلا بالرعب من انفجار ثورة شعبية ينتظرها السيسي، والأمر الآخر هو التنكيل بمعارضي السيسي وأبنائهم وإيصال رسالة بأنه لن يسمح لأحد يخالفه بمجرد العيش بمصر، من قضاة ودبلوماسيين وموظفي النقل والمعلمين ومأموري الضرائب وغيرهم. وشهد السيسي، الإثنين، اختبارات المعلمين المتقدمين للالتحاق بوظائف مدنية في وزارة التربية والتعليم، الخاضعة لإشراف الأكاديمية العسكرية في مقر الكلية الحربية، وذلك بحضور وزير الدفاع الفريق محمد زكي ووزير التعليم رضا حجازي ومدير الأكاديمية العسكرية الفريق أشرف سالم.
واطلع السيسي، بحسب بيان الرئاسة على منظومة تسجيل نتائج الاختبارات الإلكترونية للمعلمين الجدد، التي ترصد البيانات الخاصة بالمتقدمين، وما حققوه من نتائج أثناء تأديتهم مراحل الاختبارات المختلفة، حتى وصولهم إلى المرحلة النهائية. كما أجرى السيسي حوارا مع المتقدمين للتعرف على رؤاهم وأفكارهم بشأن الوظائف المتقدمين للالتحاق بها، وقضايا الاقتصاد والأزمات المجتمعية. وتستهدف وزارة التربية والتعليم تعيين 30 ألف معلم سنويا بإجمالي 150 ألفا على مدى 5 سنوات، براتب شامل لا يجاوز 3800 جنيه شهريا، بهدف سد العجز الحاصل في المدارس، لا سيما في مرحلة رياض الأطفال وصولا إلى الصف الثالث الابتدائي. عسكرة جميع الوظائف
وسبق أن شهد السيسي اختبارات المتقدمين للالتحاق بعدد من الوظائف في الهيئات التابعة لوزارة النقل، وهي الاختبارات التي جرت تحت إشراف الأكاديمية العسكرية، بدعوى تعزيز جهود اختيار أفضل الكوادر والكفاءات من المتقدمين. وفي أكتوبر الماضي، احتفلت الأكاديمية العسكرية بتخريج الدفعة الأولى من مأموري الضرائب المرشحين للعمل في مصلحة الضرائب، بعد إتمام دورتهم التدريبية في الكلية الحربية بالتنسيق مع وزارة المالية، وخضوعهم للتدريب في المنشآت التعليمية بالقوات المسلحة.
الجيش يسيطر على القطاع المدني
ومن السيطرة على الاقتصاد والمشاريع الاقتصادية بجميع قطاعات الدولة، وسّع السيسي بقراراته الانفرادية حضور الجيش في كل تفاصيل الحياة، حتى أصبح مسؤولا عن تدريب واختبار أي متقدمين للوظائف العامة في الجهاز الإداري، وإخضاعهم لدورات حول "مقتضيات الأمن القومي" بناء على تعليمات مباشرة من السيسي، للتأكد من ميولهم السياسية تجاه السلطة الحاكمة، وعدم تسرب أي معارضين لها في جهاز الدولة.
وصدّق السيسي في عام 2021 على تعديل قانون الفصل بغير الطريق التأديبي رقم 10 لسنة 1972، الذي يقضي بفصل أي موظف في الجهاز الإداري للدولة يَثبُت انتماؤه إلى جماعة "الإخوان المسلمين" في مخالفة صريحة لأحكام الدستور الذي نص على "عدم التمييز بين المواطنين أمام القانون بسبب الانتماء السياسي أو لأي سبب آخر".
ومثّل تعديل القانون مقدمة لتطبيق خطة الحكومة للتنكيل بجماعة "الإخوان" وامتداداتها في المجتمع المصري، من خلال قوننة فصل الآلاف من الموظفين الذين يبدون آراء مخالفة لتوجهات النظام الحاكم، سواء في أماكن عملهم في الوزارات والهيئات الحكومية، أو عبر صفحاتهم الشخصية على مواقع التواصل الاجتماعي، على غرار ما حدث في السنوات الماضية في قطاعات، أبرزها التعليم والبنوك والبترول والجامعات ودواوين الوزارات الخدمية. ويكاد يجمع المراقبون على أن حالة الخوف الكبيرة التي يعانيها السيسي ونظامه من الانقلاب عليه من داخل نظامه أولا ، سيُصعّد من الإجراءات القمعية لجميع موظفي الدولة، بعدما تمكن ببلطجيته الأمنيىة في قمع المعارضين له وجماعة الإخوان المسلمين، حتى باتوا مشتتين بين السجون والمقابر والغربة القاسية خارج البلاد أو كمطاردين في مجتمعهم بلا أمن أو مصدر رزق أو مستقبل لهم ولذويهم. ولكن تلك الإجراءات التي يتبعها السيسي لن تحميه للأبد، إذ ترصد العديد من الدوائر الاستخباراتية الغربية تنامي حالة التململ داخل قطاعات حساسة بالدولة، منها المخابرات والجيش، الذين باتوا غير راضيين عن سياسات السيسي في كثير من الملفات كتيران وصنافير وبيع أصول الدولة المصرية وسيطرة الإمارات على مفاصل الدولة المصرية وأزمة المياه وسد النهضة وغيرها.