رغم تسريع السيسي وتيرة بيع أصول مصر الاقتصادية من أجل تسديد الديون والانفلات من السداد المستحق وإلا إعلان الإفلاس، إلا أن جهوده الغاشمة للتنازل عن أصول مصر أُصيب بضربة موجعة مؤخرا، حيث قررت هيئة التنسيق الحضاري رفض مخطط السيسي لبيع حديقتي الحيوان والأورمان للإمارات، وهي الخطة المعلن عنها مؤخرا، تحت شعار التطوير. وقبل أيام كشفت مصادر مطلعة على دراسة ما يسمى تطوير حديقتي الحيوان والأورمان بالجيزة أن التوقيع الرسمي على العقود معطل بسبب ملفين، الأول هو تحفظ جهاز التنسيق الحضاري على المخطط، والثاني، سعر التذكرة بعد التطوير. وكان مصدران بوزراتي الإنتاج الحربي والزراعة، مُطلعين على مخطط تطوير الحديقتين، كشفا في تصريحات صحفية، الأسبوع الماضي، عن نقل إدارة الحديقتين إلى تحالف ثلاثي الأطراف، طرفين حكوميين وآخر إماراتي، لمدة 25 عاما تبدأ من يناير 2023. الجانب الإماراتي سيكون ممثلا في شركة Worldwide Zoo Consultants، ومقرها الرئيسي أبوظبي، في حين سيكون الطرفان الحكوميان الآخران هما شركة الإنتاج الحربي للمشروعات والاستشارات الهندسية، ممثلة عن وزارة الإنتاج الحربي، وهيئة الخدمات البيطرية ممثلة عن وزارة الزراعة. كما أن التحالف سيضم شركة «أبناء سيناء» للمقاولات، المملوكة لرجل الأعمال، إبراهيم العرجاني، المقرب من السيسي ونجله محمود، والذي يقوم بمهام سرية بعضها قذرة في سيناء وقطاع غزة، حيث من المفترض أن تتولى الشركة مهمة تطوير منشآت الحديقتين.
مشروع التطوير وكان الجهاز القومي للتنسيق الحضاري قد تلقى الأسبوع الماضي نسخة من مشروع تطوير حديقتي الحيوان والأورمان، ووجده غير ملتزم بدليل الحدائق ذات الطابع المعماري المتميز، الذي أصدره الجهاز في عام 2021، واعتُمد من المجلس الأعلى للتخطيط والتنمية العمرانية بوزارة الإسكان. ونص الدليل على طرق التعامل مع الحدائق التي يعود تاريخ تأسيسها إلى القرنين التاسع عشر والعشرين، وتنطبق عليها المواصفات المنصوص عليها في القانون رقم 144 لسنة 2006 في شأن تنظيم هدم المباني والمنشآت غير الآيلة للسقوط والحفاظ على التراث المعماري. ووسط ضغوط من مؤسسات سيادية ومقربين من لسيسي، أن الجهاز اتفق مع وزارتي الزراعة واستصلاح الأراضي والإنتاج الحربي، على إعادة تهيئة المخطط بما يناسب الدليل، وإعادة عرضه على الجهاز مرة أخرى قبل التوقيع الرسمي لبدء العمل. يشار إلى أن الحديقتين مُسجلتين كونهما حدائق ذات طابع معماري متميز، ويُقصد به التسجيل الكامل لهما من أشجار ونباتات قديمة بعضها نادرة، وأيضا المعمار داخل الحديقتين من جسور معلقة على سبيل المثال. ومع الضغوط السياسية التي يواجهها جهاز التنسيق الخضاري، اقترحت سهير حواس، عضوة الجهاز القومي للتنسيق الحضاري، انتقال لجنة مشتركة بين الجهاز ووزارة الآثار إلى حديقة الحيوان، لحصر ما فيها من آثار مسجلة وفقا لقانون الآثار رقم 117 لسنة 1983، وتخطر اللجنة بدورها الشركات المنفذة للمشروع بمواقع الأماكن المُسجلة كآثار أو كتراث معماري مميز. يشار إلى أن عام 2010 شهد بشكل رسمي تسجيل حديقة الحيوان بالجيزة في عداد الآثار الإسلامية والقبطية، بحسب قرار وزاري أصدره وزير الثقافة الأسبق، فاروق حسني، وحمل رقم 295 لسنة 2010، وبالتالي لا يجوز ترميمه إلا بموافقة وإشراف المجلس الأعلى للآثار.
سعر التذكرة أما الملف الثاني، الذي ما زال عائقا أمام إتمام التوقيع الرسمي، هو سعر التذكرة المقترح الذي قدمه التحالف، والذي يتراوح بين 20 إلى 50 جنيها، وهو ما تم رفعه لجهات سيادية، لحسم الأمر. يشار إلى أن حديقتي الحيوان والأورمان بالجيزة سيتم غلقهما عند الانتهاء من توقيع عقود تطويرهما، نظرا لحجم الإنشاءات الكبيرة في البنية الأساسية، وسط رفض شعبيوغضب اجتماعي موسع على إثر ارتباط المصريين والطبقات الفقيرة بالحديقتين كوجة سياحية وترفيهية لغالبية المصريين. وظهرت ملامح مشروع تطوير حديقتي الحيوان والأورمان، بعد اقترح عبد الفتاح السيسي، على الحكومة تطوير أصول الدولة من حدائق ومتنزهات بالاستعانة بالقطاع الخاص والخبرات الأجنبية لرفع قيمتها التسويقية لبعيها للأجانب أو تأجيرها لفترات طويلة، بعدها اجتمع رئيس مجلس الوزراء، مصطفى مدبولي، في نوفمبر 2021، مع وزير الزراعة واستصلاح الأراضي، السيد القصير، ووزير الدولة للإنتاج الحربي السابق، محمد أحمد مرسي، ورئيس الإدارة المركزية لحدائق الحيوان، لواء طبيب محمد رجائي، ورئيس مجلس إدارة شركة الإنتاح الحربي للمشروعات. وبعد أيام من الاجتماع، كشف مصدر حكومي عن لجنة تكونت من عدة وزارات تتولى دراسة تطوير 15 حديقة مملوكة لوزارة الزراعة، على أن تكون حديقة حيوان الجيزة تجربة مقتبسة عن حديقة برلين في ألمانيا، أيضا شملت مقترحات التطوير حديقة أنطونيادس بالإسكندرية، والنباتات بأسوان. بعد ثلاثة أشهر على اجتماع مجلس الوزراء، في فبراير 2022، اجتمع وزير الزراعة واستصلاح الأراضي، مع وزير الدولة للإنتاج الحربي السابق، بحضور استشاري المشروع، برنارد هاريسون، صاحب شركة Bernard Harrison and Friends لاستشارات وتصميمات الحياة البرية، واستعرضا خلال الاجتماع دراسات الاستشاري.
تطوير ضد إرادة المصريين في ديسمبر الماضي، وافق مجلس وزراء الانقلاب على التعاقد بين وزارة الزراعة واستصلاح الأراضي، والهيئة القومية للإنتاج الحربي، والهيئة العامة للخدمات البيطرية، بشأن المشروع. وبعد الإعلان عن نية الحكومة لتطوير حديقتي الحيوان والأورمان بمشاركة القطاع الخاص، ثار جدال حول ماهية خطة التطوير، وإذا ما كان تشمل بيع الحديقتين للمستثمرين؟ وردا على تلك المخاوف، أصدرت وزارة الزراعة واستصلاح الأراضي بحكومة الانقلاب، بيانا، نفت فيه نقل ملكية «الحيوان» و«الأورمان» لأي جهة أو دولة أخرى، وقالت إن الحديقتين ستظلان تابعتين لولايتها. وأوضحت الوزارة أن الهيئة القومية للإنتاج الحربي المسند إليها عملية تطوير الحديقتين والإشراف على الإدارة سوف تستعين بتحالف من الشركات العالمية المتخصصة في تطوير الحدائق وبالشراكة مع القطاع الخاص المصري. فيما يرى خبراء أنه مع تصاعد الأزمة الاقتصادية سيتصاعد توجهات السيسي ونظامه للبيع والتفريك في أصول مصر، تحت شعارات التطوير والاستثمار وجلب الأموال ، فيما تتتفاقم الديون وفوائدها لتبتلع 130% من الناتج القومي الإجمالي، وسط نهم السيسي لاقتراض والاستدانة من الداخل والخارج لبناء مشاريع فنكوشية لا فائدة ولا جدوى منها اقتصاديا.