في الوقت الذي يعاني فيه المصريون من الارتفاع الجنوني في أسعار السلع والمنتجات؛ ما حول حياتهم إلى جحيم في زمن عصابة العسكر تخرج حكومة الانقلاب لتزيد المعاناة من خلال زعمها أنها سوف تواجه ارتفاع الأسعار ولن تسكت على أي مبالغة أو مغالاة في الأسعار وسيتم اتخاذ الإجراءات اللازمة . عندما يسمع المواطنون هذه التصريحات يتصورون أن حكومة الانقلاب توصلت إلى خطة حاسمة لخفض الأسعار، لكن سرعان ما يخيب أملهم في هذه الحكومة الفاشلة، حينما تعلن تفاصيل خطتها الهزلية لمواجهة ارتفاع الأسعار وأنها تعتمد على إلزام التجار ومنافذ البيع بالإعلان عن الأسعار وفي نفس الوقت ترفض حكومة الانقلاب الإفراج شحنات البضائع المحتجزة في المواني منذ شهر فبراير الماضي بسبب أزمة الدولار والتي كانت قد تعهدت بالإفراج عنها ثم تراجعت ولم تنفذ تعهداتها رغم أن احتجاز البضائع هو السبب الرئيسي في ارتفاع الأسعار. ورغم توجيهات رئيس وزراء الانقلاب مصطفى مدبولي بضرورة الإفراج عن البضائع المتراكمة بالموانئ، وهي التوجيهات التي أصدرها خلال اجتماع عقده أول أمس الأربعاء مع محافظ البنك المركزي، ووزيري المالية والتجارة، ورئيس مصلحة الجمارك. وطالب مدبولي بتكثيف العمل على تقليص زمن الإفراج لمختلف الشحنات الموجودة بالموانئ، خاصة ما يتعلق منها بالسلع الاستراتيجية، والمواد الغذائية، تحقيقا لزيادة المعروض منها، لا سيما مع اقتراب شهر رمضان، وتأمينا للمخزون من تلك السلع، بحسب بيان صادر عن مجلس الوزراء عقب الاجتماع. ويشير مراقبون إلى أن تلك التوجيهات لن تحل المشكلة؛ حيث سبق أن زعم أن هناك سلعا استراتيجية تمس المواطن سيتم وضع مدى سعري لها، زاعما أن حكومة الانقلاب لن تسكت على أي مبالغة أو مغالاة في الأسعار وسيتم اتخاذ الإجراءات اللازمة" وهو ما لم يتحقق. وطالب مدبولي في تصريحات صحفية المواطنين بالإبلاغ عن أي محل لا يعلن عن الأسعار بعد انقضاء مدة مهلة الأسبوعين بحسب تعبيره. وزعم أن دولة العسكر تتحمل أعباء مالية كثيرة لتخفيف الأعباء المعيشية عن المواطنين ، لافتا إلى أن حكومة الانقلاب لن تسكت ولن تسمح بأي مغالاة في الأسعار أو استغلال الموقف وفق تعبيره.
توقف الإنتاج في المقابل حذر عماد قناوي رئيس شعبة المستوردين في الغرفة التجارية بالقاهرة، من أن استمرار تكدس البضائع في الموانئ سواء كانت مستلزمات إنتاج أو خامات أو بضائع تامة الصنع، أمر تزيد آثاره السلبية بشكل كارثي يوما بعد يوم وسيؤدي إلى ارتفاعات جنونية في أسعار مختلف السلع والمنتجات. وكشف قناوي في تصريحات صحفية أن هناك الكثير من المصنعين في حالة توقف عن الإنتاج بشكل كامل، مشيرا إلى أن البعض يعمل بطاقة 50%، والبعض الآخر يعمل بطاقة 30% تجنبا للتوقف والحفاظ على العمالة بقدر المستطاع. وأوضح أن ما زاد من حجم الأزمة وتأثيرها، الزيادة المستمرة في سعر صرف الدولار مقابل الجنيه، وحالة الترقب لزيادات أخرى في سعر الصرف، وكذلك التوقف عن المبادرات التمويلية، وزيادة فوائد الودائع، مؤكدا أن جميع هذه العناصر مجتمعة وفي وقت واحد، أسهمت في ارتفاع الأسعار وزيادة الحالة التشاؤمية في السوق المصرية. وأشار قناوي إلى أن أسباب التوقف والإغلاق بالنسبة للمصانع والشركات أصبحت أعلى بكثير من أسباب الاستمرار في الإنتاج .
حالة ارتباك وأكد أحمد شيحة، عضو شعبة المستوردين بالغرفة التجارية، أن هناك حالة ارتباك شديدة في الأسواق بسبب احتجاز شحنات البضائع المستمر في الموانئ. وقال شيحة في تصريحات صحفية إن "فشل حكومة الانقلاب في تدبير العملة هو العامل الأساسي في عدم خروج البضائع من الموانئ، مشيرا إلى أنه لم يتم الإفراج عن البضائع رغم تعهد البنك المركزي خلال الشهرين الماضيين بتدبير العملة وبالتالي الإفراج عن البضائع". وحذر من أن الأمر سيئ جدا، وهناك حالة من الارتباك في المصانع وخطوط الإنتاج والأسواق، وهو أمر أدى لارتفاعات كبيرة جدا في الأسعار؛ بسبب نقص البضائع والمعروض. وكشف شيحة أن التجار متمسكون بمخزون البضائع الموجود لديهم، ويسعرونه وفقا لرويتهم الشخصية؛ بسبب عدم التوقع بإمكانية تعويضهم، موضحا أن هناك بضائع مكدسة في الموانئ، بقيمة 6 مليارات دولار . وأضاف ، لا نعلم ما الحل في المرحلة المقبلة، وكنا نتوقع أن يؤدي قرض صندوق النقد الدولي إلى سيولة في الأسواق بعد يوم 16 ديسمبر الجاري، لكن لم يحدث أي شيء. وأعرب شيحة عن أمله في التوصل إلى حلول سريعة خلال الأيام المقبلة لأن الأوضاع ليست جيدة وقد تؤدي إلى كارثة .
استغلال التجار وطالب الخبير الاقتصادي الدكتور وليد جاب الله، عضو الجمعية المصرية للاقتصاد والإحصاء والتشريع، بضرورة دعم الصناعة المصرية من جانب حكومة الانقلاب ، مؤكدا أن النهوض بالصناعة وزيادة الإنتاج سينعكس أثره الإيجابي على الصادرات المصرية التي ستعمل على انخفاض أسعار السلع والمنتجات. وقال جاب الله في تصريحات صحفية إنه "لا يوجد مبرر حقيقي للمغالاة في أسعار السلع في ظل وجود مخزون استراتيجي يكفي من السلع الأساسية ، ولكن استغلال التجار للمواطن السبب في ارتفاع الأسعار". وأشار إلى أن إلزام المحال والمتاجر بإعلان الأسعار على السلع ليس كافيا لمواجهة الارتفاع غير المبرر لبعض السلع الاستراتيجية. وطالب جاب الله حكومة الانقلاب بإلزام التجار بوضع هوامش ربح على السلع والمنتجات حتى تضبط الأسعار والسوق دون مغالاة في على حساب المستهلك. وشدد على ضرورة أن تكون الأسعار المحددة مثلا لكيلو الأرز الأبيض الفاخر الذي لا تزيد فيه نسبة الكسر على 3% المعبأ تعبئة فاخرة بما لا يزيد على 18 جنيها، وكيلو الأرز الأبيض المعبأ بما لا يزيد على 15 جنيها، وكيلو الأرز الأبيض غير المعبأ بما لا يزيد على 12 جنيها، على أن تلتزم كل المتاجر والمحال وغيرها من منافذ البيع بالإعلان عن أسعار بيع الأرز الأبيض في أماكن ظاهرة لروادها من المشترين.
الكميات المطلوبة وقال الخبير الاقتصادي الدكتور عبدالنبي عبدالمطلب إن "ضبط الأسواق المحلية وأسعار السلع الأساسية يحتاج إلى توفير الكميات المطلوبة لمواجهة الطلب المحلي عليها ودون ذلك مهما كانت الإجراءات المتخذة والتي سوف يتم اتخاذها لن تستقر الأسواق". وأضاف عبد المطلب في تصريحات صحفية ، تابعنا ما حدث في سوق الأرز حيث كانت هناك ارتفاعات كبيرة في الأسعار ، مشيرا إلى أن آلية العرض والطلب تؤدي إلى ضبط وتوازن الأسواق. وطالب حكومة الانقلاب باتخاذ تدابير عاجلة حتى تتمكن من تقليل الأثر السلبي المحتمل في حالة رفع سعر الفائدة، مشيرا إلى ضرورة العمل على توفير تمويل منخفض التكاليف للمشروعات الحيوية، والمشروعات الصغيرة ومتناهية الصغر وضبط الأسعار بالأسواق المحلية.