تشهد الأسواق المصرية حالة من الانفلات والفوضى كما تشهد ارتفاعات غير مسبوقة في أسعار السلع الغذائية والأساسية واختفاء بعض المنتجات ومنها الأرز بمختلف أنواعه الفاخرة والعادية وذلك رغم بداية موسم التوريد المحلي، وقرار حكومة الانقلاب بتوريد طن عن كل فدان مزروع بالمحصول لتوفير مخزون استراتيجي. كان علي المصيلحي، وزير تموين الانقلاب قد أصدر القرار رقم 109 لسنة 2022، لتنظيم عملية التداول والتعامل على الأرز الشعير المحلي لهذا الموسم، منذ بداية موسم توريد شعير الأرز المحلي من 25 أغسطس الماضي وحتى 15 ديسمبر المقبل، وزعمت وزارة تموين الانقلاب أنها تستهدف توريد 1.5 مليون طن أرز. وشددت حكومة الانقلاب على إجبارية توريد طن واحد أرز شعير عن كل فدان مزروع ، وهو ما يعادل 25% من إنتاجية الفدان لحساب هيئة السلع التموينية، بهدف تعزيز الأمن الغذائي من السلع الأساسية، وتحقيق الاكتفاء الذاتي من سلعة الأرز وتأمين احتياجات بطاقات التموين والأسواق وفق تعبيرها. في المقابل تزايدت شكاوى المواطنين من ارتفاع أسعار الأرز ووصول الكيلو إلى 18 جنيها للسائب و 25 جنيها للمعبأ ، كما تزايدت الشكاوى من اختفاء 3 أنواع ماركات أرز من الهايبرات والسوبر ماركت والمحال التجارية، مثل «أرز الساعة والضحى والمطبخ». وتساءل المواطنون كيف ترتفع الأسعار في الوقت الذي أصدر فيه مصطفى مدبولي رئيس وزراء الانقلاب، قرارا بتحديد سعر بيع كيلو الأرز الأبيض وفرض تسعيرة جبرية بعد تجاوز سعر الكيلو 25 جنيها؟ وأشاروا إلى أن قرار مدبولي تضمن ألا يزيد سعر الأرز الأبيض المعبأ عن 15 جنيها، وسعر الكيلو غير المبعأ منه «السائب» لا يزيد عن 12 جنيها ، لكن البائعين لم يلتزموا بهذا القرار .
حالة انفلات في هذا السياق كشفت مصادر مطلعة أن هناك حالة من الانفلات في الأسعار مع انخفاض الكميات المعروضة من محصول الأرز في مختلف المحلات ومنافذ هيئة السلع التموينية، موضحة أن الأزمة الحقيقية تتمل في تحديد تسعيرة الأرز، وزيادة الأسعار المتداولة بالأسواق التي وصلت إلى 18 و20 جنيها للكيلو سواء المعبأ أو السائب. وأشارت المصادر إلى أن هناك غيابا تاما للرقابة على الأسواق للتحكم في الأسعار، وذلك رغم تحديد سعر 12 و25 جنيها للأرز عريض ورفيع الحبة من مجلس وزراء الانقلاب ، موضحة أن الأزمة الحقيقية تتمثل في المطالبة بسعر مناسب لبيع الأرز وعدم المغالاة في هذه السلعة .
أعلاف وقال رجب شحاتة رئيس شعبة الأرز باتحاد الصناعات، إن "إنتاجية الأرز هذا العام كافية لتعطية احتياجات الأسواق ، مشيرا إلى أنه تم إنتاج نحو سبعة ملايين طن شعير ، وبالتالي ليس هناك أي مبرر لارتفاع الأسعار". وأضاف شحاتة في تصريحات صحفية، أن هذه الكميات تتيح أكثر من 3.6 مليون طن أرز أبيض، في حالة المحافظة على الإنتاجية كاملة، موضحا أن الاستهلاك يتراوح بين 3 – 3.5 مليون طن أرز أبيض، ما يعني أن هناك أكثر من نصف مليون زائدة عن الاستهلاك المحلي. وأعرب عن تخوفه من تحول أرز الشعير للأعلاف، باعتباره الأرخص سعرا، موضحا أن الكمية التي تم جمعها حتى الآن في المضارب وفروع البنك الزراعي تصل إلى 45 ألف طن فقط. ولفت شحاتة إلى أن سعر توريد الأرز في منظومة التموين مختلف عن السعر الخارجي، مؤكدا أن السوق يشهد حالة من التعطش، دفعت المستهلك لطلب السلعة بأي سعر.
العرض والطلب وقال الخبير الاقتصادي الدكتور عبد النبي عبد المطلب إن "الأسعار الخاصة بالسلع المختلفة في مصر بعيدة كل البعد عن آليات العرض والطلب للأسف الشديد، مشيرا إلى أنه رغم وجود معارض حكومية لبيع السلع بأسعار مخفضة، إلا أن الأسعار لا تنخفض". وأضاف عبد المطلب في تصريحات صحفية أن مسألة توافر السلعة في الأسواق قد لا يساهم في خفض الأسعار فقط، لكنه على الأقل سيمنع ارتفاعها واختفاء بعضها من الأسواق بنسبة كبيرة .
أزمة مفتعلة وقال هشام الدجوي، رئيس شعبة البقالة والمواد الغذائية بالغرفة التجارية بالجيزة إنه "بعد قرار تحديد سعر الأرز كان من المفترض أن تلتزم جميع المضارب والشركات بتطبيق سعر ال15 جنيها للكيلو، مشيرا إلى أن هناك بعض الشركات التي تضبط أوضاعها وإنتاجها لكن ليس كل الشركات". وأضاف «الدجوي» في تصريحات صحفية أن سعر أرز الضحى والساعة والمطبخ كان يتجاوز ال25 جنيها وهو أمر غير مقبول لأنه سعر مبالغ فيه، لافتا إلى أن أنواعا أخرى من الأرز متوفرة بالأسواق بسعر 15 جنيها وذات جودة عالية. وأشار إلى أن بعض الشركات تتعمد حجب المنتج لافتعال أزمات ومن ثم ترتفع الأسعار، لافتا إلى أن قرار رئيس وزراء الانقلاب بتحديد سعر الأرز كان من المفترض تطبيقه منذ الشهر الماضي ولكن تم تأجيله من قبل الشركات لتوفيق أوضاعها والتعامل بالسعر الجديد. وأوضح «الدجوي» أن منتجات الضحى والساعة والمطبخ لا تزال موجودة في الأسواق لكن بكميات قليلة، مؤكدا أن هذه المنتجات أحدثت ضجة بالسوق وأثبتت جودة منتجاتها لكن أسعارها مبالغ فيها ولا تتناسب مع الظروف التي يتعايش معها المواطن المصري . ولفت إلى أنه ليس هناك خسائر لشركات الأرز بسبب قرار تحديد السعر، موضحا أن توقف هذه الشركات عن طرح منتجاتها في السوق يعطي ميزة للشركات الأخرى في الظهور وتحسين مبيعاتها.