كشفت وكالة "رويترز" أن بيانات نشرتها الهيئة المنظمة لقطاع الكهرباء أظهرت أن كمية زيت وقود المازوت كثيف الكربون الذي تستخدمه مصر في محطات الكهرباء وصلت إلى أعلى مستوياتها في خمس سنوات مع سعيها لتعظيم كمية الغاز الطبيعي المتاحة للتصدير. وأشارت الوكالة إلى أن التحول نحو المازوت، الذي ينتج في الغالب في روسيا، يسمح لمصر بتوليد الكهرباء بتكلفة أقل وتصدير المزيد من الغاز لتخفيف النقص الحاد في العملة الأجنبية. وأضافت ، أظهرت بيانات جهاز تنظيم مرفق الكهرباء وحماية المستهلك أن حصة مازوت من إجمالي مدخلات توليد الطاقة بلغت 20.95٪ في أكتوبر، كان هذا هو الأعلى في مثل هذه البيانات منذ سبتمبر 2017، عندما كان المازوت 22.82٪ من الخليط". ولفتت إلى أن حكومة الانقلاب بمصر أعلنت عن خطة لتقنين الكهرباء؛ وقالت لاحقا إنها "ستشمل كمية المازوت التي ينبغي استخدامها في محطات الطاقة". وأظهرت بيانات من مبادرة بيانات المنظمات المشتركة "جودي" أن الطلب على زيت الوقود في مصر بلغ أعلى مستوياته في أربع سنوات عند 135 ألف برميل يوميا في سبتمبر. وأردفت ، كما ارتفعت شحنات زيت الوقود من روسيا إلى مصر هذا العام، لتصل إلى 2.17 مليون برميل في يونيو، وهو أعلى معدل سجلته بيانات الشحن حتى أبريل 2015. ولفتت رويترز إلى أنها كانت قد طرحت تساؤلا على وزيرة البيئة المصرية ياسمين فؤاد حول التأثير البيئي غير أنها قالت إنها "ليس لديها تفاصيل عن حجم الحرق ، لكنها أشارت إلى صفقات لتوسيع الطاقة المتجددة أعلنتها مصر أثناء استضافتها لمحادثات المناخ COP27 الشهر الماضي، واختتمت الوكالة بالقول ، فيما لم ترد وزارة الكهرباء المصرية على طلب للتعليق. وتمثل كارثة استخدام المازوت كثيف الكربون بمحطات توليد الكهرباء أخطارا جمة على المصريين، وعلى البيئة المصرية، في وقت استضافت فيه مصر قمة المناخ العالمية، وطنطن الإعلام بالقمة ودور مصر في الحفاظ على البيئة والمناخ العالمي. يشار إلى أن أغلب دول العالم تخلت عن استخدام المازوت في توليد الكهرباء، واتجهت نحو استخدام الغاز والطاقة النظيفة من أجل الحفاظ على الصحة والبيئة، ولكن في مصر باتت الأموال وتحصيلها أهم من صحة المجتمع وبيئته.
التوسع في التصدير وقد أغرى نقص إمدادات الطاقة من روسيا لأوربا، على إثر الحرب الأوكرانية الروسية، حكومة السيسي بالتوسع في تصدير الغاز لمصر وأيضا تحويل الكميات الكبيرة المسالة في محطات إدكو ورشيد إلى أوروبا لتحصيل الدولارات على حساب الشعب المصري، الذي بدأ يعاني الإظلام وغلاء أسعار الطاقة، على الرغم من تحقيق مصر الاكتفاء الذاتي من الغاز وتصديره للخارج وفق بيانات حكومة السيسي. ومؤخرا، فاجأت حكومة الانقلاب المصريين بدعوة عاجلة لضرورة ترشيد استهلاك الكهرباء، من أجل توفير الغاز المستهلك في الإنتاج لتصديره لأوروبا من أجل الحصول على دولارات. وقال رئيس وزراء الانقلاب مصطفى مدبولي، في 10 أغسطس الماضي إن "مصر ستبدأ قريبا في ترشيد الكهرباء المستخدمة في إنارة الشوارع والأماكن الرياضية، والمباني الحكومية، بالإضافة إلى رفع درجة حرارة أجهزة التكييف في مراكز التسوق، والهدف من ذلك، حسب قوله، هو ترك المزيد من الغاز متاحا للتصدير إلى البلدان التي تعاني من نقص الغاز الخاص بها". وأدى قرار روسيا بتضييق الخناق على صادراتها من الغاز الطبيعي إلى عجز عالمي كبير، في المقابل، وصلت أسعار الكهرباء في أوروبا إلى مستويات قياسية. ووفق تقديرات اقتصادية، فإن مصر بحاجة إلى السيولة النقدية أكثر من الغاز، إذ تعد مصر لاعبا ثانويا نسبيا في سوق الغاز، حيث لا يمكنها شحن أكثر من 3.2% من الطلب العالمي على الغاز الطبيعي المسال في ذروة الإنتاج.. وقدم النقص العالمي الأخير في الغاز مكاسب غير متوقعة في الأشهر الأربعة الأولى من عام 2022، كسبت مصر 3.9 مليار دولار من صادرات الغاز، وهو قدر مشابه لما كسبته في عام 2021 بالكامل. وفي يونيو ، وقعت البلاد صفقة مع إسرائيل والاتحاد الأوروبي لتعزيز صادرات الغاز مقابل 103 ملايين دولار من المساعدات الغذائية.
انتهاك البيئة المصرية من أجل الدولارات وعلى الرغم من استضافة مصر لمؤتمر لمناخ نوفمبر الماضي ، إلا أن مصر من أجل تحصيل الدولارات وتوفير الغاز للتصدير، تقوم حاليا بتحويل بعض محطات الطاقة للعمل على زيت الوقود بدلا من الغاز، على حد قول جاستن دارغين، الذي يدرس أسواق الطاقة في شمال إفريقيا في مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي، وينتج عن زيت الوقود تلوث الهواء وانبعاثات غازات الاحتباس الحراري أكثر بكثير من الغاز الطبيعي. وقال دراغين "هذا وقت عصيب بشكل خاص لمصر، بينما تحاول الالتزام بإصلاحات الاقتصاد الكلي التي حددها صندوق النقد الدولي، في الوقت الذي تبقي فيه على الخلاف الاجتماعي والسياسي المحتمل، الناتج عن مشاكلها الاقتصادية المتفاقمة ، وإن دعم احتياطياتها من العملات الأجنبية ليس مجرد قضية اقتصادية، بل قضية أمن قومي". وكانت حكومة السيسي قررت اقامة مباريات دوري كرة القدم والمسابقات الرياضية لتقام نهارا توفيرا للكهرباء، كما قررت تقليل إضاءة الشوارع والطرق العامة ، ورفعت أسعار استهلاك الكهرباء إلى أسعار عالية جدا، وألزمت المقار الحكومية بتوفير استهلاك الكهرباء، وهو ما أثار غضبا شعبيا، إذ أن الحكومة في الوقت الذي تطالب فيه المواطنين بالتقشف في استهلاك الكهرباء، تقيم الحفلات الغنائية للفنانيين في المناطق السياحية والتي تستهلك كميات غير متوقعة من الطاقة والكهرباء، كما تقيم الحكومة عواصم ومدنا ترفيهية تبتلع المليارات من استهلاك الكهرباء كما في العاصمة الجديدة والعلمين الجديدة، وهو ما يكلف ميزانية الدولة الكثير من الأموال والطاقة أيضا ، وهو ما يجعل دعوات الترشيد معيبة ولا تجد سبيلها للتطبيق، وتبقى صحة المصريين وبيئتهم في خطر انبعاثات المازوت الكربوني الكثيف من أجل صحة ودفء الأوربيين طلبا للدولار.