كشفت نقابات طب الأسنان والصيدلة والهندسة عن استفحال البطالة بين الخريجين في السنوات الأخيرة بسبب قرارات حكومة الانقلاب بوقف التعيينات وإلغاء التكليف خضوعا لإملاءات صندوق النقد الدولي . وقالت النقابات إن "كليات مثل طب الأسنان والصيدلة والهندسة، كانت في الماضي، ضمن الأحلام التي تراود كل طلاب الثانوية العامة لكن في عام 2022 أصبح شبح البطالة يطارد خريجي هذه الكليات". وطالبت بتدخل عاجل قبل تفاقم هذه الأزمة في حال استمرار الوضع على ما هو عليه.
المهندسين
من جانبها طالبت نقابة المهندسين وزارة التعليم العالي بحكومة الانقلاب، بتقليص أعداد الطلاب المقبولين في التعليم الهندسي إلى 25 ألف طالب ، وهو ما يعادل نسبة 5% من الناجحين في الثانوية العامة، محذرة من أن سوق العمل لن يستوعب هذا الكم الضخم من الخريجين. وشددت على ضرورة إنشاء نقابة للتكنولوجيين، لكي تضم خريجي الجامعات والكليات التكنولوجية على غرار نقابة التطبيقيين التي تضم بين أعضائها بعض خريجي التخصصات الهندسية الدقيقة. وأشارت النقابة إلى أنه ينضم 12% من إجمالي خريجي الثانوية العامة كل عام إلى التعليم الهندسي سواء الحكومي أو الخاص وأضيف عليهم مؤخرا التعليم الأهلي، وهو ما رفع النسبة إلى 9 مهندسين لكل ألف مواطن في حين أن النسبة العالمية هي مهندس واحد لكل 200 شخص، وذلك بسبب انضمام 40 ألف طالب إلى كليات الهندسة كل عام، في حين يجب ألا يتعدى عددهم 22 ألف طالب سنويا، أي أن هناك ما يقرب من 18 ألف خريج سنويا فائض عن السوق. وأوضحت أن عدد المؤسسات التعليمية الهندسية في مصر حاليا بلغ 122 مؤسسة، منها 30 كلية هندسة حكومية و15 كلية هندسة خاصة و62 معهدا خاصا و5 كليات هندسة بالجامعات الأهلية قابلة للزيادة، في حين لم يكن في مصر حتى عام 1960 سوى 5 كليات هندسة فقط، وجميعها كانت حكومية، ثم تم إنشاء 5 معاهد صناعية في شبرا والمنصورة وبورسعيد ومنوف والمنيا.
شبح البطالة
من جانبه قال المهندس خالد المهدي أمين عام نقابة مهندسين القاهرة السابق، أن السبب الرئيسي في زيادة أعداد خريجي كليات الهندسة هو انخفاض درجات القبول في الجامعات الخاصة، التي تصل إلى 65% في حين الكليات الحكومية تقبل من أكثر من 83%، وهو ما يدفع الكثير من الطلاب للالتحاق بالجامعات الخاصة بأعداد كبيرة أملا في تحقيق لقب «مهندس» . وأكد «المهدي» في تصريحات صحفية أن شبح البطالة يطارد المهندسين في هذه الفترة ، حيث إن فرص العمل لا تتعدى ال 12 ألفا سنويا، في حين أن الخريجين أكثر من 3 أضعاف هذا العدد مطالبا بألا يزيد عدد المقبولين عن 15 ألف طالب فقط سنويا، وألا يزيد الفارق في درجات القبول بين الكليات الخاصة والحكومية عن 5%. وأشار إلى أن الزيادة تأتي في تخصصات الهندسة المدنية والمعمارية، وهناك الكثير من المهندسين لا يجدون عملا، بالإضافة إلى أن معظم المهندسين العائدين من الخارج لا يجدون عملا مناسبا.
صيادلة
الأمر في القطاع الطبي لا يختلف كثيرا عن الهندسي، خاصة خريجي كليات الصيدلة الذين يصل عددهم إلى أكثر من 17 ألفا سنويا، بواقع صيدلي لكل 438 مواطنا في حين أن النسبة العالمية صيدلي واحد لكل 1600 مواطن. وكشف الدكتور جورج عطا الله عضو مجلس نقابة الصيادلة، أن عدد الصيادلة تجاوز 300 ألف صيدلي وهذا العدد يتجاوز 5 أضعاف عدد الصيادلة الذي يحتاجهم السوق المصري، وعدد الصيادلة الخريجين يتجاوز 17 ألف صيدلي رغم أن الاحتياج الفعلي 4 آلاف صيدلي. وقال عطا الله في تصريحات صحفية إن "أغلب الخريجين يلجأون لفتح صيدليات خاصة وهذا هو السبب في زيادة أعدادها". وطالب بتقليل أعداد المقبولين في كليات الصيدلة، والإعلان المسبق عن إلغاء تكليف الدفعات قبل دخولها الكليات، لكي يكون لهم حرية اختيار قرارهم، بدلا من الوقوع فريسة للبطالة. وطالب عطا الله ، بوضع تصور بين وزارة صحة الانقلاب وهيئة الدواء ونقابة الصيادلة ووزارة التعليم العالي بحكومة الانقلاب لتحديد نسب القبول بكليات الصيدلة، ووضع دراسة لتحديد نسب الخريجين بما يتوافق مع سوق العمل.
أطباء الأسنان
في قطاع طب الأسنان، تكشف الأرقام عن وجود بطالة كبيرة في هذا القطاع، خاصة أن نسبة الزيادة تصل إلى 11%، بالإضافة إلى سوء التوزيع حيث تستحوذ القاهرة الكبرى «القاهرة والجيزة والقليوبية» على ما يقرب من 40 % من إجمالي عدد أطباء الأسنان في حين تصل نسبة أطباء الأسنان في محافظات الدلتا أقل من 20%، ويصل عدد خريجي كليات طب الأسنان سنويا إلى أكثر من 8 آلاف طبيب، فيما يصل الإجمالي لما يقرب من 80 ألف طبيب أسنان بنسبة طبيب لكل ألف و500 مواطن، في حين أن النسبة العالمية هي طبيب لكل 7500 مواطن. حول هذه الأزمة أكد د. حسين عبد الهادي وكيل نقابة أطباء الأسنان، أن التعديلات الجديدة على نظام التكليف، ستجبر أولياء الأمور والطلاب الجدد على تغيير المسار، خاصة أن الوظيفة لن تكون مضمونة، مشيرا إلى أن السوق لا يستوعب أكثر من 3 آلاف طبيب سنويا، في حين أن أعداد الخريجين 3 أضعاف هذا العدد، بسبب زيادة عدد الكليات من 30 كلية عام 2015، إلى أكثر من 60 كلية حاليا. وقال عبد الهادي في تصريحات صحفية أن وزارة صحة الانقلاب بها 30 ألف طبيب يستخدمون 6 آلاف كرسي بواقع 5 أطباء أسنان لكل كرسي ، متوقعا أن تصل الأعداد إلى 140 ألف طبيب في كافة المستشفيات والعيادات بحلول عام 2027، إذا استمر الحال على هذا الوضع. وطالب بإعادة النظر في أعداد المقبولين في كليات طب الأسنان وتقليل أعدادهم بما يتناسب مع احتياجات السوق.